عذابات في منفى الفرنسيّة…وشهيد للغة العربيّة بورتريه "مالك حدّاد"

شاطر
 

 عذابات في منفى الفرنسيّة…وشهيد للغة العربيّة بورتريه "مالك حدّاد"

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
admin

admin

نوع المتصفح موزيلا

صلي على النبي

صل الله عليه وسلم


انجازاتي
لايتوفر على اوسمة بعد:  

عذابات في منفى الفرنسيّة…وشهيد للغة العربيّة بورتريه "مالك حدّاد" Empty
مُساهمةموضوع: عذابات في منفى الفرنسيّة…وشهيد للغة العربيّة بورتريه "مالك حدّاد"   عذابات في منفى الفرنسيّة…وشهيد للغة العربيّة بورتريه "مالك حدّاد" Empty2010-11-13, 08:36

بورتريه "مالك حدّاد"
كتب:سميّة متيش - الجزائر
عذابات في منفى الفرنسيّة…وشهيد للغة العربيّة بورتريه "مالك حدّاد" Sky-Horse-lمسار أدبيّ زاخر بالمواقف النضاليّة، ومشاعر القوّة والأمل حينا، والإنكسار والألم حينا آخر، لتلتهب نيران الأشواق للوطن واللغة في دواوين شعريّة وروايات أدبيّة التي أهدأت قليلا ألسنة النيران الملتهبة في قلب محبّ كان يُردّد قلمه أنينا وآهات.
وُلد "مالك حدّاد" في الليلة الخامسة من ليالي يوليو المفعمة بنسائم الصيف الهادئة سنة 1926، بأحد أحياء "قسنطينة" العريقة حيّ "فوبور لامي" –الأمير عبد القادر حاليّا- كما كانت تنعنه فرنسا. تلقى تعليمه الأوّل بمدرسة سيدي جليس الإبتدائيّة حيث تلقن حرقة الأبجديّة الفرنسيّة، لينتقل بعدها إلى ثانويّة "أومال" والمعروفة اليوم بـ"ثانويّة رضا حوحو" وينجح في شهادة البكالوريا شعبة الفلسفة والأدب،


