تعريف بعض المصطلحات المسرح

شاطر
 

  تعريف بعض المصطلحات المسرح

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
نبض الأمل

نبض الأمل

نوع المتصفح موزيلا

صلي على النبي

صل الله عليه وسلم


انجازاتي
لايتوفر على اوسمة بعد:  

 تعريف بعض المصطلحات المسرح Empty
مُساهمةموضوع: تعريف بعض المصطلحات المسرح    تعريف بعض المصطلحات المسرح Empty2011-02-10, 20:27


مشابهة الحقيقة. Vraisemblable وحسن اللياقة. Bienséance



إشكالية المصطلح وترجمته

يعتبر مفهوما مشابهة الحقيقة. Vraisemblable وحسن اللياقة. Bienséance
مركزين في النظرية الجمالية الكلاسيكية سواء تلك التي تؤول مباشرة لأرسطو
الذي يرى " أن أسوء الخرافات والأفعال البسيطة، أحفلها بالحوادث العارضة.
وأعني بالخرافة ذات الحوادث العارضة تلك التي تتولى فيها الأحداث العارضة
على غير قاعدة الاحتمال والضرورة"
أم تلك التي تقررت في النظرية الكلاسيكية للقرن السابع عشر. ونشير إلى صعوبة ترجمة المفهوم الأول
Vraisemblable بين المحتمل probable وبين مشابهة الحقيقة، وقد تعرضت صاحبتا المعجم المسرحي إلى ذلك في قولهما " أصل كلمة Vraisemblable الفرنسية و verisimilitude الإنجليزية منحوت من الكلمتينsimili اللاتينيتين التي تعني الحقيقة، و vertus التي تعني
المشابهة. في اللغة العربية. قدمت ترجمات مختلفة لهذا المصطلح منها "
مشابهة الحقيقة" و"مشابهة الطبيعة" و" محاكاة الواقع الاحتمالية" كما أضيف
إليها أحياناً تعبير " على مقتضى الرجحان" و"الضرورة" و"مقتضى الاحتمال
والضرورة"، وهذا ما ورد في مختلف ترجمات " فن الشعر" لأرسطو.


وترجمة مشابهة الحقيقة حرفية له. إضافة إلى الإشكال الاصطلاحي لمفهوم يبدو في دلالته غير متواطئ équivoque بالنظر للتأويلات التي أعطيت له، لاسيما وهو يؤول إلى أرسطو الذي يورد " من البديهي أن لا يدور أثر الشاعر حول ما وقع بل حول ما يمكن أن يقع. أي حول الممكن تبعاً للضرورة أو مشابهة الواقع." كما أنه أصبح القاعدة التي قامت عليها الوحدات الثلاث في المسرح الكلاسيكي في القرن السابع عشر. إذ بالنسبة لكثير من المنظرين يكون من الضروري أن تبدي المسرحيات أحداث محتملة Vraisemblable
فالحقيقي هو موضوع دراسات المؤرخين. بينما المحتمل يدخل في نطاق إبداع
الشعراء والمسرحيين. " ولهذا كان الشعر أوفر حظاً من الفلسفة وأسمى مقاما
ًمن التاريخ، لأن الشعر بالأحرى يروي الكل بينما التاريخ يروي الجزئي."


ولقد نص بوالو Boileau على أن " الحقيقي " يمكن أن لا يكون أحياناً محتملاً " هذا الاحتمال لا يلغي تدخل الخارق surnaturel
" تدخل الآلهة مثلا ". وعليه فإن على الشخوص المسرحية أن تتحرك طبقاً
للصورة التي يرسمها لها المتفرج. كما أنه من الأهمية أن يُحترم التاريخ
المعروف للجمهور. وهذه المصداقية تحيل على هدف
المأساة الكلاسيكية. وبما أن للمسرح وظيفة أخلاقية، كان على المتفرج أن
يطهر سلوكاته عبر الأمثلة التي تعرض عليه في المسرح. غير أنه إذا لم تحضر
المصداقية فإن المتفرج لا يمكنه التوحد بتطهر الحالات التي يعاينها على
الخشبة. فالمتفرج عليه أن يُمسّ. و بهذا فإن مبدأ الاحتمال ( مشابهة
الحقيقية ) يرتبط بمفهوم أخلاق
هو نفسه يبقى إشكاليا في تاريخ النظريات الجمالية ألا وهو حسن اللياقة
Bienséance. .


يورد أنتوان دي ريفالو . Antoine de Rivarol بأن ثمة عالمين يشكلان موضوع تأمل الفلاسفة ذاك الذي ينتمي لمخيلتهم أين يبدو الكل مشابه للحقيقة vraisemblable دون أن يكون حقيقياً. وذاك الذي ينتمي للطبيعة أين الكل حقيقياً لكن دون أن يبدو مشابهاً للحقيقة. Antoine de Rivarol.

والحقيقة نفسها كما يورد معجم بول فولكيPaul Foulquié نوعان : الحقيقة المنطقية التي يطابق بمقتضاه الفكر أو اللغة Logos موضوعَه.
والحقيقة الأنطلوجية حقيقة الكائن أو الشيء في مطابقته الفكرَ. وهناك
حقيقة تتشكل في مطابقة ما له طبيعة الحقيقة نموذجَه المثالي، أو نمط نوعه


وهو ما ورد في معجم جميل صيلبيا في المفهوم الثاني للحقيقة " والثاني مطابقة الشيء لصورة نوعه، أو لمثاله الذي أٍُريد له.

