يعتبرالفريق أول عبد المنعم رياض واحدا من أشهر العسكريين العرب خلال النصفالثاني من القرن العشرين. شارك في الحرب العالمية الثانية ضد القواتالألمانية والإيطالية بين عامي 1941 و 1942, وفي حرب فلسطين عام 1948,وحرب 1956, وكان قائدا لمركز القيادة المتقدم في عمان أثناء حرب 1967, كماكان أحد الأعمدة الرئيسية التي اعتمد عليها الرئيس جمال عبد الناصر فيإعادة بناء وتنظيم القوات المسلحة المصرية وحرب الاستنزاف.
الميلاد والنشأة
ولد عبد المنعم محمد رياض عام 1919 في قرية (سبرباي) إحدى ضواحي مدينةطنطا في مصر، ونشأ في أسرة اشتهر عنها النظام والانضباط حيث كان والدهالقائمقام (عقيد) محمد رياض عبد الله قائد (بلوكات) الطلبة بالكليةالحربية والذي تخرجت على يديه أعداد كبيرة ممن تولوا مناصب قيادية داخلالمؤسسة العسكرية المصرية.
التعليم
بعد حصوله على شهادة الثانويةالعامة التحق بكلية الطب تمشيا مع رغبة أسرته، لكنه بعد عامين من الدراسةآثر الالتحاق بالكلية الحربية التي كان يجد في نفسه ميلا شديدا إليها،وتخرج فيها عام 1938 برتبة ملازم ثان.وفي عام 1944 نال شهادة الماجستير فيالعلوم العسكرية وكان ترتيبه الأول في التخرج، وفيما بين عامي 1945 - 1946أتم دراسته كمعلم مدفعية مضادة للطائرات في مدرسة المدفعية المضادةللطائرات في بريطانيا بتقدير امتياز. وانتسب لكلية التجارة وهو برتبةفريق؛ لإيمانه بأن الإستراتيجية هي الاقتصاد. وقد أجاد عبد المنعم رياضعدة لغات منها الإنجليزية والفرنسية والألمانية والروسية.
التوجهات الفكرية
كان عبد المنعم رياضيؤمن بحتمية الحرب ضد إسرائيل, ويعتقد أن العرب لن يحققوا نصرا عليها إلافي إطار استراتيجية شاملة تأخذ البعد الاقتصادي في الحسبان وليس مجرداستراتيجية عسكرية. وكان يؤمن بأنه "إذا وفرنا للمعركة القدرات القتاليةالمناسبة وأتحنا لها الوقت الكافي للإعداد والتجهيز وهيأنا لها الظروفالمواتية فليس ثمة شك في النصر الذي وعدنا الله إياه".
كما كانت له وجهة نظر في القادة وأنهم يصنعون ولا يولدون فكان يقول: "لاأصدق أن القادة يولدون، إن الذي يولد قائدا هو فلتة من الفلتات التي لايقاس عليها كخالد بن الوليد مثلا، ولكن العسكريين يصنعون، يصنعهم العلموالتجربة والفرصة والثقة. إن ما نحتاج إليه هو بناء القادة وصنعهم،والقائد الذي يقود هو الذي يملك القدرة على إصدار القرار في الوقت المناسبوليس مجرد القائد الذي يملك سلطة إصدار القرار".
حياته العسكرية
عين عبد المنعم رياض بعد تخرجه في سلاح المدفعية، والتحق بإحدى البطارياتالمضادة للطائرات في الإسكندرية والسلوم والصحراء الغربية خلال عامي 1941و1942 حيث اشترك في الحرب العالمية الثانية ضد القوات الإيطاليةوالألمانية.وخلال عامي 1947 - 1948 عمل في إدارة العمليات والخطط فيالقاهرة، وكان همزة الوصل والتنسيق بينها وبين قيادة الميدان في فلسطين,ومنح وسام الجدارة الذهبي لقدراته العسكرية التي ظهرت آنذاك. تولى قيادةمدرسة المدفعية المضادة للطائرات في عام 1951 وكان وقتها برتبة مقدم، ثمعين قائدا للواء الأول المضاد للطائرات في الإسكندرية عام 1953، وفي العامالتالي اختير لتولي قيادة الدفاع المضاد للطائرات في سلاح المدفعية, وظلفي هذا المنصب إلى أن سافر في بعثة تعليمية إلى الاتحاد السوفياتي عام1958 لإتمام دورة تكتيكية تعبوية في الأكاديمية، وأتمها في عام 1959بتقدير امتياز وحصل على لقب (الجنرال الذهبي).
