تابع ..مفهوم الجريمة و المجرم و الضحية..

شاطر
 

 تابع ..مفهوم الجريمة و المجرم و الضحية..

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عاشق الظلام

عاشق الظلام

نوع المتصفح موزيلا

صلي على النبي

صل الله عليه وسلم


انجازاتي
لايتوفر على اوسمة بعد:  

تابع ..مفهوم الجريمة و المجرم و الضحية.. Empty
مُساهمةموضوع: تابع ..مفهوم الجريمة و المجرم و الضحية..   تابع ..مفهوم الجريمة و المجرم و الضحية.. Empty2010-09-24, 13:10

اسباب الجريمة

المبحث الأول: أسباب الجريمة في كتب علماء الإجرام..

لقد بذل علماء الإجرام الذين عنوا بدراسة الجريمة والمجرم، وتدابير الوقاية من الجريمة والعقاب عليها، جهودا مضنية فى معرفة أسباب الجريمة ودوافع المجرمين لارتكاب الجرائم..

واستعانوا بكل ما استطاعوا من العلوم الإنسانية والعلوم التجريبية، للوصول إلى معرفة تلك الأسباب والدوافع.

وقد أنكروا الوسائل التى اتخذت فى القديم لمعرفة أسباب الجريمة والتي كان يغلب عليها الطابع التجريدى..

فقالوا:
"كان الطابع التجريدى هو الغالب على جهود الإنسان، خلال قرون طويلة من بحثه عن تفسير السلوك الإجرامي، وفى مراحل متعددة من هذه الجهود ظل النظر إلى الجريمة غيبا أو خرافيا.. فالجريمة عندهم رجس من عمل الشيطان، ومن الأرواح الشريرة يدخل جسد المجرم فيفسد نفسه وروحه..." [علم الإجرام وعلم العقاب للدكتور عبود السراج ص:157 ـ ط1].

وتطورت النظرة إلى أسباب الجريمة مما سموه بالخرافة كما مضى، إلى أن الإنسان يملك عقلا واعيا وإرادة حرة يملك بهما اختيار سلوكه، ويختار ما نفْعُه عنده أكبر من ضرره، وذلك هو سبب إقدامه على الجريمة. [المراجع السابق].

أي إذا رأى أن منفعته من الإقدام على الجريمة، أعظم من الضرر الذى يتوقعه من إقدامه، أقدم عليها.

وذهب آخرون إلى أن أسباب الجريمة، هي عوامل جغرافية، فترتفع نسبة الجريمة وتنخفض حسب تغير المناخ، كالحرارة والبرودة والجفاف والرطوبة والأمطار، والطقس، والضغط الجوى والعواصف والرياح..... الخ..

وقالوا:
إن جرائم العنف - وبخاصة الاعتداء على الإنسان - تزداد فى المناطق والفصول الحارة وتنخفض فى المناطق والفصول الباردة..

وجرائم الأموال تزداد فى المناطق الباردة وتنخفض فى المناطق الحارة، وبنوا اتجاههم هذا على إحصائيات فى بعض الدول كفرنسا.

وقال بعضهم:
إن نسبة الجريمة تختلف باختلاف الموقع الجغرافي، فالمناطق التى تكون أقرب إلى خط الاستواء تكثر فيها جرائم العنف، والمناطق القريبة من القطبين تكثر فيها جرائم المسكرات والمخدرات.

وقال بعضهم:
إنها تتفاوت باختلاف التضاريس، فتقل الجرائم فى المناطق السهلة والأرض المنبسطة، وتزيد فى المناطق الجبلية، وتصل ذروتها فى قمم الجبال.. [المرجع السابق.. ص173ـ176 وص: 233ـ242].

وذهب آخرون إلى:
أن السبب وراثي – أي إن المجرم يعود بسبب الوراثة إلى الانسان البدائي الأول – هكذا – الذى كان يحمل صفات دونية شبيهة بصفات القردة والحيوانات الدنيا، ويعيش حياة بدائية خالية من القواعد والنظم.. [المرجع السابق ـ ص: 184].

ومعلوم أن هذا افتراض معارض للأديان السماوية، التى تدل كتبها كلها، وآخرها القرآن الكريم، على أن الإنسان خلق مصحوباً بهدى الله تعالى، منذ آدم عليه السلام إلى أن جاء محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وذهب آخرون إلى:
إرجاع سبب الجريمة إلى الصفات العضوية..وأنه يمكن معرفة المجرم عن طريق بعض صفاته العضوية.

فجمجمة المجرم تكون أصغر أو أكبر من الحجم الطبيعي لغيره، وأن جبهته تكون ضيقة ومنحدرة، وحواجبه تكون كثيفة، وعيناه غائرتان، وأنفه أفطس وشفاهه دقيقة، وفكه عريض وأذناه عريضتان مائلتان إلى الأمام، ووجهه طويل وعريض، وشعر رأسه كثيف، وشعر ذقنه قليل وذراعاه طويلتان، يوجد فى إحدى قدميه أو يديه أصبع زائدة.. [المرجع السابق ـ ص: 185، وكتاب أسباب الجريمة وطبيعة السلوك الإجرامي للدكتور عدنان الدوري ص: 117].

وهذه إحدى طرق اكتشاف المجرم بالفراسة..

وذهب آخرون إلى أن أسباب الجريمة تعود إلى وظائف الأعضاء.

ومن أمثلة ذلك الغدد الصماء..قالوا:
إن اختلال إفرازاتها يؤدى إلى خلل فى التركيب الكيماوي للدم وللسوائل الأخرى التى تدخل فى تكوين أعضاء الجسم، وهذا الخلل يحدث اضطرابات فى أجهزة الفرد، وخاصة فى الجهاز العصبي ويؤثر فى سلوكه وانفعالاته، ويؤدى إلى أنواع من الإجرام.. [علم الإجرام وعلم العقاب ص:220].

ورأى بعضهم أن أسباب الجريمة تعود إلى العاهات والأمراض، وبخاصة العمى والصمم والبكم، وتشوه الوجه، والقبح وقصر القامة والعرج، والشلل..

وأن تلك الحالات تؤدي إلى التألم والشذوذ، ويشعرون معها بنقص أنفسهم فى المجتمع، وضياع مراكزهم الاجتماعية، فيهيئهم هذا الوضع لارتكاب الجرائم.. [المرجع السابق ص:222].

ورد بعضهم أسباب الجريمة إلى العمر، ورأوا أن صغار السن أكثر إقداماً إلى الجرائم من كبار السن، واختلفوا فى السن التى تقع فيه أعلى نسبة من الجرائم..

فقال بعضهم: إنها تقع مابين سن الثامنة عشرة والخامسة والعشرين..

وقال آخرون: إنها فى مرحلة المراهقة وهى – غالباً - ما بين سن أربع عشرة وسبع عشرة سنة وتقل فى مرحلة النضج.

ويرى آخرون أن أسباب الجريمة راجعة للجنس، أي للذكورة والأنوثة، فإجرام النساء أقل من إجرام الرجال بسبب اختلاف البيئة الداخلية للمرأة عن الرجل، واختلاف القدرات البدنية، ولأن الرجل أكثر احتكاكاً بالمحيط الخارجي من المرأة..[المرجع السابق ص 222]

وذهب آخرون إلى رد أسباب الجريمة إلى العرق، أي إلى الأجناس البشرية المختلفة، فالزنوج أعلى نسبة في جرائم العنف، وكذلك الشعوب التي تسكن في حوض البحر الأبيض المتوسط، وجرائم الأموال عند سكان المناطق الشمالية أكثر من غيرهم... [نفس المرجع ص 229-231]

وذهب آخرون إلى أن أسباب الجرائم تعود إلى أسباب نفسية، كالضعف العقلي، والأمراض العقلية والنفسية والعصبية وعدم استطاعة الإنسان التوفيق بين شهواته التى تكره القيود، والواقع الخارجي الذى فرض المجتمع فيه قيودا، وهكذا.. فيدفع بسبب ذلك إلى إشباع غرائزه ولو بارتكاب الجريمة . [نفس المرجع ص 229—231]

وذهب آخرون إلى أن أسباب الجريمة عوامل اجتماعية منها الاقتصادية، كالفقر الذى يعد عاملاً أساسياً فى تكوين السلوك الإجرامي.. والبيئة التى تهيأ فيها الفرص لارتكاب الجريمة. [نفس المرجع ص 262-276]

ومنها انعدام الاستقرار الاقتصادى الذي يكون بين رخاء تقل فيه جرائم الأموال، وهبوط تكثر فيه تلك الجرائم وغيرها، ومنها تطور البناء الاجتماعي وازدياد نموه الذى يزداد بسببه نظامه تعقيداً، ينتج عنه عدم التجانس والتوافق، بسبب زيادة القيود والأنظمة، فتنطلق شهوات الأفراد ضد تلك القيود والأنظمة، ومن هنا تكون الجريمة ناشئة من عوامل اجتماعية.