فالحقيقة
بهذا المعنى هي ما يصير إليه حق الشيء ووجوبه، تقول: لايبلغ المؤمن حقيقة
الإيمان حتى يصيب إنسانا بعيب هو فيه، يعني خالص الإيمان وكماله، تقول أيضا
" هذه الصورة مطابقة للحقيقة، تريد بذلك أنها قد بلغت الغاية في تعبيرها
عن الشيء."
وهذه الحقيقة الأخيرة هي في رأينا المقصودة بمفهوم مشابهة الحقيقة أو مطابقتها. وهنا نكون أمام إشكالية اصطلاحية بامتياز وإشكالية ترجمة وهو ما يضاعف من التباسها




مشابهة الحقيقة وحسن اللياقة في الجمالية الكلاسيكية



يعتبر معيار مشابهة الحقيقة أو مطابقتها Vraisemblable ومعيار حسن اللياقة Bienséance
مفهومين جماليين في النظرية الأدبية الكلاسيكية التي برزت بشكل أقوى في
القرن السابع عشر مع المسرح الفرنسي، والتي تؤول إلى أرسطو، وقد ميزت
بالخصوص المسرح الكلاسيكي الفرنسي الذي فك ارتباطه مع المسرح الباروكي.
نسبة إلى الباروك الذي يعني كل ما هو غير منظم بشكل غريب بالمعنى المادي
والأخلاقي. وقد تجسد في كل الأنواع الأدبية والفنية والمعمارية بل
والسلوكية ، والأزياء وغيرها.


نشأ المسرح الكلاسيكي في القرن السابع عشر في عمومه على قواعد صارمة تتمحور حول الوحدة التي حددها بشكل دقيق بوالو Nicolas Boileau (1636- 1711م) في أنشودته الموسومة بالفن الشعري L’Art poétique في الوحدات الثلاثة: وحدة الحدث، ووحدة المكان، ووحدة الز .

Qu'en un jour, qu'en un lieu, un seul fait accompli / Tienne jusqu'à la fin le théâtre rempli. "

تنهض هذه الوحدات التي ميزت المسرح الكلاسيكي على قاعدة مشابهة الحقيقة vraisemblance. La
وحسن اللياقة. وقد فك بذلك المسرح الكلاسيكي لاسيما الفرنسي في القرن
السابع عشر ارتباطه بالمسرح الباروكي الذي ساد في القرن السادس عشر منطلقا
من إيطاليا ليعم أوروبا. وقد انتظم فيه بعض الكلاسيكيين الكبار ومنهم
كورناي و موليير في مسرحية دون جوان. كما سبق أن ظهر عند
شكسبير في بعض مسرحياته من بينها مسرحية " هاملت " ومسرحية " روميو وجولييت"


نشأ
المسرح الباروكي على منظور جمالي يعتمد عدم مشابهة الحقيقة وعلى المفارقة،
ذلك أن الحقيقة في هذا المنظور لها أكثر من وجه. وكما توحي كلمة باروك
نفسها المأخوذة من الإيطالية
« barroco » والتي
تعني الشكل غير المنظم.(جوهرة حجرة شكلها غير منظم). إذ يحيل الباروك من
الوجهة الاصطلاحية على حجرة كريمة متعددة الأوجه. فكثير من الآثار تحمل شتى
أشكال التقعير
mises en abyme.
كما حدث عند شكسبير لاسيما في مسرحيته "هاملت " في مشهد تشخيص الفرقة
بإيعاز من هاملت جريمة قتل الملك أب هاملت بخيانة أم هذا الأخير وعمه. وهو
مشهد تقعيري يشعر المتفرج بالدوخة إذ يتوحد الإيهام بالحقيقي. ومنها مسرحية
كورناي الوهم المضحك
L’Illusion Comique التي لا تتحدث إلا عن المسرح من خلال شخوصها. هذه المسرحية تستدعي أيضاً الأنواع الأدبية السائدة في القرن السابع عشر.


بخلاف
الجمالية الكلاسيكية تقوم الجمالية الباروكية على الحركة وعدم الثبات
والتضاد، ونقض الأطروحة. فالشخوص الباروكية في عمومهم شخوص هوائيون متقلبون
في أمزجتهم ومشاعرهم.


وعليه،
يغرقنا الفن الباروكي في الابتذال والتهتك والحدة المفرطة. أما خطابه
فيتعلق بالمشاهدة أكثر من السمع، إذ يتعلق الأمر بعرض واستدعاء الصور من
خلال الإجراءات البلاغية للوصف المؤثر
le procédé rhétorique de l’hypotypose. ففي الوقت الذي تتغيا الجمالية الكلاسيكية البحث عن الوحدة، يستهدف الباروك التعددية منصرف ذوقه
إلى التكثيف. مانحا وجهان لعملة واحدة. ذلك أن الحقيقة في المنظور
الباروكي غير منفصلة عن الكذب والبهتان. كما الواقع بالنسبة للحلم وكما
الحياة مع الموت.


وقد مثلت التراجيكوميديا
نوعا من المسرح الباروكي وهو: "نوع درامي ظهر خلال العقود الأخيرة من
القرن السادس عشر، وعرف تطوراً ملحوظاً خلال النصف الأول من القرن السابع
عشر، ويتميز هذا النوع بطابعه الكروتسكي
Grotesque

الذي يعكس خصائص فنية تعبر عما يسمى بالجمالية الباروكية، أي الجمالية
المرتبطة بالعصر الذي يقع بين عصر النهضة والعصر الكلاسيكي. وإذا كان
المظهر البارز لهذا النوع هو ما توحي به التسمية نفسها من مزج بين
التراجيديا والكوميديا. فإن البعد الأعمق يكمن في كون التراجيكوميديا مسرحا
غير نظامي، وملجأ للكتاب الذين رفضوا ضغط القواعد."
.
ويرى حسن يوسفي أن التراجيكوميديا شكلت موقفا نقدياً إزاء صرامة القواعد،
أما مزجها بين نوعين أحدهما هازل والآخر جاد، فكان تمرداً على صفاء النوع،
سمح للكاتب بالتصرُّف الحر، وبذلك حققت ثلاثة رهانات:{الفرجوي ـ المفاجئ ـ
المثير للعاطفة}
.