متوّجها بعدها إلى ليبيا حيث عمل مدّرسا في إحدى مدنها الصحراويّة، وشاء القدر أن يُدرّس طفلا صار له شأن عظيم، هو اليوم الرجل الأوّل في ليبيا "العقيد معمّر القذافي". وهكذا مكث سنتين بمدينة "الراث" الصحراويّة ليعود إلى مسقط رأسه "قسنطينة"، ثمّ تأهبّ للرحيل إلى فرنسا وسرعان ما التحق بجامعة "اكس أون بروفونس" واختار قسم الحقوق.
عذابات في منفى الفرنسيّة…وشهيد للغة العربيّة بورتريه "مالك حدّاد" Constantine-vuegeneral_1
لكن بعد مُضيّ سنتين آثر مهنة التعليم على مُزاولة الدراسة؛ وشيئا فشيئا بدأ يكتشف ملكة الكتابة وأطلق قلم "مالك" العنان للإبداع فاختار درب الأدب وأخذ في مراسلة عدد من الصحف الفرنسيّة المهتمّة بالثقافة والإبداع، والتي نشرت له سلسلة من المقالات أُعجب بها القرّاء، وقد رأى فيه الشاعر الفرنسي "لويس آراغون" –مدير جريدة "لوسوار" الفرنسيّة- أديبا ذا مستقبل زاهر، وتنبّأ له ذلك من خلال أسلوبه الأدبيّ الشيّق، وعباراته المنتقاة، ولغته الشعريّة التي تفيض صدقا وانسانيّة...وهكذا تجلّى "مالك حدّاد" شاعرا بنشره لأوّل ديوان شعري الموسوم بـ"الشقاء في خطر" سنة 1956، تلته مجموعة شعريّة بعنوان: "أنصت وسأناديك"، وغيرهما من الدواوين الشعريّة التي أسقط فيها "مالك" مختلف أنواع المشاعر من حبّ، حرب، انسانيّة، جمال، وسلام. كما برع في كتابة الرواية أيضا، إذ نُشرت له سلسلة من الروايات ابتداء من سنة 1958 برواية: "الإنطباع الأخير"، وعام 1959 بنشره لرواية: "سأهبك غزالة"، تلتها رواية: "التلميذ والدرس" سنة 1961، وفي السنة ذاتها نشر "رصيف الأزهار لا يُجيب"، بالإضافة إلى مجموعة المحاضرات والمقالات التي مكنته من تلبية نداءاته الإبداعيّة والوطنيّة، حيث كانت تُمثل له الكتابة شكلا من أشكال المشاركة في المعركة التي يخوضها الشعب الجزائريّ. فكم كان جُرحه عميقا وألمه حادّا حين كان يستفيق كلّ صباح وينعي أحد رفاقه الواحد تلو الآخر، لذا قرّر الإنتقام لكلّ الذين فقدهم بالكتابة، ولم يكن وحيدا في ذلك إذ انتقم له الشاعر السوري "سليمان العيسى" من اللغة الفرنسيّة فجادت قريحته بأبيات قد تكون أخمدت قليلا تلك الحرقة التي كان يُعاني منها "مالك":
سأكتب عنك بالجمر
سأكتب عنك بالعربيّة العطشى للثأر
سأكتب لك يا مالك
سأعجّل بالحروف الخضر كلّ عُطاش آمالك
سأكتب عنك أنشودة
ترّن بحروف القرآن بالأوراس
سأكتب عنك...لا حزن، لا ألم، لا منفى عُرف عن "مالك حدّاد" تمسّكه بالمبادئ الوطنيّة حيث خاطب الإحتلال الفرنسيّ بجرأة قائلا: "وطننا هو الجزائر، وبدون الإسلام لسنا نُساوي شيئا"، وعلى الرّغم من مواقفه ازاء المحتل، واصراره الدائم على أنّ اللغة الفرنسيّة حاجز بينه وبين وطنه أمتن وأعمق من حاجز البحر الأبيض المتوسط واصفا اللغة الفرنسيّة بـ"منفاي الذي أعيش فيه"، إلا أنّه كان يلقى اعجاباً وتقديراً كبيرين من قبل النخبة المثقفة الأوروبيّة، اعترافا منهم بموهبته في التعبير عن لسان حال وطنه وأرضه في أشعاره ورواياته. ولا يفوتنا أنّ "مالك حدّاد" كان مولعا بقراءة الأدب الفرنسي، إذ اطلع في سنّ مبكرة على أغلب مؤلفات "بالزاك"، "فولتير"، "ستاندال"، "فيكتور هيجو"...وغيرهم، بالإضافة إلى الروايات المترجمة لغير الفرنسيين كرواية "جبّ الأم" لـ"غوركي"، وقصص "بوشكين" الشيّقة والهادفة، ويُقال أنّه كان ينتابه احساس أثناء قراءته للكتب بأنّه صاحبها. عذابات في منفى الفرنسيّة…وشهيد للغة العربيّة بورتريه "مالك حدّاد" Images_0هذا ويُعتبر "مالك حدّاد" أوّل أمين عامّ لإتحاد الكتاب الجزائريين..فبعد اشتغاله بقطاع التعليم لفترة وجيزة، وسفره لفرنسا من أجل الدراسة، وفور عودته لقسنطينة عقب الإستقلال أشرف على القسم الثقافي لجريدة "النصر"، انتقل بعدها إلى العاصمة الجزائريّة ليُشرف على مجلة "آمال" –صدى الأقلام والمواهب الشابّة- التي كانت تصدر عن وزارة الثقافة والإعلام آنذاك، وبعدها مجلة "الثقافة" والتي كانت فضاء رحبا للأقلام الأدبيّة الناضجة، عيّن بعد ذلك مستشارا بوزارة الثقافة والإعلام؛ وبما أنّه انخرط كمناضل في حزب الشعب الجزائريّ وعمره لا يتجاوز العشرين ربيعا، سنحت له الفرصة للسفر كمبعوث لجبهة التحرير الوطنيّ لمختلف العواصم العالميّة كانت باريس احداها، بالإضافة إلى جنيف، تونس، نيودلهي، وموسكو، مع هذا تبقى "قسنطينة" أقرب المدن لفؤاده كونها وحدها التي تُلملم انكساراته وتحضن أمانيه وتمنحه حنانها اللا متناهي، وهكذا اختار "مالك" قسنطينة كي تكون عنوانا لكتاباته المفعمة بالنبل، والإنسانيّة، والصوفيّة، والوطنيّة لتصل لأبعد الحدود وأبلغ المعاني. ولأنّ للكتابة الأدبيّة طقوس تُمكن الكاتب من الإبداع في نصوصه، أو تمنحه إلهاما يُبدع من خلاله في كتاباته، لـ"مالك" طقوس لا تختلف كثيرا عن طقوس مثله من المبدعين، حيث كانت أنامله تهوى مداعبة السيجارة، وكان يحتسي كثيرا من فناجين الشاي، كما أنّه كان يُفضل الإستمتاع بحياته في سكون الدّجى، أمّا أكلته المفضلة فهي الطبق الجزائريّ: "رأس الغنم المشوي" والشهير بإسم "البوزلوف"...
لكن شاء القدر أن يرحل عنّا "مالك" ذات يونيو من عام 1978 عقب صراع طويل وصمود كبير مع مرض عُضال أصابه...رحل ووصيّته أن يُدفن بجبل الوحش –أعالي مدينة قسنطينة- وأن يُكتب على شاهد قبره "هنا يرتاح مالك حدّاد"...وهكذا رحل الجسد وبقيت الروح تسكن أرض الأدب فالمبدعون لا يموتون، لا يموت من يُخلف ورائه ثراءً أدبيّا متنوّعا بين الشعر والرواية والمقالات الصحفيّة؛ ولا يُعبّر عن ذلك سوى كلمات الروائيّة الجزائريّة "أحلام مستغانمي" التي أهدتها لروحه في روايتها "ذاكرة الجسد": "غداة الإستقلال وقف مالك حدّاد ليُعلن في ندوة صحفيّة: "إنّ اللغة الفرنسيّة منفاي...لذا قرّرت أن أصمت"...إلى مالك حدّاد ابن قسنطينة الذي مات متأثرا بسرطان صمته ليصبح شهيد اللغة العربيّة وأوّل كاتب يموت قهرا وعشقا لها...أُهدي هذه الرواية وفاء متأخرّا، رحل مالك ليترك الأسئلة قائمة، والأحلام معلنة ومستترة، داكنة وصافية، ربّما كان يريد أن يقول أشياء كثيرة لكن النفي داخل اللغة لا يحسّ به إلا من عاناه."
وإن رحل الجسد فكيف لنا أن نمحي من أذهاننا شاعريّة "مالك" التي ظلت مقترنة بثالوث الثورة، الحبّ، والإنتماء؛ كيف لنا أن نتجاهل "مالك حدّاد" قيثارة قسنطينة التي عزفت أروع الألحان لعشاق الوطن والروح على أوتارالأبيات الشعريّة والنصوص الروائيّة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
حـمزة