ومنها أن الفرد فى المجتمع يقلد غيره، بحيث يقلد الصغير من هو أكبر منه، نتيجة اختلاط أفراد المجتمع الواحد فى العائلة والحي والرفقة والوظيفة والزمالة وغيرها.. [نفس المرجع ص 308-317]

ومنها الاختلاط التفاضلي، وهو أنه يوجد فى المجتمع ثلاثة أصناف:

الصنف الإجرامي المعادى للقوانين والأنظمة..

والصنف المؤيد للقوانين والمطيع لها..

والصنف المحايد..

والفرد يختلط بهولاء وأولئك، فإذا رجحت عنده كفة معاداة القوانين تتوثق علاقته بصنف المجرمين، وتزداد عزلته عن الأصناف المعادية للإجرام، فيصبح مجرماً. [نفس المرجع ص 318-329]

وذهب آخرون إلى أن أسباب الجريمة ترجع إلى عوامل سياسية، فيرى التفسير الماركسي أن التناقضات التى تحدث داخل المجتمع الرأسمالي، تخلف أشكالاً من الصراعات التى تكون الجريمة فيها تعبيراً عن الصراع بين الفرد والظروف المحيطة به. [نفس المرجع ص 336]

هذه بعض الأسباب التى ذكرت فى كتب علماء الإجرام، حاولت تلخيصها من صفحات طويلة ولم ألتزم بكثير من مصطلحاتهم، ولا ذكر أصحاب النظريات، خشية الإطالة من جهة، وتيسير الفهم للقارئ من جهة أخرى.
.
ولعل من الملحوظ فى الآونة الأخيرة لكل من يتابع الأخبار ويقرأ صفحات الحوادث فى الصحف اليومية الزيادة الهائلة فى الجرائم وحوادث العنف بشل غير مسبوق حتى تحولت إلى ظاهرة يعانى منها المجتمع فى كثير من بلاد العالم، وقفزت مسألة حوادث العنف والجرائم التى ترتكب كل يوم على نطاق واسع والتى يطلق عليها احيانا وصف "البلطجة" لتحتل مقدمة الأولويات فى وسائل الإعلام، فقد تزايد
الاهتمام بجوانب هذا الموضوع على نطاق واسع خصوصا ما يتعلق بالناحية الأمنية لمواجهة هذه الظاهرة التى أصبحت تمثل تهديدا خطيرا لشعور الأمن الذى يعتبر فى مقدمة الاحتياجات الاجتماعية والنفسية للموضوع بجانب الناحية الأمنية.. ونتيجة لذلك ومن وجهة النظر النفسية فإن هذه الظاهرة التى يعرفها الجميع بالعنف أو "الإجرام" أو "البلطجة" وهى الخروج على القواعد والقوانين والميل إلى العدوان على الأنفس والممتلكات بما فى ذلك من تحد سافر على حقوق الاخرين ليست جديدة بل لها جذور اجتماعية ونفسية، وتحدث بنسب متفاوتة فى مختلف مجتمعات العالم، وهى بالنسبة للطب النفسى أحد أنواع الانحرافات السلوكية نتيجة للإضطراب فى تكوين الشخصية، وبدلاً من التكوين السوى للصفات الانفعالية والسلوكية التى تشكل الشخصية التى يتعامل بها الفرد مع الآخرين والتى تتكون مبكرا وتتصف بالثبات والاستقرار ولا تتغير فإن الاضطراب يصيب الشخصية فيحدث انحراف وخروج على الأسلوب الذى يتعامل به الناس فى المجتمع مما يتسبب فى الاصطدام بين أولئك الذين يعانون من اضطراب الشخصية الذى يطلق عليه الأطباء النفسيون الشخصية المضادة للمجتمع.
وتحدث الانحرافات السلوكية الناجمة عن حالات اضطراب الشخصية –وهى حالات تختلـف عن الأمراض النفسية التقليدية مثل القلق والاكتئاب والفصام والوساوس – فى نسبة تصل إلى 3% من الذكور، 1% من الإناث حسب الإحصائيات العالمية فى بعض المجتمعات، وتبدأ بوادر الانحراف السلوكى فى مرحلة المراهقة عادة أو قبل سن الخامسة عشرة، وتحدث بصفة رئيسية فى المناطق المزدحمة والعشوائية، وتزيد احتمالاتها فى الأسرة كبيرة العدد، وفى المستويات الاجتماعية والتعليمية المنخفضة، وفى دراسات على أقارب المنحرفين من معتادى الإجرام والذين يتورطون فى جرائم العنف (أو البلطجية) ثبت أن نفس الاضطراب السلوكى يوجد فى أقاربهم بنسبة 5 أضعاف المعدل المعتاد، كما أن الفحص النفسى لنزلاء السجون أثبت أن 75% ممن يرتكبون الجرائم المتكررة هم من حالات اضطراب الشخصية المضادة للمجتمع أو ما يطلق عليه الشخصية "السيكوباتية" .. ويستدل من ذلك على أن جذور ودوافع العنف تبدأ مبكراً مع تزايد هذه الممارسات والسلوكيات فى بيئات معينة يتواجد فيها الشخص فى فترات حياته المبكرة حيث يجد فيها النماذج السلبية التى يقلدها ويضاف إلى ذلك الاستعداد الفطرى للانحراف لدى بعض الاشخاص الذين يتحولون مع الوقت إلى الإجرام والجنوح لتكون سمة دائمة واختيار متكرر فى حياتهم.
التحليل النفسى للجريمة والمجرمين :
فى الدراسات النفسية التى تقوم على الفحص لشخصية هؤلاء المنحرفين الذين يتكرر ارتكابهم لحوادث العنف فإن المظهر العام قد يبدو هادئاً مع تحكم ظاهرى فى الانفعال غير أن الفحص النفسى الدقيق يظهر وجود التوتر والقلق والكراهية وسرعة الغضب والاستثارة لدى هؤلاء الأفراد، وهم لا يعتبرون من المرضى النفسيين التقليديين، ولا يعتبرون مثل الأسوياء أيضاً، بل هى حالات بيئية يمكن أن يؤكد تاريخها المرضى الميل إلى الانحراف، والكذب، وارتكاب المخالفات والجرائم كالسرقة، والمشاجرات، والإدمان، والأعمال المنافية للعرف والقانون، وتكون الجذور والبداية عادة منذ الطفولة، وهؤلاء لا يبدون أى نوع من الندم أو تأنيب الضمير، ولا ينزعجون لما يقومون به بل يظهرون دائماً وكأن لديهم تبريراً لما يفعلونه من سلوكيات غير أخلاقية فى نظر الآخرين، وليس المنحرفون نوعاً واحداً، فمنهم من يستغل صفاته الشخصية فى تحقيق بعض الإنجازات دون اعتبار للوسائل، ومنهم من يتجه إلى إيذاء الآخرين أو تدمير نفسه أيضاً، ومنهم من يتزعم مجموعة من المنحرفين أو من يفضل أن يظل تابعاً ينفذ ما يخطط له الآخرون .. ولا شك أن جرائم العنف كالقتل والمشاجرات والاغتصاب ترتبط بالانحرافات السلوكية الأخرى مثل الإدمان والسرقة والأعمال المنافية للآداب العامة، وتزيد احتمالات الإصابة بالاضطرابات النفسية فى الأشخاص الذين يرتكبون هذه السلوكيات نتيجة لإضطراب الشخصية .
الحل من منظور الطب النفسى :
ليس الحل لهذه الظاهرة الخطيرة أمراً ميسوراً من وجهة النظر النفسية بل يتطلب المشاركة بين جهات متعددة لأن الظاهرة معقدة ولها جوانبها الاجتماعية والاقتصادية والقانونية والأمنية والنفسية .. وهنا نضع بعض النقاط لتكون دليلاً للتفكير فى كيفية التعامل مع المسألة دون إهمال للجوانب النفسية الهامة نوجزها فيما يلى :
* المنحرفون الذين يعرفون بالبلطجية يختلفون تماماً عن المرضى النفسيين رغم أنهم حالات من اضطراب الشخصية المضادة للمجتمع، كما أنهم يختلفون عن مرتكبى الجرائم بدافع محدد فى ظروف معينة، ولا يعتبرون من المتخلفين عقلياً، بل هم حالات غير سوية تتطلب أسلوباً فى ظروف معينة، ولا يعتبرون من المتخلفين عقلياً، بل هم حالات غير سوية تتطلب اسلوباً آخر للمواجهة.
* للظاهرة جوانب أخرى حيث يشجع على تفاقمها عدم توقع العقاب الرادع، والعدالة البطيئة، وعدم وجود ارتباط مباشر بين ارتكاب المخالفة القانونية وتطبيق العقاب المناسب، والتأخر فى مواجهة الحوادث الفردية حتى تتزايد لتصبح ظاهرة.
* الوقاية هنا أهم من العلاج وتبدأ بالإهتمام بالتنشئة، لأن الانحراف الذى يصيب الشخصية يبدأ مبكراً، وإذا حدث فإن علاجه لا يكون ممكناً.
* فى بعض البلدان يتم وضع هؤلاء المنحرفين بعد تشخيص حالتهم –وقبل أن تتعدد الجرائم التى يقومون بارتكابها –فى أماكن تشبه المعتقلات من حيث النظام الصارم، وبها علاج مثل المستشفيات ويتم تأهيلهم عن طريق تكليفهم ببعض الأعمال الجماعية والأنشطة التى تفرغ طاقة العنف لديهم.
وبعد فقد كانت هذه رؤية لجرائم وحوادث العنف التى أصبحت من الظواهر المنتشرة فى مجتمعات العالم حاليا.. والتى تزدحم بأخبارها صفحات الحوادث فى الصحف.. وقد كان الدافع إلى محاولة تحليل اسبابها ودوافع ارتكابها وشخصية مرتكبها هو البحث عن حل يعيد شعور الأمن ليحل محل القلق والخوف من هذه الظاهرة، والكلمة الأخيرة هى أن كل الجهات التربوية والامنية والدينية ومؤسسات الرعاية النفسية والاجتماعية والجهات الاخرى يجب أن تنسق جهودها وتتعاون معا لمواجهة مثل هذه الظواهر التى تهم كل قطاعات المجتمع وترتبط بالحياة النفسية والاجتماعية للناس.