لقد
شكلت العودة إلى مبدأ مشابهة الحقيقة الأرسطي مع بوالو مسرح العصر
الكلاسيكي في القرن السابع عشر باعتبارها رد فعل أمام هذا المد الذي جسده
الفن الباروكي والأدب الشعبي مع بيتير شوندي في انجلترا والذي استوحى منه
ديدرو فيما بعد روايته الشهيرة التقعيرية " جاك القدري ومعلمه" "
Jack le fataliste et son maître" وكذا رابلي Rabelais الذي كان أدبه موضوع أطروحة ميكاييل باختين عن الأدب الكرنفالي وتعدد الأصوات والخطابات.


تبدو
مشكلة حسن اللياقة أكثر غموضاً.إذ يتعلق الأمر بربط المسرح بذوق الجمهور
المتداول في بحر القرن السابع عشر. وهو يفترض صفاء بالغا، فآذان النساء
الأكثر رهافة. عليها أن تتلقى أشياء دون أن تُخدش أسماعها.


"يتميز حسن اللياقة عن اللياقة La convenance
في كون هذا الأخير يتمثل في مطابقة أفعال الشخصية وحديثها مع حقيقتها.
فالإمبراطور الروماني عليه أن لا يعبر كما يفعل شاب عاشق من القرن السابع
عشر. فكل شخصية إلا ولها لغتها الخاصة. فالطموح والرغبة الشديدة لا يعبر
عنها بالنبرة ذاتها كما الغيرة أو الحب المرهف. وكذا البطل التراجيدي له
لغته وسلوكه المختلف عن البطل الروائي."
[10]


وعليه،
لا يمكن باحترام هذا المعيار تشخيص العنف المفرط على الركح أمام المتفرج.
وقد عبر عن ذلك بوضوح المقطع التالي من مسرحية فيدر لراسين:


مالا ينبغي مشاهدته. يمكن للحكي أن يعرضه علينا.

لكن الأعين حين تراه يكون إداركه أوضح.

غير أن ثمة موضوعات على الفن الرفيع

عرضها تجعل السمع أبلغ من الرؤية.

بالحذر
من الأسماع المرهفة التي لا يجب أن تخدش تم إبعاد الكلمات السوقية
والمنحطة. كما أن وظائف الجسد من أكل وشرب ونوم وشخير ونحو ذلك كان يمثل
عرضه على الخشية مساً بالذوق. باستثناء الفارس.الذي يبقى فنا متحرراً.


لقد أدى بعد 1960 هذا المعيار الذي أصبح هم المؤلفين بكورناي Corneille إلى مراجعة مسرحياته ، فاستدعى منه ذلك حذف أو تعديل بعض الأبيات حين أعاد نشر كل مسرحياته.

ما يوحد إذن المفهومين هو المطابقة Le conforme ، مطابقة الحقيقة بالنسبة للأول، ومطابقة حسن اللياقة بالنسبة للثاني.

من
هنا كان من اللازم الوعي بالنسبية التي يضعاننا إياها المفهومان. نسبية
الحقيقة التي أدت بصاحبتي المعجم المسرحي إلى القول " والواقع أن هذا
المفهوم لا يوجد بالمطلق، طالما أن الحقيقة ليست مطلقة، وطالما أن الواقع
لا يتم دائما بأسلوب واحد. لذلك فإن وجوده يرتبط بأعراف فكرية وفنية بين ما
للعمل ومتلقيه. للدخول في العالم الخيالي للعمل."


تعدى تمركز الملكية التي تأكدت من 1630 تحت سلطة ريشوليو Richelieu أولا ثم مازاران Mazarin.
ولويس الرابع عشر بعده الإطارَ السياسيَ لتمس الميدان الثقافي، إذ بلور
الباحثون والمهتمون بالشأن الأدبي جمالية مؤسسة على قواعد صارمة أدت بالنقد
المعاصر لهم إلى تمثل الكلاسية بشكل مختزل، واحترام القواعد التي تسمح
بإنتاج الإبداعات وفقا للذوق المستوحى من نماذج الفن القديم الموسوم بالمعيار ومشابهة الحقيقة
la mesure et la vraisemblance
]




مشابهة الحقيقة وحسن اللياقة في المنظور الجمالي الأرسطي والمنظور الكلاسي في ق17م



وعليه
يمكن البحث في علاقة المفهومين بالعصر. فأرسطو الذي يؤول إليه المفهومان
كان يحتكم إلى قواعد استقرءها من المسرح اليوناني الذي اكتملت معالمه في
القرن الخامس قبل الميلاد، أي قبيل كتاب فن الشعر بقرن من الزمن. أي بعد أن
اختفت المآسي الرائعة التي وجدت نماذجها البهية في أعمال إسخيلوس،
وسوفكليس، ويوربيدس والحال نفسه مع الملهاة مع أرسطوفان. وإن كان أرسطو ما
وصل منه يتعلق فقط بالمأساة.