بعد عودته شغل منصب رئيس أركان سلاح المدفعية عام 1960 ثم نائب رئيس شعبةالعمليات برئاسة أركان حرب القوات المسلحة عام 1961, وأسند إليه منصبمستشار قيادة القوات الجوية لشؤون الدفاع الجوي. اشترك وهو برتبة لواء فيدورة خاصة بالصواريخ بمدرسة المدفعية المضادة للطائرات خلال عامي 1962 -1963, وفي عام 1964 عين رئيسا لأركان القيادة العربية الموحدة. ورقي فيعام 1966 إلى رتبة فريق, وأتم في السنة نفسها دراسته بأكاديمية ناصرالعسكرية العليا, وحصل على زمالة كلية الحرب العليا. بعد عقد معاهدةالدفاع المشترك بين مصر والأردن في 30 مايو/أيار 1967 وضعت قوات الدولتينتحت قيادة مشتركة كان الفريق عبد المنعم رياض قائدا لمركز القيادة المتقدمفي عمان، فوصل إليها في الأول من يناير/كانون الثاني 1967 مع هيئة أركانصغيرة من الضباط العرب لتأسيس مركز القيادة.وحينما اندلعت حرب 1967 عينالفريق عبد المنعم رياض قائدا عاما للجبهة الأردنية، وفي 11 يونيو/حزيران1967 اختير رئيسا لأركان حرب القوات المسلحة المصرية ؛ فبدأ مع وزيرالحربية والقائد العام للقوات المسلحة الجديد الفريق أول محمد فوزي إعادةبنائها وتنظيمها.وفي عام 1968 عين أمينا عاما مساعدا لجامعة الدول العربيةوكان آخر ما أسند إليه من مهام إدارة معارك المدفعية ضد القواتالإسرائيلية المتمركزة في الضفة الشرقية لقناة السويس خلال ما عرف بحربالاستنزاف.
حقق عبد المنعم رياض انتصارات عسكرية في المعارك التي خاضتها القواتالمسلحة المصرية خلال حرب الاستنزاف مثل: معركة رأس العش التي منعت فيهاقوة صغيرة من المشاة سيطرة القوات الإسرائيلية على مدينة بورفؤاد المصريةالواقعة على قناة السويس، وتدمير المدمرة الإسرائيلية إيلات ، وإسقاط بعضالطائرات الحربية الإسرائيلية خلال عامي 1967 و 1968.
الوفاة
أثناء الاشتباكات العنيفة التي حدثتبين القوات المصرية والإسرائيلية في 9 مارس/آذار 1969 على امتداد الجبهةمن السويس جنوبا إلى القنطرة شمالا أصر الفريق عبد المنعم رياض على زيارةالجبهة رغم ما في ذلك من خطورة ليرى سير المعارك عن كثب ويكون بين جنوده،ووصل إليها بالفعل على متن طائرة عمودية ومعه مدير المدفعية وانضم إليهماقائد الجيش. وفي ظهر ذلك اليوم أصر على زيارة إحدى وحدات المشاة الفرعيةالتي لم تكن تبعد عن مرمى النيران الإسرائيلية سوى 250 مترا والتي كانت فياشتباكات معه طوال اليوم الفائت وتقع تحت سمعه وبصره، وما إن وصل إلى تلكالوحدة حتى وجهت إليهم إسرائيل نيران مدفعيتها، واستمرت المعركة التي كانيقودها عبد المنعم بنفسه حوالي ساعة ونصف الساعة إلى أن انفجرت إحدى طلقاتالمدفعية بالقرب من الحفرة التي كان يقود المعركة منها ، ونتيجة للشظاياالقاتلة وتفريغ الهواء توفي عبد المنعم رياض بعد 32 عاما قضاها عاملا فيالجيش متأثرا بجراحه.وقد نعاه الرئيس جمال عبد الناصر ومنحه رتبة الفريقأول ونجمة الشرف العسكرية التي تعتبر أكبر وسام عسكري في مصر
المصدر:
إسلام ويب - سعادة تمتد