.
.
الجريمة: بين الوقاية والعلاج
للأستاذ الدكتور/ أحمد خليفة
جمهورية مصر العربية
كان هناك اتجاه دائم إلى الربط بين مفهوم الجريمة ومفهوم المرض على أساس أن السلوك الإجرامي سلوك مريض وليس سلوكا صحيا أو سويا. ولاشك في أن هذا الربط يؤدي إلى نتائج غير دقيقة في تفسير الجريمة ووضع سياسة الوقاية والجزاء ويؤثر في نظرية المسئولية. وفضلا عن ذلك، فإنه قد يشجع على اتجاه خاطىء هو محاولة البحث عن ميكروب الجريمة في المجتمع قياسا على البحث عن الميكروب المسبب للمرض وهو أبعد الأشياء عن حقيقة الجريمة والمجرم إذ ليس هناك ميكروب مسئول عن المجرم فالمجرم في النهاية هو صناعة المجتمع الذي يعيش فيه.
ويترتب على ذلك أنه ليس هناك مصل معين للوقاية من الجريمة. فلا هو ميكروب ولا هو سبب وحيد آخر مسئول عن الجريمة. إن كل الآراء التي اتجهت إلى محاولة تفسير الجريمة بسبب واحد كالجهل أو الفقر أو اضطراب الغدد أو الاضطرابات النفسية أو سوء الحالة الأسرية أو القدوة السيئة أو الإعلام السىء أو غير ذلك كل هذه الجهود قد باءت بالفشل والاعتقاد العام بين الباحثين الآن أن ظاهرة الجريمة مرتبطة بجذور متعددة تتفاعل في بيئة معينة وظروف معينة لا يمكن حصرها يتولد عنها السلوك الإجرامي في النهاية.
ومن ناحية أخرى فقد يصدق وصف الوباء على انتشار الجريمة. والواقع أن وباء الجريمة قد انتشر انتشارا ذريعا في العصر الحديث وتلونت ملامحه أكثر من أي وقت مضى وتضاعف عدد المجني عليهم حتى أصبحوا يزيدون أضعافا عن ضحايا أي وباء. وهو ما يعرض المجتمع كله كيانه وسعادته ومصيره للخطر والتدهور. نقول هذا حتى بدون أن نقترب من مشكلة المخدرات وهي البلاء الثقيل الذي ألم بالإنسان، إن الجريمة تضرب كل المجتمعات المعاصرة وتؤثر فيها تأثيرا بالغا وعميقا يمس أحيانا سلامة الأسس الديمقراطية والحقوق التي يقوم عليها ويهدد نوعية الحياة.
والسلوك الإجرامي على أية حال متضمن في نسيج المجتمع. ولما كانت النظم والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية متغيرة أبدا فإن هذا المضمون من السلوك المضاد للمجتمع متغير هو الآخر وهناك تفاعل مستمر بين العناصر والعلاقات الاجتماعية والاقتصادية يؤدي إلى اختفاء صور من الجريمة أو تغيرها كميا أو ظهور أنماط جديدة من الانحراف .
هكذا يتبين أن النظرة القديمة التقليدية للمجرم على أنه نوعية خاصة من البشر مما كان يضفي على الجريمة مسحة قوية من الغيبية لم يعد سليما في إطار المفهوم الجديد الذي يعتبر السلوك الإجرامي نوعا من (طرح البحر) نتيجة أمواج وتيارات متصارعة ومتلاطمة . ومن ثم لم نعد ننظر إلى المجرم على أنه مخلوق غريب لا يشبه بقية المواطنين ذلك أن عوامل الجريمة كامنة أساسا في المجتمع وقد خرجت إلى حد كبير عن المستوى الفردي إلى المستوى الاجتماعي والاقتصادي وأصبحت قادرة على إسقاط جانب أكبر من المواطنين .
لقد تقدمنا كثيرا من المنطق اللمبروزي الذي يتحدث عن المجرم بطبيعته وأصبحنا ندرك أن كل إنسان جدير أن يتحول إلى مجرم لأن الانحراف والجريمة جزء ديناميكي متغير من مسار الحياة ، وصفات الإنسان ذاته يمكن أن ترتفع به اجتماعيا أو تؤهله هي بذاتها لارتكاب الجريمة . فدراسة الجريمة هي دراسة الإنسان في مجتمع ديناميكي متغير أو بالأحرى هي صورة متحركة وليست صورة ثابتة . ويترتب على ذلك أن معظم اهتمامنا في مكافحة الجريمة ودراستها يتعين أن يتجه لدراسة أنماط السلوك المتغيرة وصلتها بالأوضاع الاجتماعية والوظائف الاجتماعية فإن كل تغير اجتماعي اقتصادي يتولد عنه أنماط وصيغ متجددة من السلوك الانحرافي مرتبطة بعناصر جديدة تنتقل إلى الصورة أو تفاعل جديد بهذه العناصر . في كلمة واحدة علينا أن نقلل من النظر إلى الجريمة على أنها (ميستيك) وأن يزيد نظرنا إليها على أنها نقد للمجتمع أي (كريتيك) . ويترتب على هذا النظر أن تتجه إلى المجتمع ذاته لمحاولة ضبطه بقدر الإمكان لكي لا يترتب على تغيره وتطوره مزيد من عدم التكيف والانحراف .
وجماع ما تقدم أن المفهوم للجريمة أن جماعة المجرمين جماعة خاصة معزولة نطوقها ونسعى إلى الخلاص منها أما النظرة الحديثة فهي أن الجريمة قدر الجماعة كالغذاء والشراب وإنها تتغير بصفة مستمرة وعلى آفاق جديدة لا يمكن حصرها أو الهرب منها وعلى كل مجتمع أن يسعى ما وسعه ذلك للتخفيف من عبء الجريمة عن المجتمع وصولا لتحقيق نوعية أفضل من الحياة .
إن مفهوم الجريمة مفهوم عريض جدا ومتعدد وإن كان الميل التقليدي هو عادة إلى أن نفكر في الجرائم التقليدية كلما ذكرت كلمة الجريمة ، فنحن نفكر فورا في السرقة والقتل والاغتصاب ومثلها من الجرائم التي أطلق عليها بعض العلماء الجرائم الطبيعية أي التي توجد في كل مجتمع وفي كل زمان ومكان ، إلا أن أفق الجريمة قد اتسع كثيرا بتعقد المجتمع البشري بصفة مضطردة وفكرة التحريم التي كانت مستغرقة في التعاليم الدينية والأخلاقية قد انطلقت انطلاقا حادا وأصبح التجريم يتناول أفعالا كثيرة لا نجد لها جذورا دينية أو حتى أخلاقية فالقوانين تسن على أساس المصالح في مجتمع معين في زمن معين . بل قد يخرج من نطاق التجريم بعض الأفعال التي تتنافى والخلق والضمير ومثال ذلك انحسار نطاق التجريم في المجالات الجنسية بحيث أصبح مقتصرا تقريبا على الاغتصاب والإكراه الجنسي في كثير من التشريعات .
وعلى أي حال فإن ما يجعل أمرا ما جرمية هو في نهاية الأمر إرادة المشرع الذي يعبر عن مجتمعه ونعني بذلك أن الجريمة من صنع قانون العقوبات أي أنها حقيقة قانونية ، وهذا لا ينفي أن إرادة المشرع إرادة معبرة عن المجتمع وليست منفصلة عن نبضه وبالتالي فإن الجريمة حقيقة اجتماعية أيضا يسنها المشرع الذي يعمل في فراغ بل يتحرك تحت ضغط فلسفات وعقائد وعوامل اجتماعية واقتصادية . ومع ذلك فعلينا أن نعترف بتخلف القاعدة القانونية أحيانا عن الحقيقة الاجتماعية أو العكس .
ولا شك أن الصورة الحديثة للجريمة أصبحت أكثر خطورة وتعقيدا وأنها أيضا أكثر عقلانية أي نشاطا محسوبا ومقصودا أكثر منها انزلاقا إلى طريق الجريمة لها صور " منظمة " وعصابات دولية قوية مسيطرة . إن الجريمة في صورتها الجديدة لم تعد نصيب الفقراء والمطحونين كما كان الأمر عندما كان قانون العقوبات يسمى بقانون الدهماء ذلك أن النشاط الإجرامي قد أصبح أيضا نصيب الخاصة وأصحاب النفوذ والثراء .
لم تعد الجريمة إذن في صورتها التقليدية التي يعرفها عامة الناس واعتادوا على ربطها بالتخلف. والواقع أن الجريمة لا صلة لها بالتخلف أو التقدم أو رفع مستوى المعيشة أو المستوى التعليمي بل إن المفارقة هي أن الجريمة قد تكون أقل في المجتمعات الشديدة التخلف أي المجتمعات الراكدة التي لا تنشط فيها عناصر التطور والتنمية والتغير الاجتماعي ، فإذا ما حدث ذلك فلابد من اختلال العلاقات وظهور السلوك الانحرافي والذي قد ينسب عندئذ للتفكك القيمي وهو أمر ليس بهذا السوء إذ يكون أحيانا مقدمة للتطور الاقتصادي والاجتماعي.