حـمزة

نوع المتصفح شروم

صلي على النبي

صل الله عليه وسلم


انجازاتي
لايتوفر على اوسمة بعد:  

عذابات في منفى الفرنسيّة…وشهيد للغة العربيّة بورتريه "مالك حدّاد" Empty
مُساهمةموضوع: رد: عذابات في منفى الفرنسيّة…وشهيد للغة العربيّة بورتريه "مالك حدّاد"   عذابات في منفى الفرنسيّة…وشهيد للغة العربيّة بورتريه "مالك حدّاد" Empty2010-11-13, 15:23

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ألف شكر لكَ على هذا الموضوع المميز و المعلومات القيمة
إنـجاز أكثر رائــــــع
لكن أرجو منكَ عدم التوقف عند هذا الحد
مـنتظرين ابداعتــــــك
دمتـ ودام تألقـك
تحياتــي
اخوك في الله HAMZA
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ANISS HANNA

ANISS HANNA

صلي على النبي

صل الله عليه وسلم


عذابات في منفى الفرنسيّة…وشهيد للغة العربيّة بورتريه "مالك حدّاد" Empty
مُساهمةموضوع: رد: عذابات في منفى الفرنسيّة…وشهيد للغة العربيّة بورتريه "مالك حدّاد"   عذابات في منفى الفرنسيّة…وشهيد للغة العربيّة بورتريه "مالك حدّاد" Empty2010-11-13, 15:51

مشكوووووووووووووور على هذا الموضوع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
عذابات في منفى الفرنسيّة…وشهيد للغة العربيّة بورتريه "مالك حدّاد"
استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» موطأ الامام مالك - مالك بن انس
» بورتريه مكتوب حول المجاهد سي محفوظ سليمان
» فرض في اللّغة العربيّة 1 علوم وتكنولوجيا
» الاختبار الثالث لّغة العربيّة 2 متوسط
» التوازيع السّنويّة للّغة العربيّة السنوات الثلاث

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
شبكة سيدي عامر :: بلادي :: تعرف على الوطن العربي :: بوابتك للتعرف على الجزائر :: شخصيات جزائرية-
انتقل الى: