سبب نزول سورة الفتح :
نزلت
سورة الفتح بعد صلح الحديبية في ذي العقدة السنة السادسة من الهجرة ، وكان
نزولها بشرى لرسول الله صلى الله عليه وسلم بفتح مكة الي تم سنة 8 للهجرة
وقد غمرت قلبه الفرحة والاستبشار بهذا الرضا الغامر والتاييد الظافر
والفتح المبين لذلك عد كثيير من الصحابة صلح الحديبية هو فتح.
فقد روى البخاري عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال :" تعدون انتم فتح مكة ، ونحن نعد الفتح بيعة الرضوان يوم الحديبية".
وقد
روى الامام احمد بمسنده عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ان رسول الله صلى
الله عليه وسلم قال :" نزل علي البارحة سورة هي احب الي من الدنيا وما
فيها : انا فتحنا لك فتحا مبينا . ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما
تاخر".
كيف كان صلح الحديبية فتحا مبينا ؟
يقول
الشعبي : نزلت "انا فتحنا لك فتحا مبينا" في وقت الحديبية اصاب فيها رسول
مالم يصب في غيرها ، بويع بيعة الرضوان واطعموا نخل خيبر ، وظهرت الروم
على فارس تصديقا لخبره ، وبلغ الهدي محله وقذف الله الرعب في قلوب
المشركين بعد ان علموا ببيعة المسلمين تحت الشجرة على الموت فكانوا اول من
صالحه معتذرين عما بدر من سفائهم ثم ارتضوا ان يعود المسلمين العام القادم
ويدخلون المسجد الحرام آمنين معتمرين ، وقد امن المسلمون على انفسهم في ظل
هذا الصلح ، وخلي بينهم وبين الناس ، يبلغونهم دعوة الله ، فدخل الناس
افواجا في دين الله . وكانت بيعة الرضوان وحدها ربحا عظيما ، كشف عن عمق
الايمان ، وتقديم النفوس عن طواعية فداء لله ورسوله ، كما كان هذا الصلح
تمهيدا طبيعيا لفتح مكة بسبب نقض قريش للعهد ، وقد جعل الصلح المسلمين
اندادا لقريش فقد اعترفوا بقوة الرسول واتباعه ، بع\ ان كانو لا يقرون
بذلك . خلص الله المسلمين من بقايا الاخطبوط اليهودي فطهر الرسول ارض خيبر
، وعادت المسلمين بغنائم كبيرة .
فضل الله على رسوله :
من
حق الرسول صلى الله عليه وسلم ان يفرح بتلك السورة فرحا عظيما ، جسد
احساسه بفضل الله عليه وعلى المؤمنين ، ورآها هدية من ربه هي أحب اليه من
الدنيا وما فيها ، فلد اكر الله رسوله ، وزاده شرفا وتعظيما ، حين غفر له
ما تقدم من ذنبه وما تاخر .
وحاشا
لمحمد ان يكون من المذنبين ، وهو القائل عن نفسه ، "اما والله اني لاخشاكم
لله واتفاقكم له" بل انه اعظم خلق الله طاعة ، واكملهم خشية ، وانما اراد
ان يزيده تكريما ورفعة ، ويخصه بمالم يخص به احدا من رسله وخلقه . وقد
يكون المراد ان يغفر له جميع ما وقع منه او سيقع مما ليس بذنب ، وانما من
باب ترك الاولى ، ، كقبوله الفداء من اسرى بدر . كما بشره بأنه سيتم عليه
النعمة في الدنيا بالفتح والنصر وانشار الاسلام ، ويهديه ويرشده الى
الطريق المستقيم ، والشرع العظيم الذي يصلح امر البلاد والعباد ، ويؤدي في
الآخرة الى اعلى منازل الجنان ، ومما وعده به كذلك ان ينصره ذلك النصر
القوي المنيع على اعدائه بحيث يحقق له به عز الدنيا والآخرة .
فضل الله على المؤمنين :
ولقد
من الله على المؤمنين بان ملأ فلوبهم طمانينة وثباتا ، وراحة واستقرارا ،
في جو كانت ظروفه تثير الاعصاب ، وتدعو الى القلق الشديد ، والضيق بعنت
قريش وتقلبها ، ومفاجاتهم وقد جاءوا معتمرين غير مسلحين بموقع البيعة على
الموت ، ثم احماد هذه الحماسة العارمة بقبول الشروط الجائرة التي تفرضها
قريش . كل هذه الاحداث كانت تتفاعل عنيفة النفوس.