كما أصبحنا نعرف الآن أن الجريمة ليست نتاج الحاجة والعوز في كل الأحوال فهناك إجرام الرفاهية وكثرة المال الذي يغرى بالانطلاق ويخلق مشاعر الجشع واللامبالاة. وهنا نكرر أن المجرم ليس نسيجا فريدا أو فئة خاصة ولكنه الإنسان حيث يكون عندما تتجمع وتتفاعل العناصر والظروف والفرص وتدفعه إلى طريق الانحراف .
ونود أن نؤكد أن هناك مفارقة. إن تطوير المجتمع وتنمية الاقتصاد يحمل في ثناياه بذور عدم التكيف وانحرافات السلوك لأن الجمود وحده هو الذي يضمن بقاء الجريمة على حالها كما ونوعا وبالتالي فإن التنمية الاقتصادية والاجتماعية يسير في ركابهما قدر كبير من الجريمة والانحراف تتأثر به نوعية الحياة تماما كالإنتاج الصناعي الذي ينتج عنه مخلفات ضارة تؤدي إلى تلوث البيئة المادية ويعني هذا أن أفضل وسيلة للوقاية العامة من الجريمة ومعيار نجاح السياسة الوقائية هو أن تكون هناك سياسة دفاع اجتماعي تسير في ركاب سياسات التنمية في محاولة لتقليل الفاقد الاجتماعي بكل صوره.
ولا يعني ما تقدم أنا نلوم عمليات التنمية القومية ونحملها عبء الجريمة. إن التنمية الاقتصادية والاجتماعية كنشر التعليم والأخذ بالتصنيع تعكس تطورا طبيعيا ولكن هناك زلازل اقتصادية اجتماعية تخل بالتوازن الواجب بين التنمية الاجتماعية وقد رأينا هذا بشكل واضح في تدفق الثورة البترولية الذي أحدث ثورة اقتصادية اجتماعية في المنطقة العربية لا يمكن أن نرحب بكل ما أسفرت عنه من نتائج . إن هذه الثورة الهائلة لم تؤد إلى تحسين نوعية الحياة في المنطقة العربية رغم الارتفاع المذهل في الدخل وارتفاع مستوى المعيشة .
إن التغير الاجتماعي الذي يشهده العصر الحديث وسرعة إيقاعه شيء لم يعد مجالا للجدل وقد أثرت الكشوف العلمية والمنجزات التكنولوجية ونمو وسائل الاتصال في الفكر البشري والقدرة الإنتاجية والاقتصادية والسلوك بصفة عامة . وقد ترك كل هذا بصمة واضحة على عقلية الإنسان وهز اهتماماته القديمة وشجعه على الانطلاق بعيدا عن المسلمات التي كبلته وسيطرت على فكره أزمنة طويلة وأثرت في مباديء مستتبة ومرتبطة بالاعتقاد بما في ذلك النظرة إلى المرأة والنظرة إلى الترفيه والنظرة إلى الجنس والنظرة إلى العنصرية . هذا الخضم الذي خاضته البشرية في القرنين الأخيرين من الزمان كان له ولا شك أثر على السلوك البشري وعلى معنى الانحراف والإثم والجريمة .
ونبدأ بالقول بأن الغرب عرف فكرة الحرية نتيجة للفكاك س أسر الكنيسة وانطلاق الفكر البشري في مجالات العلم والفلسفة وهكذا شهد القرن التاسع عشر ثم القرن العشرين مزيدا من الحريات والاهتمام بحقوق الفرد إزاء السلطة والمجتمع .
وقد أدى مناخ الحرية إلى التحرر من رق القهر والاستعمار في ضوء حق تقرير المصير وفي ضوء مباديء المساواة التي بشرت بها الثورة الفرنسية. ومن الناحية الاقتصادية ظهر الاقتصاد الحر وظهرت الطبقة المتوسطة التي تملك رؤوس الأموال وضعف نفوذ الإقطاع وكان لابد أن يكون للاقتصاد الحر وضعف التقاليد الإقطاعية أثر على القيم والسلوك وظهور قيم جديدة. كما يمكن أن يقال إنه كان بداية لتحرر الشباب من سيطرة الكبار كما كان إيذانا بتحرير المرأة وانطلاقها بعيدا عن التقاليد والمعتقدات التي تضعها في درجة أقل من الرجل .
فإذا أضيف إلى هذا ما جاء به القرن العشرون وبالذات النصف الثاني منه من كشوف علمية مذهلة متتابعة وثورة المواصلات والاتصالات واندثار آخر بقايا الفكر القائم على المسلمات الثابتة وغلبة المادية النفعية على الاعتبارات الأخلاقية فقد انطلقت الآراء والمذاهب تتصارع لتقضي على البقية الباقية من الشعور بأن هناك قيما ومباديء أبدية ومقدسة لا يمكن المساس بها. هذا المناخ الفكري الحديث الذي عرفه العالم في النصف قرن الماضي على أكثر تقدير كان من الضروري أن يؤثر تأثيرا عميقا على السلوك وربما كان هذا الإسراف في إهدار القيم السائدة وإنكارها مسئولا عن ظهور الحركات العكسية التي تنادي بهجر الحاضر والتنديد الشامل به ورفضه والعودة إلى الماضي بكل ملامحه.
وقد برزت في هذه المرحلة الجرائم الاقتصادية. ولا نقصد بالجريمة الاقتصادية جرائم المال المعروفة كالسرقة والاحتيال بل نقصد الجرائم ذات التأثير في النظام الاقتصادي والتي أدت إلى دخول نفر من الناس ليسوا من الضعفاء والدهماء إلى مجال الجريمة. واليوم تبدو جرائم الضعفاء قليلة الأهمية بالنسبة إلى جرائم القادرين والكبار والسادة وأصحاب المال وذلك نتيجة تعقيد الحياة الاقتصادية وضخامة الغنيمة والقدرة على التهرب والهرب والفرار من العقاب ونتيجة امتزاج صفة المجرم المعتدي في هذه الجرائم بصفات اجتماعية راقية .
ويتدرج تحت الجريمة الاقتصادية ما قد يسمى بجرائم الانفتاح الذي يفتقد إلى التنظيم والضوابط القانونية الكافية وجرائم الاقتصاد الخفي أو الأسود . المهم أنها أفعال بعيدة المدى في تأثيرها وأنها تنخر في أسس الحياة الاقتصادية وتلتف حول الثغرات وتستفيد من التناقضات وتسعى إلى شراء الذمم وهي تقوي حيث لا تكون هناك أنظمة حاسمة وقوانين واضحة صارمة تنظم النشاط الاقتصادي للأفراد والهيئات .
ومن المعروف أن الاقتصاد يتردد بين محور الحرية المطلقة ومحور تدخل الدولة إلى حد السيطرة ، وهناك نماذج كثيرة تقع بين هذين الطرفين ولا يمكن أن تكون كل هذه النماذج صالحة لكل مجتمع ، وعلى المجتمع أن يختار منها ما هو أكثر ملاءمة له وإلا فتح الباب للتحايل والجريمة .
ولا يمكن أن نهمل في هذا المجال جرائم الشركات والمؤسسات الاقتصادية فهي ولا شك أكثر خطورة وأبعد مدى من كل الجرائم الفردية مجتمعة وتؤدي إلى أضعاف مضاعفة من الخسائر للأموال العامة والخاصة ولا يكاد يكون هناك حصر لوسائل التلاعب والاحتيال التي تلجأ إليها بعض المؤسسات لاغتيال المال العام أو أموال المدخرين . وتقع هذه الجرائم بصفة عامة في مجال ما يسمى بجرائم ذوي الياقات البيضاء والتي تعرف عادة بأنها جرائم ترتكب من خلال ممارسة العمل والمهنة بالنسبة للأشخاص ذوي المكانة الأكثر ارتفاعا ولكنها تختلف في أنها جرائم ترتكبها مؤسسات وليست جرائم ذوي الياقات البيضاء من الأفراد كالاختلاس واستخدام الكمبيوتر لارتكاب الجرائم .
ويدخل في هذا النطاق الشركات الوهمية التي تخدع المدخرين والمساهمين وجرائم الإعلان المزيف وغش المنتجات والمستهلكات والتهرب من الضرائب والحصول على العقود بطرق احتيالية وغير مشروعة.
وعلى أي حال فإن الجرائم الاقتصادية قد بلغت اليوم من الخطورة مبلغا يستدعي أن يكون لها (كود) أو مجموعة قانونية خاصة للجرائم الاقتصادية وقد يرى أيضا أن يكون هناك إجراءات ومحاكم خاصة تتداول أخطر هذه الجرائم لوضع حد للتخريب الاقتصادي .
أما ما يطلق عليه جرائم رجال الأعمال فيتداخل إلى حد بعيد مع مجال الجرائم الاقتصادية. وقد كانت الإشارة إلى جرائم ذوي الياقات البيضاء رد فعل للفكر القديم الذي كان يربط الجريمة بالطبقات المستضعفة وعامة الناس من ذوي الياقات الزرقاء والذين يعملون بأيديهم ولكن في الوقت الحاضر لا تكفي كلمة ذوي الياقات البيضاء للتعريف بما تطور إليه الأمر فقد أصبحت أخطر الجرائم ترتكب في أعلى المستويات وأصبح الحديث اليوم عن جرائم رجال الأعمال وذوي النفوذ .
وهناك جانب معين من جرائم رجال الأعمال شائع وذائع في هذا العصر هو استخدام الرشوة بصورها المختلفة للحصول على امتيازات وعقود لدى الحكومات أو الهيئات . إذ قلما تمضي هذه الأعمال الضخمة أو توقع هذه العقود البالغة بغير نوع من الانحراف والرشوة بل بلغ الأمر برجال الأعمال أحيانا أن أصبحوا يقولون إنهم إذا لم يلجأوا إلى هذه الوسائل فإنهم لن ينجحوا في أي منافسة .
ومن الواضح أن جرائم الأعمال ليست مطلقا من قبيل الإجرام الذي نبحث عن أسبابه أساس في شخصية المجرم وتكوينه ونشأته ونفسيته وبيئته بل هو اختيار واتجاه للإرادة . وهو موجود حيث الاقتصاد الحر القائم على المنافسة وهو موجود أيضا في الاقتصاد الموجه حيث قوانين العقوبات في البلاد الشرقية تنص على أشد العقوبات بالنسبة للجرائم الاقتصادية مثل التهريب والمضاربة على أسعار السلع الضرورية والإهمال الجسيم في دارة الأعمال وتبلغ هذه العقوبات درجة قد تزيد عن عقوبات الإجرام المادي كالقتل والسرقة والإجهاض والجرائم الأخلاقية .
إن جرائم الأعمال تجتاح طوائف رفيعة المستوى الاجتماعي من المواطنين كرؤساء المصالح والشركات والمحامين والساسة والأطباء والمهندسين والمديرين كل هؤلاء اندمجوا في جرائم ذوي الباقات البيضاء أو في جرائم دوي النفوذ وهكذا ترى السجون نوعيات من البشر غير من اعتادت أن تستقبلهم .
إلا أن هناك مستوى معينا من الرشوة وخاصة في البلاد الفقيرة مثل الهند وبعض بلاد الشرق الأوسط كمصر وأمريكا الجنوبية وهو تلك " الإكرامية " التي لا تستطيع أن تؤدي عملا بدون دفعها للموظف أو العامل المختص فالعمل الذي تسعى إلى إتمامه مشروع في ذاته ولكنك لا تستطيع أن تحركه إلا عن طريق هذه " الإكرامية " ، يسود هذا في الدوائر الحكومية وغير الحكومية . ويرى البعض أن مثل هذه العطيات الصغيرة عادة هي مجرد علاوة يحصل عليها الموظف أو العامل ترتفع بدخله إلى الحد المعقول للحياة .
وإلى جانب جرائم الأعمال لابد من الإشارة إلى جرائم النفوذ بالذات . ويحدث هذا في كل النظم إلا أنه يتفاقم إذا كانت الأوضاع السياسية والقانونية تسمح ببسط الحماية على العناصر ذات النفوذ مما يشجعها على التمادي .
ونرجو ألا يفهم مطلقا أن الجريمة مرتبطة بأي نظام اقتصادي بعينه فهي ليست نصيب الرأسمالية بالذات وليست نصيب الاقتصاد الاشتراكي بالذات فتحت كلا النظامين توجد الجريمة وإن اختلفت ملامحها إلا أننا نستطيع القول بأن تزييف الرأسمالية أو الاشتراكية شيء وارد فباسم الرأسمالية أو الاقتصاد الحر قد يسود نوع من الاقتصاد الوحشي أي رأسمالية غاشمة بلا تنظيم يحقق الفرصة المتكافئة وقد تكون الاشتراكية تسمية تخفي رأسمالية الدولة ترتكب كل الخطايا وكل صنوف الاستعمال باسم العدالة الاجتماعية . ولا شك في أن هذا النزيف بما يصحبه من اهتزاز موازين العدالة الاجتماعية والفرصة المتكافئة وضرب حقوق الإنسان هو أرض صالحة لاستنبات كل أنواع الانحراف والفساد والعصيان .
وبقيت كلمة لابد منها عن الإرهاب . والإرهاب وباء من أوبئة المجتمع في العصر الحديث يزداد قوة وانتشارا وثقة ويكسب في كل يوم أرضا جديدة ويخترق حدودا جديدة . تلقى القنابل وتفجر المباني والمساكن ووسائل المواصلات وتنسف الأحياء وتؤخذ الرهائن وتذبح القرى بأطفالها ونسائها وشيوخها . وهو بذلك صورة خاصة من صور العنف . وليد شرس لأب ضال وعلامة على تدهور المشاعر الإنسانية والعدل واحترام القانون .
أما العنف فهو تعبير واسع المدى ويعني استخدام القوة والقسوة ولكن لا يعتبر كل عنف إرهابا بينما يمكن أن نعتبر كل ما هو إرهاب عنفا فليس هناك إرهاب غير مقترن كما أن من يرتكب عملا إرهابيا لا يقصد العنف مع أشخاص بذواتهم فحسب بل لا يعني إن كان الأذى يصيب الآخرين أو الأبرياء .
ولا يمكن الدفاع عن الإرهاب كما يحدث أحيانا إزاء العنف قد يكون سبيلا مشروعا للدفاع عن النفس ورد الاعتداء وتحرير الأرض والوطن ولكن الإرهاب لا يمكن أن تبرره كل هذه المبررات حتى لو ارتدى مسوح الرهبان وادعى أن له قضية وهدفا وأن الغاية تبرر وسيلته . كل هذا لا يخفى أن الإرهاب تضحية بالأبرياء وأنه حتى لو بدأ بهدف نبيل فسرعان ما ينتهي إلى جبن ونذالة وتحد لكل ما يمثله المجتمع
وتحدث الانحرافات السلوكية الناجمة عن حالات اضطراب الشخصية –وهى حالات تختلـف عن الأمراض النفسية التقليدية مثل القلق والاكتئاب والفصام والوساوس – فى نسبة تصل إلى 3% من الذكور، 1% من الإناث حسب الإحصائيات العالمية فى بعض المجتمعات، وتبدأ بوادر الانحراف السلوكى فى مرحلة المراهقة عادة أو قبل سن الخامسة عشرة، وتحدث بصفة رئيسية فى المناطق المزدحمة والعشوائية، وتزيد احتمالاتها فى الأسرة كبيرة العدد، وفى المستويات الاجتماعية والتعليمية المنخفضة، وفى دراسات على أقارب المنحرفين من معتادى الإجرام والذين يتورطون فى جرائم العنف (أو البلطجية) ثبت أن نفس الاضطراب السلوكى يوجد فى أقاربهم بنسبة 5 أضعاف المعدل المعتاد، كما أن الفحص النفسى لنزلاء السجون أثبت أن 75% ممن يرتكبون الجرائم المتكررة هم من حالات اضطراب الشخصية المضادة للمجتمع أو ما يطلق عليه الشخصية "السيكوباتية" .. ويستدل من ذلك على أن جذور ودوافع العنف تبدأ مبكراً مع تزايد هذه الممارسات والسلوكيات فى بيئات معينة يتواجد فيها الشخص فى فترات حياته المبكرة حيث يجد فيها النماذج السلبية التى يقلدها ويضاف إلى ذلك الاستعداد الفطرى للانحراف لدى بعض الاشخاص الذين يتحولون مع الوقت إلى الإجرام والجنوح لتكون سمة دائمة واختيار متكرر فى حياتهم.
التحليل النفسى للجريمة والمجرمين :
فى الدراسات النفسية التى تقوم على الفحص لشخصية هؤلاء المنحرفين الذين يتكرر ارتكابهم لحوادث العنف فإن المظهر العام قد يبدو هادئاً مع تحكم ظاهرى فى الانفعال غير أن الفحص النفسى الدقيق يظهر وجود التوتر والقلق والكراهية وسرعة الغضب والاستثارة لدى هؤلاء الأفراد، وهم لا يعتبرون من المرضى النفسيين التقليديين، ولا يعتبرون مثل الأسوياء أيضاً، بل هى حالات بيئية يمكن أن يؤكد تاريخها المرضى الميل إلى الانحراف، والكذب، وارتكاب المخالفات والجرائم كالسرقة، والمشاجرات، والإدمان، والأعمال المنافية للعرف والقانون، وتكون الجذور والبداية عادة منذ الطفولة، وهؤلاء لا يبدون أى نوع من الندم أو تأنيب الضمير، ولا ينزعجون لما يقومون به بل يظهرون دائماً وكأن لديهم تبريراً لما يفعلونه من سلوكيات غير أخلاقية فى نظر الآخرين، وليس المنحرفون نوعاً واحداً، فمنهم من يستغل صفاته الشخصية فى تحقيق بعض الإنجازات دون اعتبار للوسائل، ومنهم من يتجه إلى إيذاء الآخرين أو تدمير نفسه أيضاً، ومنهم من يتزعم مجموعة من المنحرفين أو من يفضل أن يظل تابعاً ينفذ ما يخطط له الآخرون .. ولا شك أن جرائم العنف كالقتل والمشاجرات والاغتصاب ترتبط بالانحرافات السلوكية الأخرى مثل الإدمان والسرقة والأعمال المنافية للآداب العامة، وتزيد احتمالات الإصابة بالاضطرابات النفسية فى الأشخاص الذين يرتكبون هذه السلوكيات نتيجة لإضطراب الشخصية .
الحل من منظور الطب النفسى :
ليس الحل لهذه الظاهرة الخطيرة أمراً ميسوراً من وجهة النظر النفسية بل يتطلب المشاركة بين جهات متعددة لأن الظاهرة معقدة ولها جوانبها الاجتماعية والاقتصادية والقانونية والأمنية والنفسية .. وهنا نضع بعض النقاط لتكون دليلاً للتفكير فى كيفية التعامل مع المسألة دون إهمال للجوانب النفسية الهامة نوجزها فيما يلى :
* المنحرفون الذين يعرفون بالبلطجية يختلفون تماماً عن المرضى النفسيين رغم أنهم حالات من اضطراب الشخصية المضادة للمجتمع، كما أنهم يختلفون عن مرتكبى الجرائم بدافع محدد فى ظروف معينة، ولا يعتبرون من المتخلفين عقلياً، بل هم حالات غير سوية تتطلب أسلوباً فى ظروف معينة، ولا يعتبرون من المتخلفين عقلياً، بل هم حالات غير سوية تتطلب اسلوباً آخر للمواجهة.
* للظاهرة جوانب أخرى حيث يشجع على تفاقمها عدم توقع العقاب الرادع، والعدالة البطيئة، وعدم وجود ارتباط مباشر بين ارتكاب المخالفة القانونية وتطبيق العقاب المناسب، والتأخر فى مواجهة الحوادث الفردية حتى تتزايد لتصبح ظاهرة.
* الوقاية هنا أهم من العلاج وتبدأ بالإهتمام بالتنشئة، لأن الانحراف الذى يصيب الشخصية يبدأ مبكراً، وإذا حدث فإن علاجه لا يكون ممكناً.
* فى بعض البلدان يتم وضع هؤلاء المنحرفين بعد تشخيص حالتهم –وقبل أن تتعدد الجرائم التى يقومون بارتكابها –فى أماكن تشبه المعتقلات من حيث النظام الصارم، وبها علاج مثل المستشفيات ويتم تأهيلهم عن طريق تكليفهم ببعض الأعمال الجماعية والأنشطة التى تفرغ طاقة العنف لديهم.
وبعد فقد كانت هذه رؤية لجرائم وحوادث العنف التى أصبحت من الظواهر المنتشرة فى مجتمعات العالم حاليا.. والتى تزدحم بأخبارها صفحات الحوادث فى الصحف.. وقد كان الدافع إلى محاولة تحليل اسبابها ودوافع ارتكابها وشخصية مرتكبها هو البحث عن حل يعيد شعور الأمن ليحل محل القلق والخوف من هذه الظاهرة، والكلمة الأخيرة هى أن كل الجهات التربوية والامنية والدينية ومؤسسات الرعاية النفسية والاجتماعية والجهات الاخرى يجب أن تنسق جهودها وتتعاون معا لمواجهة مثل هذه الظواهر التى تهم كل قطاعات المجتمع وترتبط بالحياة النفسية والاجتماعية للناس.
.
الجريمة: بين الوقاية والعلاج
للأستاذ الدكتور/ أحمد خليفة
جمهورية مصر العربية
كان هناك اتجاه دائم إلى الربط بين مفهوم الجريمة ومفهوم المرض على أساس أن السلوك الإجرامي سلوك مريض وليس سلوكا صحيا أو سويا. ولاشك في أن هذا الربط يؤدي إلى نتائج غير دقيقة في تفسير الجريمة ووضع سياسة الوقاية والجزاء ويؤثر في نظرية المسئولية. وفضلا عن ذلك، فإنه قد يشجع على اتجاه خاطىء هو محاولة البحث عن ميكروب الجريمة في المجتمع قياسا على البحث عن الميكروب المسبب للمرض وهو أبعد الأشياء عن حقيقة الجريمة والمجرم إذ ليس هناك ميكروب مسئول عن المجرم فالمجرم في النهاية هو صناعة المجتمع الذي يعيش فيه.