كانت
نظرية أرسطو جمالية بامتياز تستحضر بنية العمل المسرحي وقواعده بالتركيز
على الجانب الدرامي أي النص المكتوب. فالمأساة عليها أن تهتم بالفعل
بالحبكة، إذ إن الشخصية لا تحتل موقعاً أوليا إلا باعتبارها منفذة للفعل
الذي يجب أن تتحكم فيه قواعد النظم الداخلي الذي يحدده أرسطو بالحبكة
PLOT : INTRIGUE وذلك على عكس الملهاة التي تحتل فيها الشخصية المقام الأول لاستهدافها الطباع.
ويعلل
أرسطو ذلك بقوله:" وفقاً للترجمة عبد الرحمن بدوي بخصوص أجزاء المأساة:
"وأهم هذه الأجزاء تركيب الأفعال، لأن المأساة لا تحاكي الناس، بل تحاكي
الفعل والحياة"
.


وعليه، فإن قاعدة مشابهة الحقيقة لا تتعلق إلا بالمأساة وتعنى مطابقة الحبكة الحقيقةَ الفنيةَ وفقا لمبدأ الاحتمال اللائق convenable le ووفقا لمبدأ الضرورة La nécessité، والممكن le possible والواقعي le réel والإيهام l’illusion والمصداقية crédibilité، وكلها مفاهيم لها ظلال فلسفية.

يورد باتريس بافيس في معجمه بخصوص ذلك مايلي.". يرتبط مفهوم مشابهة الحقيقة بمختلف التحديدات الأخرى والتي ترصد نمط وقوع الأحداث. منها الحقيقي. Le vrai ، والممكن، والضرورة، والعقلي، والواقعي. ذلك
أن الشعراء في منظور أرسطو غير معنيين بسرد حكاية وقعت فعلا، بل هم معنيون
بما يمكن أن يقع." يقول أرسطو: " وواضح كذلك مما قلناه أن مهمة الشاعر
الحقيقية ليست في رواية الأمور كما وقعت فعلاً، بل رواية ما يمكن أن يقع.
والأشياء ممكنة : إما بحسب الاحتمال
Vraissmblance، أو بحسب الضرورة."


وعليه،
فإن الداماتورج الدراماتورج ( يقصد كاتب النص الدرامي) لاتهمه الحقيقة
التاريخية بقدر ماتهمه مطابقتها ومصداقية ما ينتج عنها" وبه يتمايز المؤرخ
عن الشاعر الدراماتورجي الذي باختياره ـ كما يورد بافيس ـ العام والنمطي
يختار التوقع عن الحقيقة التاريخية القائمة.


أما بالنسبة للمفهوم الثاني فحسب المعجم العالمي الأدبي فإن مصطلح حسن اللياقة BIENSÉANCE كلمة منحوتة من مفردتين: bien et de séant حسن ولائق: «être convenable» صفة ورد استعمالها في الفرنسية في عمل رابلي Rabelais الموسوم ب " الشره" Gargantua
و قد ظهرت في أواخر القرن الحادي عشر، أو بداية القرن الثاني عشر، في
أنشودة رولان. وتفيد خاصية من هو لائق أو من يستجيب لأخلاق عصر ما أو مجتمع
أو وسط وينضبط للسلوك العام ويحترم معاييره.


أما في
شعرية المسرح الفرنسي في القرنين السابع والثامن عشر. فتعني ـ مفردة أو
جمعاً ـ ما يعتبر محتشما من حركات وأقوال في الآثار الدرامية، ومطابق
لقواعد الحياء والأدب والذوق. وقد غدا حسن اللياقة هذا إحدى قواعد المسرح
الكلاسي الفرنسي. وفي الأعم يتداخل مع المصطلح مبدأ
مشابهة الحقيقة vraisemblance . وهما كما تورد صاحبتا المعجم المسرحي " قاعدتان نسبيتان لهما علاقة بالأعراف الأيديولوجية، والاجتماعية في زمن محدد".


كانت
كلاسية القرن السابع عشر رد فعل ضد الأسلوب الباروكي والأدب الكرنفالي
الهامشي الذيلا تجسد في أعمال بيتير شوندي الإنجليزي ورابلي الفرنسي، حيث
ساد الذوق الشعبي، وعم الأدب والفنون محطما كل القواعد التي رفضها الذوق
الأرستقراطي الذي عم مع حكم لويس الرابع عشر، وكانت القواعد التي عبر عنها
بوالو فهما معاصراً لمنظور أرسطو وشراحه لاسيما هوراس في كتبه فن الشعر.
فهم يجاري الإنقلاب الذي أحدثه حكم لويس الرابع عشر الذي زج بالمجانين
والمعتوهين. (راجع بالخصوص ما كتبه ميشال فوكو في تاريخ الجنون) وكانت
سياسته تشذيبا للحياة وتركيزا لأخلاقية الأرستقراطية، وتنقيتها وقد تجلى
ذلك بنزع الألقاب على نبلاء الثوب أو الألقاب أو النبالة المثقفة
les nobles de robe .
وهو ما استدعى من لوسيان كلدمان تأويل ذلك برؤية العالم المأساوية التي
عبر عنها أدب راسين الذي يتناول منه أربع مسرحيات في كتابه : الإله الخفي"
هي تباعاً أندروماك، وبريتانيكوس، وبيرينيس، وفيدر. متضافرة مع الجنسينيزم
التي انطوت عليها " خواطر" باسكال.


إن حسن اللياقة كان عنوانا لأيديولوجية العصر وروحه air du temps عصر النقاء واللياقة العليا في الهندسة والسلوك la galanterie.
وكان تعبيرا واضحا على رد الفعل ضد الفوضى الباروكية.بينما الأمر مختلف في
التراث الأرسطي الذي كان يحاول فهم وعقلنة التفكير الأدبي انطلاقاً من
مسرح استضمر الروح الديونيزيوسية الشعبية وأخضعها إلى النظام الأبولوني.
كانت مشابهة الحقيقة وحسن اللياقة نظاما بنيويا في التراجيديا تعبر عن روح
التعقل الذي سادت في عصر أرسطو. عصر الفلسفة والبلاغة والمنطق.


يرجع
بافيس أصول مصطلح حسن اللياقة إلى أرسطو، فأرسطو يميز الأخلاق اللائقة في
كون سلوك البطل يجب أن يظل مقبولا، وأن تكون الأحداث الأخلاقية والوقائع
التاريخية
محتملة الوقوع. كما لا ينبغي أن يظهر الواقع في صوره المبتذلة واليومية، من ذلك يجب إبعاد تمثيل العنف والموت.


ويسوق بافيس تمييز شيرير J.Schere حسن اللياقة عن ما يشبه الحقيقة Vraisemblable، ـ وهي ترجمة حرفية للمفردة الفرنسية التي أضحت موضوعا لنقاشات عديدة لعل أبرزها تخصيص مجلة communication n 11 .1968
له ـ في كون هذا الأخير يعتبر طلباً وحاجة عقلية، فلكي يتحقق الانسجام بين
عناصر المسرحية يطلب نفي العبث والاعتباط عنها، أو على الأقل ما يعتبره
الجمهور كذلك. بينما حسن اللياقة مطلب خلقي، يفرض أن لا تصدم المسرحية
الذوق والقيم الخلقية أو الأحكام القبلية للجمهور.


وبمعنى
آخر يطابق المفهوم في نظر بافيس بمعنى من المعاني إيديولوجية عصر ومنظوره
القيمي. هذا المنظور قد لا يتماثل ضرورة مع منظور عصر سابق له. و بهذا فإن
حسن اللياقة تمثل باعتبارها صورة يصطنعها العصر لنفسه ويرغب في إيجادها في
إنتاجاته الفنية.




العلاقة بالمتلقي والمصداقية:

أما مبدأ الاحتمال أو مشابهة الحقيقة Vraisemblable فيقوم
على الفرق بين الحقيقي والمحتمل. فالمحتمل ما نحكم عليه بأنه ممكن الحدوث
ولا يأتى حكمنا إلا من خلال أفكار ناتجة عن تجاربنا العادية. وهذا ما يجعل
الحقيقي أكثر اتساعاً من المحتمل. فهذا الأخير يظهر وكأنه جزء صغير من
الحقيقي، ويتطابق في الغالب بتجاربنا، فإذا كان الحقيقي لا يحتاج إلى دلائل
لإثباته، بما أنه بديهي ويمكن أن يوجد وأن يظهر، فإن المحتمل بالعكس يحتاج
إلى إثبات لكونه يتعلق بأفكارنا المشتركة. وبما أننا نحتاج دوما إلى إثبات
وتأكيد منطقي لما هو ممكن بشكل غير محدود فإننا لا نقبل ما هو ممكن إلا
إذا لمسنا تشابهه مع ما نعرف.


بينما
في المسرح ـ ونظراً لكون كل ما فيه مختلق ومصطنع ـ فإن على المحتمل أن يحل
محل الحقيقي. وهذا يلزم عنه الاحتفاظ بالمحتمل في الأحداث وفي الطبائع على
السواء.


وقد
ورد المفهوم في موسوعة إيكيبيديا ضمن قانون الوحدات الثلاثة الكلاسيكي وقد
جاء فيه: "من الضروري للكثير من المنظرين أن تبدي المسرحيات أحداث محتملة
vraisemblables. فالحقيقي هو موضوع دراسات المؤرخين، بينما المحتمل يدخل في نطاق إبداع الشعراء والمسرحيين. ولقد نص بوالو Boileau على أنه يمكن أن لا يكون الحقيقي أحياناً محتملاً. كما أن الاحتمال لا يلغي تدخل الخارق surnaturel مثل تدخل الآلهة.


وعليه،
فإن على الشخوص المسرحية أن تتحرك طبقاً للصورة التي يرسمها المتفرج لها.
وعلى أحداث المسرحية أن تحترم التاريخ المعروف للجمهور لكي تتحقق المصداقية
التي تحيل على هدف المأساة الكلاسيكية. وبما أن للمسرح وظيفة خلقية كان
على المتفرج أن يُطهر سلوكاته عبر الأمثلة التي تعرض عليه في المسرح. أما
إذا لم تحضر المصداقية فإن المتفرج لا يمكنه التوحد بالحالات التي يعاينها
على الخشبة


وقد جاءت ترجمة vraisemblance
في المعجم المسرحي بمشابهة الحقيقة وهو "مفهوم جمالي عام يرتبط بكل الفنون
والآداب التي تقوم على محاكاة واقع ما. وهو يرد خاصة عندما يتعلق الأمر
بتنظيم شكل وامتداد وبنية العمل الأدبي والفني، بحيث يكون مقبولا للعقل
البشري ويحمل نوعاً من المصداقية
crédibilit"
[ فالمؤلف الدرامي يرتب الأحداث بشكل تبدو معها مترابطة منطقياً وفق مبدأ الضرورة، خاضعة لقوانين تسجل الواقع بشكل عادي.


يتناول جيرار جونيت مشابهة الحقيقة vraisemblance Vraisemblable فيرى بأن "المشهد
لا يؤدي مطلقاً الأمور كما هي، وإنما كما ينبغي أن تكون" فمنذ أرسطو بتنا
نعلم أن موضوع المسرح لا يتعلق بما هو حقيقي ولا بما هو ممكن بل بما بشبه
الحقيقة
vraisemblance. مع الميل بين توحيد هذا الأخير بما ينبغي أن يكون
." ويرجع جيرار جونيت إشكالية المصطلح إلى تداخله بحسن اللياقة وهو ما يوجد الالتباس الذي منشؤه دلالة لفظة devoir التي تحمل دلالتين الفرض والاحتمال.




مشابهة الواقع وحسن اللياقة وسر أوديب:



ويرتبط
بمبدأ الضروروة وله دخل كذلك على مستوى التمثيل. فإذا كنت مثلا مكان هذه
الشخصية ماذا كان علي أن أفعل إلا فعلها الذي أقدمت عليه. فالفعل يجب أن
يوافق الأعراف المعترف بها حتى يأخذ الفعل مصداقيته. ولكنه لا يمنح صفة مشابهة الحقيقة إلا إذا تعلق السؤال لا بأن أفعل ما فعلته أو ما بدا لي معقولا وموافقاً لانتظاراتي وإنما أنه ليس ثمة
بد من ذلك، أي ليس هناك مخرج آخر لي إذ لا وبد أن أساق إلى هذا الفعل. فما
عساه أوديب أن يفعل . إنه المأزق الذي يشكل عمق المأساة التراجيديا
الإغريقية مثلا بالنسبة لأرسطو. وهو ما يمنح فعل الشخصية مصداقية.


ونحن
نتكلم هنا عن نوع مسرحي لا يهتم بطباع الشخصية وإنما بأفعالها كما علمنا
أرسطو. فلو لم يستمر أوديب في كشفه الحقيقة هل كان يحوز احترامنا؟ هل كان
سيكون بطلا مأساوياً. إنه يساق إلى الفعل سوقاً لكنه غير مجبر على فعل ذلك،
أو لنقل أنه مجبر ومخير. فهو مجبر لكونه شخصاً غير عادي إذ عليه أن يتحمل
مسؤوليته بنوع من الالتزام، أو إلزام الذات حسب ما تمليه الإرادة عليه حتى
وإن لم تكن متخارجة عنه، وفي الوقت ذاته تلزمه هذه الإرادة على أن يختار
لكن بنوع من المسؤولية.


إنه
اختيار وجودي بمفهوم الفلسفة الوجودية الوجود في ذاته والوجود من اجل
ذاته. وهنا تكمن عمق المفارقة. لا يكون البطل بطلا مأساويا إلا إذا اختار
ما يجب عليه أن يختاره لكي يكون بطلا حقيقيا في أعيننا وفي أعين نفسه. وذلك
بأن يذهب إلى مصيره المأساوي ومواجهته، عليه أن يكتشف الحقيقة ويكشفها. أن
يستمر إلى نهاية اللعبة ومنتهاها، وأن يتمم رهانات الحبكة المؤساوية. وهذا
شأن الأبطال المأساويين يقادون إلى مصائرهم غير مجرورين وإنما مجبرين بقوى
ليست دائما خارجة عن إراداتهم. إنهم يعيشون تفاصيل المأساة كاملة في أبهى
صورها إطلاقاً.
ولعل هذا ما قصده أرسطو وهو يشير إلى الفرق بين الشعر والتاريخ: "وأعني ب(الكلي) أن هذا الرجل أو ذاك سيفعل هذه الأشياء أو تلك على وجه الاحتمال والضرورة."

لو لم يتصرف هكذا سيفقد احترامنا واحترام نفسه ولن يكون بطلا مأساويا. فليس
من حسن اللياقة أن يفعل غير ما فعله. فهو مشدود على أعراف سابقة عنه
وكأنما هناك عيونا تراقبه من بعيد وإرادة مشتركة متعالية عنه، وأخرى محايثة
نابعة من وجوده تتضافران لتدفعه إلى مصيره المحتوم.



فأوديب
الذي كشف سر أبي الهول واستطاع أن يتغلب عليه. كان عليه أن يستمر في عملية
الكشف فالأحرى والأجدر والأنسب أن يكشف عن سره هو، وأن يواجهه ويتغلب
عليه. والسران متعالقان لارتباطهما بالإنسان:



ـ السر
الأول يتعلق بالوجود الطبيعي أن يمشي الإنسان على أربع حين يحبو، وعلى
اثنين حين يستوي، وعلى ثلاثة حين يحمل ثقل الزمن. لقد أحكمت القبضة على
أوديب من كل الجهات .



ـ
وأما السر الثاني فيتعلق بالوجود الثقافي، فهناك ثمة خرق سافر له ولسننه.
خرق لحسن اللياقة لا يداوى إلا بفعل آخر هو حسن اللياقة نفسها الذي دفع
بأوديب بأن لا يتجاهل حقيقته، وأن يستمر في البحث عنها وكشفها رغم إحساسه
بخطورتها. وكانت نهايته مسايرة لمبدأ مشابهة الحقيقة ذاتها.



فأوديب
لم يقتل نفسه ولم يجن . بل اختار مصيرا آخر رمزيا فقأ عينيه. العينان التي
لم ترايا ما كان الأجدر بهما أن ترياه . من هنا تجسد الفعل مشابها للحقيقة
من جهة الضرورة والاستلزام، لكن حسب قواعد الفعل اللائق الذي تمليه وضعيته
بصفته بطلا أسطورياًُ. أي من جهة حسن اللياقة وما هو لائق
ce qui est convenable هذا الإحساس العام المشترك التي تولده الأحداث فينا هي ما يمنح الفعل مصداقيته crédibilité. وبه يرتبط مبدأ مشابهة الحقيقة لا بمسألة الضرورة nécessité وحدها. وإنما بمسألة أخرى هي الاستلزام l'implication
ببعدها المنطقي الذي يساير سياق الحدث في تنظيم الحبكة التراجيدية.



أما
المحتمل فهو متعدد من الناحية الموضوعية، متعدد من خلال تعدد الإمكانات
التي توجد أمام البطل. الذي عليه أن يختار ما هو واجب عليه مسايرة لأفق
توقعاتنا وانتظاراتنا. دون أن يتخلى عن موقعه




حكاية أوديب
ولنعيد
تشكيل حكاية أوديب. وهي التراجيديا الأكمل ونحن نعلم أن أرسطو التمس أسس
نظريته من النماذج المكتملة السابقة بقرن من زمن مؤلفه. ونسأل مرة أخرى هل
كان لأوديب الخيرة من أمره أن يفعل غير ما فعله بأن لا يستمر في كشف
الحقيقة؟ وأن يتغاضى عنها بالرغم من إحساسه المفجع بها، وهي تتمرأى له في
العقاب الذي طال غيره من أهل طيبا وهي تتهاوى بفعل الطاعون. فهل من حسن
اللياقة أن يخرج البطل عن طبعه ليتصاغر في أعيننا وفي نظر نفسه. وكأن ثمة
إرادة تراقب كل أفعاله.



هل يستطيع حتى ولو فعل أن يدعي عجزه عن كشف الحقيقة وهو الذي استطاع أن يفك لغز أبي الهول؟


وفي سياق الحدث نفسه رؤيا الملك تشكل ما يطلق في البلاغة العربية بالإرصاد. والإرصاد
" الانتظار والإعداد، يقال: أرصدته إذا قعدت له على طريقه أترقبه.
والإرصاد: هو أن يجعل قبل العجز من الفقرة أو البيت ما يدل على العجز، إذا
عرف الروي. ويسمى : التسهيم" وهو مأخوذ من الثوب المسهَّم، وهو الذي يدل
أحد سهامه على الآخر. الذي قبله لكون لونه يقتضي أن يليه مخصوص به لمجاورة
اللون الذي قبله...




وسماه
جرمانوس فرحات بقول:التسهيم هو أن يستدل السامع على قافية البيت قبل أن
ينتهي إلى الروي. والدلالة تدل على عجز البيت. تارة على مادونه. والنتيجة
أن يتقدم من الكلام ما يدل على ما يتأخر منه تارةً بالمعنى وتارة باللفظ."


فالاقتضاء
والإلزام أن يتم الحدث كما تم الإنباء به. ألا ترى أن القرآن الكريم أنبأ
بنهاية قصة يوسف في رأياه. فكذلك رؤيا أب أوديب. فمن حسن اللياقة أن لا
يخرق أفق انتظار المتلقي. وهذا مبدأ جمالي عام في النظريات الكلاسيكية قبل
التحولات والإبدالات التي طرأت لاسيما في القرن العشرين.


فالضرورة تقتضي أن تستمر المأساة إلى منتهاها. مع استبعاد المصادفات إلا ما كان محتملا ويقبله العقل ومنطقيا Raisonnable ، ويمكن أن يخضع للتبرير motivation
والإمكان من ذلك التقاء أب أوديب بابنه صدفة في ملتقى الطريق وقتل هذا
الأخير له لأن له فورة الشباب، ولأنه يجهل حقيقة الأب ولأنه مدفوع إلى ذلك
حسب الضرورة التي تقتضيها الرؤيا.




لغز أبي الهول

يمكن
أن نناقش العلاقة بين لغز أوديب ولغز أبي الهول فهما يرتبطان بالإنسان
وحقيقته. وفي ذلك تتجلى المفارقة التي تتكثف حولها العقدة. عقدة أوديب
وعقدة الحبكة. فالمفارقة أن يستطيع فك لغز أبي الهول وأن يعرف المقصود منه
أنه الإنسان، لكن دون أن يعرف حقيقته الشخصية. فهذا الذكاء الخارق يبقى
عاجزا عن رؤية المصيدة التي يسير فيها والتي التف حوله في كل خطواته، دون
أن يستطيع التنبؤ بذلك، أو أن يستطلع معالمها بنوع من الكشف والاستباق.
ولكي تكون المأساة ذات مصداقية وذلك أحد أركان مشابهة الحقيقة عليها أن تحل
هذه المفارقة وفي إطار حسن اللياقة كذلك.


ربما
كلن الحل المناسب في المصير الذي اختاره لنفسه. فهل من الصدفة أن يفقأ
عينيه؟ العينان اللتان لم تسعفانه في الكشف عن هول المأساة التي وقع فيها
وهو يقتل أباه لأتفه الأسباب، وهو يضاجع أمه وينسل منها.


أهو
الحل إذن أن يفقأ عينيه اللتان لم تريا ما كان ينبغي لهما أن ترياه، هل هو
دفع بالمأساة إلى منتهاها، أهو نوع من التطهر من الضعف الذي لا يليق
بالبطل التراجيدي؟ التطهير هو الذهاب بالفعل إلى أبعد حدوده. هل هذه
النهاية لها فقط صلة بإثارة مشاعر المتلقي وأحاسيسه وتلك من أهداف المأساة؟
لكن لو كانت كذلك لكانت فقط نهاية دراماتيكية مؤثرة لا تليق بالجو
المأساوي الرفيع.


فالنهاية الدراماتيكية غير النهاية المأساوية حتماً فالأولى تستهلك عواطف المتلقي بنوع من المغالاة والتجاوز démesure بينما
الثانية نهاية فاجعة تستدعي التأمل والتطهير. ونستحضر هنا نقد طه حسين
لشخصيات المنفلوطي التي تتسم بالعجز والبكائية فهي تعيش نهايات دراماتيكية.
وهي أبعد عن الجو المأساوي بجلاله. الجو الدراماتيكي يغرقنا في مؤثرات
تضخيمية للحدث عنيفة تعمد إلى التكثيف غير مبالية بقواعد التنظيم
التراجيدي.


سياحة أوديب

لماذا اختار أوديب السياحة في الأرض رفقة ابنتيه؟

لم
يسجن نفسه ولم يبق رهين المحبسين، هكذا كان الاختيار الأكثر مصداقية
ومنطقية في كل الاحتمالات. فالمحتمل قد يبدو منطقياً وقد يساير أفق انتظار
القارئ كما تعبر عن ذلك قصص أجاتا كريستي البوليسية، حين تتكثف الشكوك حول
شخصية تظهر في الأخير أنها بريئة ويعد ترتيب الحوادث وتفسيرها إظهار القاتل
الحقيقي. يصبح التأويل الأمثل في سلوك شارلوكي نسبة للمفتش الشهير شارلوك
هولمز الذي يعيد ترتيب الأدلة معاكساً سياق الحبكة. لكن هذا
المحتمل

الذي ينسل كما الخيوط الواهية في آخر الحبكة يبقى احتمالا من بين
الاحتمالات لكنه ليس بالضرورة الأصدق إذ المصداقية هي ميثاق التلقي بين
النص ومتلقيه. فالبحث عن المصداقية تبقى في النهاية أحد العناصر المركزية
في مشابهة الحقيقة.


وعليه،
كانت نهاية أوديب محزنة لكنها لم تكن دراماتيكية بل كانت كارثية أين
الفوضى تختفي طي النظام. اختار أوديب عمى العينين التين لم تسعفانه في رؤية
خطواته، ومعها اختار نور البصيرة التي تقوده هائما جوابا الآفاق باحثاً عن
معنى آخر لوجوده. ينتهي البطل التراجيدي ليقوم البطل الوجودي الذي يصنع
وجوده في رحلة البحث عن الذات.


الموجات الجديدة والمضادة
شكل
الكروتيسك والتشويه المقصود الذي نظر له فيكتور هوجو في مقدمة مسرحية
"كرومويل" والتي عدها النقاد إنجيل الرومانسيين خرقا لقوانين الجمالية
الكلاسيكية الباحثة عن صفاء النظام. والكروتيسك grotesque
: يعرفه عطية حسين بقوله: "grotesque من الإيطالية Grota
: حفريات أثرية لرسوم تكتل كائنات نصف إنسانية ونصف حيوانية أو نباتية. و
قد أطلق على هذه الرسوم تسمية غروتيسك أو غروتيسكا. مصطلح غروتيسك المنحدر
من هذه الرسوم، ثم استعمل أولا في الفنون التشكيلية التي أبدعها " جيروم
بوش.
Bosh
وغيره،
وبعد ذلك عرف المصطلح ازدهاره في الأدب حيث ارتبط بحكم دلالتها الأصلية
بالتجسيد لكل أنواع التشويه الجسماني مثل الكائنات الحيوانية والأشكال التي
تتمفصل بين حدود ما هو عضوي ولا عضوي، وشذوذات التشويه الجسماني."



وقد أتى في المعجم المسرحي لماري إلياس وحنان قصاب حسن ما يلي: "دخل الكروتيسك في التصنيفات الجمالية وحمل بعدا فلسفيا من حيث إنه يُناقض ما هو نتاج الثقافة التقليدية المعترف بها" وقد"
استخدمت الكلمة في علم الجمال كصفة أو طابع لكل ما هو غير منتظم ويتّصف
بالغرائبية، ولكل ما هو يضحك من خلال المب
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://didja-djamaa.ahlamontada.net/
نبض الأمل

نبض الأمل

نوع المتصفح موزيلا

صلي على النبي

صل الله عليه وسلم


انجازاتي
لايتوفر على اوسمة بعد:  

 تعريف بعض المصطلحات المسرح Empty
مُساهمةموضوع: رد: تعريف بعض المصطلحات المسرح    تعريف بعض المصطلحات المسرح Empty2011-07-14, 13:30

mysterious boy كتب:
 تعريف بعض المصطلحات المسرح 475503

real love كتب:
 تعريف بعض المصطلحات المسرح 475503

مثل هاته الردود تزعجنا ولا نرغب فيها

لذلك عمدنا في المنتدى الى نشر حملة
انا مميز بردودي و مواضيعي
و مثل هاته الردود مصيرها الحذف
ليكن شعارك
أبدع في مواضيعك , وأحسن فـي ردودك , وقدم كل ما لديك , ولا يغرك فهمك
ولا يهينك جهلك , ولا تنتظر شكر أحد , بل اشكر الله
على هذه النعمة


وليكن شعارنا :
( لا تنتظر الجديد بل كن صانعآ لكل جديد )

ارجوا الإلتزام دمت بود
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://didja-djamaa.ahlamontada.net/
 
تعريف بعض المصطلحات المسرح
استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» المصطلحات الموسيقية ومقارنتها- كتاب نادر يعود لعام 1929 - فصل من كتاب - المصطلحات العلمية والطبية للدكتور محمد شرف
» المسرح العربي
» المسرح و المسرحية
» لمحة تاريخية حول المسرح الجزائري
» نشأة المسرح وتطور الفن المسرحي

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
شبكة سيدي عامر :: هنا بيتك :: الساحه الادبيه :: فضاء المسرح-
انتقل الى: