وبكت شآم
يا قلب بلغ عن جراح شآم
وارو الحكايا واكتبنَّ ملامي
الشعب يذبحه الحديد وقد غدا
جرحا سكيبا في فصول كلامي
وإذا الرصاص إلى الصدور مسدد
وانظر لتفجع بالدم المهيام
سورية بنت الكرام تقول لي
أين النشامى من بني الإسلام؟
أين الغيارى؟ إن عرضي يستبى
من لي براع للرعية حام؟
لو عاش معتصم لكنت ندبته
وشكوت همي واحتسيت مدامي
ورفعت جهرا للرشيد ظلامتي
أشكو إليه قذارة الظلام
أنى التفت فلم أجد من واقف
حر سوى ذئب مع الأغنام
أو صامت يسلو بلون دمائنا
أو نائم يلهو مع النوام؟
وهنا أموت ، هنا تُقَد مفاصلي
وهناك تطحن بالرصاص عظامي
الشدو من فرط المرارة لم يعد
شدوا وغابت لذة الأنغام
"شامية" بالأسر تجأر في الدجى
من ظلم كيد عصابة الأزلام
"شامية" تقتاد دون جريرة
بين الورى في دلجة وظلام
كم تستجير من العذاب بريئة
قد ساقها وحش إلى الإعدام؟
وبأي حق يقتلون ربيعنا؟
وتعيث فينا آلة الإجرام ؟
شربوا دمانا واعتلوا في غبطة
فوق الجماجم في ثياب لئام
والشعب قد صاحت مواجع جرحه
فبكى على فرط المساء الدامي
تُصغون؟في صوت المعذب صرخة ٌ
دوت لتزأر في كثيف غمام
هل تسمعون معي أنين معذب؟
كم جرحته قساوة الآلام
ونحيبَ ثكلى غيبوا أشبالها
وعويل أم لم تلذ لمنام ؟
ودعاءَ شيخ أنهكته جراحه
وشجونَ شعب مثقل بسقام
ومعابدًا هدت وتلك صوامع
ومساجدَ العباد والقوام
عطشى دم لبسوا السواد تسللوا
ليلا فعاثوا في انتهاك ذمامي
سفكوا دما وعلى العظام تراقصوا
فتنكست بصنيعهم أعلامي
كيف الشراب يلذ لي أو لقمة
ودم بخلفي مسكب وأمامي
أظفار وحش في البرية جائع
أو ناب أفعى للخديعة ضام
في الشام لون كالقيامة واحد
أنى مشيت وجدته قدامي
ما عاد لي وطن يدفئ أضلعي
بل صرت بين مخالب الضرغام
وأقاوم الشبح المريب لعلني
أنجو بلطف من رهيب زؤام
وأصد وحشا سار فوق جماجمي
لا حول لي في شدة وزحام
الصدر عار والرصاص محمحم
حولي يئز فيستثير قوامي
من لي بمعتصم يرد بني العدى
من لي بضرب منافح وحسام؟
أسمعت لو ناديت حيا فالكرى
فينا، وصوت من عويل حُمَام
من لم يشاهد في "حماةَ" غليلهم
من سالف الأزمان والأعوام
فليقرإ التاريخ، رُبَّ قراءة
تغني عن الترويع بالأرقام
إنا نموت وللمجازر هولها
ليست كلاما أو من الأوهام
"صفوية" في قلب "سورية" انبرت
لم ترع ودا أو فصول غرام
وشكا القريض وناح حبر دواتنا
من قطع حبل تواصل الأرحام
يا أيها الشيخ المعمم قل كفى ؟
أشهر بوجهي اليوم قول حرام
لا تجزئ الصلوات دون توضؤ
أو دون وقف للدم المترامي
لن تقبل الصلوات إن دموعنا
تدعو عليكم عند كل ختام
قل سوف يرحل ظلمهم متهالكا
واشرح لقومك سنة الأيام
واشرح لهم "فقه السقوط" وقد دنا
أوحى لها، فازلزلت كحطام
يوم القيامة، أخرجت أثقالها
ودنا الرحيل، وحان وقت فطام
فالرب غار، ولن أقول بغيرها
كي لا تعود عبادة الأصنام
فليرحلوا، قل للسماء قصاصها
ودم سيثأر من فساد نظام
والشعب مثل السيل قام يقولها
ما أرعبته قساوةُ الحكام
مهما أعتلى وهج المنابر كاذب
أو خائن متآمر متعامي
قل ما رميت وإن ربك قد رمى
تالله إن الله أعظم رام
فالصمت موت والرجوع مذلة
ودع الخنوع مسربلا بلثام
محمد براح /الجزائر
موضوع: وبكت شآم-محمد براح 