ويترتب على ذلك أنه ليس هناك مصل معين للوقاية من الجريمة. فلا هو ميكروب ولا هو سبب وحيد آخر مسئول عن الجريمة. إن كل الآراء التي اتجهت إلى محاولة تفسير الجريمة بسبب واحد كالجهل أو الفقر أو اضطراب الغدد أو الاضطرابات النفسية أو سوء الحالة الأسرية أو القدوة السيئة أو الإعلام السىء أو غير ذلك كل هذه الجهود قد باءت بالفشل والاعتقاد العام بين الباحثين الآن أن ظاهرة الجريمة مرتبطة بجذور متعددة تتفاعل في بيئة معينة وظروف معينة لا يمكن حصرها يتولد عنها السلوك الإجرامي في النهاية.
ومن ناحية أخرى فقد يصدق وصف الوباء على انتشار الجريمة. والواقع أن وباء الجريمة قد انتشر انتشارا ذريعا في العصر الحديث وتلونت ملامحه أكثر من أي وقت مضى وتضاعف عدد المجني عليهم حتى أصبحوا يزيدون أضعافا عن ضحايا أي وباء. وهو ما يعرض المجتمع كله كيانه وسعادته ومصيره للخطر والتدهور. نقول هذا حتى بدون أن نقترب من مشكلة المخدرات وهي البلاء الثقيل الذي ألم بالإنسان، إن الجريمة تضرب كل المجتمعات المعاصرة وتؤثر فيها تأثيرا بالغا وعميقا يمس أحيانا سلامة الأسس الديمقراطية والحقوق التي يقوم عليها ويهدد نوعية الحياة.
والسلوك الإجرامي على أية حال متضمن في نسيج المجتمع. ولما كانت النظم والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية متغيرة أبدا فإن هذا المضمون من السلوك المضاد للمجتمع متغير هو الآخر وهناك تفاعل مستمر بين العناصر والعلاقات الاجتماعية والاقتصادية يؤدي إلى اختفاء صور من الجريمة أو تغيرها كميا أو ظهور أنماط جديدة من الانحراف .
هكذا يتبين أن النظرة القديمة التقليدية للمجرم على أنه نوعية خاصة من البشر مما كان يضفي على الجريمة مسحة قوية من الغيبية لم يعد سليما في إطار المفهوم الجديد الذي يعتبر السلوك الإجرامي نوعا من (طرح البحر) نتيجة أمواج وتيارات متصارعة ومتلاطمة . ومن ثم لم نعد ننظر إلى المجرم على أنه مخلوق غريب لا يشبه بقية المواطنين ذلك أن عوامل الجريمة كامنة أساسا في المجتمع وقد خرجت إلى حد كبير عن المستوى الفردي إلى المستوى الاجتماعي والاقتصادي وأصبحت قادرة على إسقاط جانب أكبر من المواطنين .
لقد تقدمنا كثيرا من المنطق اللمبروزي الذي يتحدث عن المجرم بطبيعته وأصبحنا ندرك أن كل إنسان جدير أن يتحول إلى مجرم لأن الانحراف والجريمة جزء ديناميكي متغير من مسار الحياة ، وصفات الإنسان ذاته يمكن أن ترتفع به اجتماعيا أو تؤهله هي بذاتها لارتكاب الجريمة . فدراسة الجريمة هي دراسة الإنسان في مجتمع ديناميكي متغير أو بالأحرى هي صورة متحركة وليست صورة ثابتة . ويترتب على ذلك أن معظم اهتمامنا في مكافحة الجريمة ودراستها يتعين أن يتجه لدراسة أنماط السلوك المتغيرة وصلتها بالأوضاع الاجتماعية والوظائف الاجتماعية فإن كل تغير اجتماعي اقتصادي يتولد عنه أنماط وصيغ متجددة من السلوك الانحرافي مرتبطة بعناصر جديدة تنتقل إلى الصورة أو تفاعل جديد بهذه العناصر . في كلمة واحدة علينا أن نقلل من النظر إلى الجريمة على أنها (ميستيك) وأن يزيد نظرنا إليها على أنها نقد للمجتمع أي (كريتيك) . ويترتب على هذا النظر أن تتجه إلى المجتمع ذاته لمحاولة ضبطه بقدر الإمكان لكي لا يترتب على تغيره وتطوره مزيد من عدم التكيف والانحراف .
وجماع ما تقدم أن المفهوم للجريمة أن جماعة المجرمين جماعة خاصة معزولة نطوقها ونسعى إلى الخلاص منها أما النظرة الحديثة فهي أن الجريمة قدر الجماعة كالغذاء والشراب وإنها تتغير بصفة مستمرة وعلى آفاق جديدة لا يمكن حصرها أو الهرب منها وعلى كل مجتمع أن يسعى ما وسعه ذلك للتخفيف من عبء الجريمة عن المجتمع وصولا لتحقيق نوعية أفضل من الحياة .
إن مفهوم الجريمة مفهوم عريض جدا ومتعدد وإن كان الميل التقليدي هو عادة إلى أن نفكر في الجرائم التقليدية كلما ذكرت كلمة الجريمة ، فنحن نفكر فورا في السرقة والقتل والاغتصاب ومثلها من الجرائم التي أطلق عليها بعض العلماء الجرائم الطبيعية أي التي توجد في كل مجتمع وفي كل زمان ومكان ، إلا أن أفق الجريمة قد اتسع كثيرا بتعقد المجتمع البشري بصفة مضطردة وفكرة التحريم التي كانت مستغرقة في التعاليم الدينية والأخلاقية قد انطلقت انطلاقا حادا وأصبح التجريم يتناول أفعالا كثيرة لا نجد لها جذورا دينية أو حتى أخلاقية فالقوانين تسن على أساس المصالح في مجتمع معين في زمن معين . بل قد يخرج من نطاق التجريم بعض الأفعال التي تتنافى والخلق والضمير ومثال ذلك انحسار نطاق التجريم في المجالات الجنسية بحيث أصبح مقتصرا تقريبا على الاغتصاب والإكراه الجنسي في كثير من التشريعات .
وعلى أي حال فإن ما يجعل أمرا ما جرمية هو في نهاية الأمر إرادة المشرع الذي يعبر عن مجتمعه ونعني بذلك أن الجريمة من صنع قانون العقوبات أي أنها حقيقة قانونية ، وهذا لا ينفي أن إرادة المشرع إرادة معبرة عن المجتمع وليست منفصلة عن نبضه وبالتالي فإن الجريمة حقيقة اجتماعية أيضا يسنها المشرع الذي يعمل في فراغ بل يتحرك تحت ضغط فلسفات وعقائد وعوامل اجتماعية واقتصادية . ومع ذلك فعلينا أن نعترف بتخلف القاعدة القانونية أحيانا عن الحقيقة الاجتماعية أو العكس .
ولا شك أن الصورة الحديثة للجريمة أصبحت أكثر خطورة وتعقيدا وأنها أيضا أكثر عقلانية أي نشاطا محسوبا ومقصودا أكثر منها انزلاقا إلى طريق الجريمة لها صور " منظمة " وعصابات دولية قوية مسيطرة . إن الجريمة في صورتها الجديدة لم تعد نصيب الفقراء والمطحونين كما كان الأمر عندما كان قانون العقوبات يسمى بقانون الدهماء ذلك أن النشاط الإجرامي قد أصبح أيضا نصيب الخاصة وأصحاب النفوذ والثراء .
لم تعد الجريمة إذن في صورتها التقليدية التي يعرفها عامة الناس واعتادوا على ربطها بالتخلف. والواقع أن الجريمة لا صلة لها بالتخلف أو التقدم أو رفع مستوى المعيشة أو المستوى التع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
admin

admin

نوع المتصفح موزيلا

صلي على النبي

صل الله عليه وسلم


انجازاتي
لايتوفر على اوسمة بعد:  

تابع ..مفهوم الجريمة و المجرم و الضحية.. Empty
مُساهمةموضوع: رد: تابع ..مفهوم الجريمة و المجرم و الضحية..   تابع ..مفهوم الجريمة و المجرم و الضحية.. Empty2010-09-24, 13:42

بارك الله فيك وفيت وكفيت وجعل
ماقدمتفي ميزان حسناتك
واصل ولاتفاصل في متابعة
جديد تنوع مواضيعك
.
.
.
.
أجمل تحيه
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عاشق الظلام

عاشق الظلام

نوع المتصفح موزيلا

صلي على النبي

صل الله عليه وسلم


انجازاتي
لايتوفر على اوسمة بعد:  

تابع ..مفهوم الجريمة و المجرم و الضحية.. Empty
مُساهمةموضوع: رد: تابع ..مفهوم الجريمة و المجرم و الضحية..   تابع ..مفهوم الجريمة و المجرم و الضحية.. Empty2010-09-24, 13:45

شكراااااااااا على المرور
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
زيدان

زيدان

نوع المتصفح موزيلا

صلي على النبي

صل الله عليه وسلم


انجازاتي
لايتوفر على اوسمة بعد:  

تابع ..مفهوم الجريمة و المجرم و الضحية.. Empty
مُساهمةموضوع: رد: تابع ..مفهوم الجريمة و المجرم و الضحية..   تابع ..مفهوم الجريمة و المجرم و الضحية.. Empty2010-09-27, 12:40

بارك الله فيك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عاشق الظلام

عاشق الظلام

نوع المتصفح موزيلا

صلي على النبي

صل الله عليه وسلم


انجازاتي
لايتوفر على اوسمة بعد:  

تابع ..مفهوم الجريمة و المجرم و الضحية.. Empty
مُساهمةموضوع: رد: تابع ..مفهوم الجريمة و المجرم و الضحية..   تابع ..مفهوم الجريمة و المجرم و الضحية.. Empty2010-10-22, 13:44

شكراااااااا على المرور
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
sayad

sayad

صلي على النبي

صل الله عليه وسلم


انجازاتي
لايتوفر على اوسمة بعد:  

تابع ..مفهوم الجريمة و المجرم و الضحية.. Empty
مُساهمةموضوع: رد: تابع ..مفهوم الجريمة و المجرم و الضحية..   تابع ..مفهوم الجريمة و المجرم و الضحية.. Empty2010-11-08, 11:18

بارك الله فيك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://www.facebook.com/sayad16
عاشق الظلام

عاشق الظلام

نوع المتصفح موزيلا

صلي على النبي

صل الله عليه وسلم


انجازاتي
لايتوفر على اوسمة بعد:  

تابع ..مفهوم الجريمة و المجرم و الضحية.. Empty
مُساهمةموضوع: رد: تابع ..مفهوم الجريمة و المجرم و الضحية..   تابع ..مفهوم الجريمة و المجرم و الضحية.. Empty2010-11-08, 14:01

شكرااااااااااااااا على المرور
العطر والمتميز
ميرسي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
mysterious boy

mysterious boy

نوع المتصفح موزيلا

صلي على النبي

صل الله عليه وسلم


انجازاتي
لايتوفر على اوسمة بعد:

الوسام الأول


تابع ..مفهوم الجريمة و المجرم و الضحية.. Empty
مُساهمةموضوع: رد: تابع ..مفهوم الجريمة و المجرم و الضحية..   تابع ..مفهوم الجريمة و المجرم و الضحية.. Empty2010-11-11, 19:15

merciiiiiiiiiiiiii
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://sadi9i.yoo7.com/
ZaKoo

ZaKoo

نوع المتصفح صافاري

صلي على النبي

صل الله عليه وسلم


انجازاتي
لايتوفر على اوسمة بعد:  

تابع ..مفهوم الجريمة و المجرم و الضحية.. Empty
مُساهمةموضوع: رد: تابع ..مفهوم الجريمة و المجرم و الضحية..   تابع ..مفهوم الجريمة و المجرم و الضحية.. Empty2010-11-12, 01:12

بارك الله فيك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عاشق الظلام

عاشق الظلام

نوع المتصفح موزيلا

صلي على النبي

صل الله عليه وسلم


انجازاتي
لايتوفر على اوسمة بعد:  

تابع ..مفهوم الجريمة و المجرم و الضحية.. Empty
مُساهمةموضوع: رد: تابع ..مفهوم الجريمة و المجرم و الضحية..   تابع ..مفهوم الجريمة و المجرم و الضحية.. Empty2010-11-13, 13:39

شكرااااااااااااااا على المرور
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Roshan

avatar

نوع المتصفح موزيلا

صلي على النبي

صل الله عليه وسلم


انجازاتي
لايتوفر على اوسمة بعد:

الوسام الأول


تابع ..مفهوم الجريمة و المجرم و الضحية.. Empty
مُساهمةموضوع: رد: تابع ..مفهوم الجريمة و المجرم و الضحية..   تابع ..مفهوم الجريمة و المجرم و الضحية.. Empty2011-08-17, 14:44

بحث رائع
ومفيد
اجمل تحية
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
تابع ..مفهوم الجريمة و المجرم و الضحية..
استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» مفهوم الجريمة و المجرم و الضحية
» بحث في الجريمة المنظمة تابع
» عاجل صورة (المجرم) منفذ مذبحة أسطول الحرية والمرشح لوسام شرف
» بحث في الجريمة المنظمة
» تحميل كتاب :الجريمة المنظمة وأساليب مكافحتها

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
شبكة سيدي عامر :: أقسام العلم و التعليم :: التعليم عن بعد ONEFD والبحوث التربوية :: منتدى البحوث التربوية-
انتقل الى: