الشعب للبيع
الشعب للبيع هاقد قرروا وكفى
ألا ترى الشعب نحو القيد منصرفا
والشعب يعشق حكاما ويمدحهم
بهم يهيم وقد تلقاه منشغفا
هنا العبيد فمن ذا يشتري خدما؟
قل كالبهائم حين اختارت العلف
السوط لو قال: لا، والضرب في حنق
لا يصلح العبد إلا إن هو ارتجف
في كل زاوية تفتيش ملبسه
نزع السراويل أو فضح لما التحف
ولازم للحريم الكشف عن جسد
إني بلبس خمار لست معترفا
فالرأس عار, وثغر باسم ألقا
لا بأس لو بان ستر الناس وانكشف
كم حاكم مجد الدستور من زمن
ومصحفا فوقه بالله قد حلف
الله أكبر ما بال الأولى ارتحلو
صانوا العهود التي لا تخدش الشرف
كان الأبي إذا ادلمت به أسدا
يزلزل الكون إن أرغى وإن هتف
يقول لا ونعم لا شيئ يوقفه
لا يكثر اللوم والتبرير والأفف
كم قلت إني حر سيد ملك
لا أرهب الرعد لو دوى ولو قصف
لكنها خدعة فالشعب في كرب
النصف مل ونصف في اللظى وقف
محسوبة في سطوري كل فاصلة
هو النظام بلون الخسة اتصف
نقض العهود لهم نهج إلى أبد
وليس كاتم سر كالذي اعترف
ومدمن لغة الإرجاف ديدنه
فلا يلام إذا من كوبنا ارتشف
الله يقبل عبدا لو أتى لمما
وليس معتمدا للذنب مقترفا
تغامزوا يوم لِنَّا فانتهى أمل
وليس ذائق نزر كالذي اغترف
أتى علينا زمان راعنا صنم
وقد أباحوا لنا أن نأكل الجيف
الشعب للبيع لا نفط ولا ذهب
وقد رهناه للأعداء فاستلف
ستضحكون إذا قلنا بلا وجل
كل الشعوب مبيعات لنا سلفا
تهوى القيود وأرخت رجلها فمشت
والسوط يلهب جلدا أو يحز قفا
كل الشعوب مع الأغلال سائمة
وقهرها أبدا لا يبعث الأسف
هم هكذا عرب رقص وغانية
والشعب ظل على التصفيق محترفا
مهما صحا فمدام السكر في فمه
مضيعا من يديه الدرب والهدف
نعم تحالفت لكن غادرون جنوا
والله يرصد من للوعد قد خلف
الخائنون عهودنا لوثوا دمنوا
وزوروا الصوت واختاروا لنا الشظف
عرفتهم من لحون القول منذ مدى
لكن غلبت وقالوا كدرة وصفا
قلت اتركوني أنا والله في نكد
فقيل هذا نشاز أو فصول جفا
وقلت ياقوم تلكم حيلة سبكت
وما أتى ملك من هكذا صدفا
أنا بريئ قميصي قد من دبر
وقلت يوم البلى لا لم أكن طرفا
يا أخت هارون طهر أم مهادنة
أم زكت وأب في داره اعتكف
لما أشارت إليه انتابهم فزع
طفل رضيع بأمر الله قد كلف
برا بوالدتي في كل شاردة
والله يبني لها في الجنة الغرف
أحيا كما الجبل العالي على قيم
أقاوم اللص والمحتال والصلف
شكرا لكم خدعة ما خاب حابكها
الدمع لاغ إذا ماسال وانذرف
قيل انتهى الدرس هل من واقف رجل
بنا يخوض إلى الهيجاء منعطفا
ناديت لكن كأني لا أرى أحدا
لم يسمعوني وقلبي انهد بل وجف
طبيخكم فاح قوموا وامسحوا نتنا
لا يقبل الطهر هذا الزيف والقرف
عافوا القمامة قولوا لمسها نجس
ولا صلاة لمن قد ربت الكتف
خاب الذي مدح السلطان ثانية
بئس الذي مع ذئاب الغابة احتلف
وما دعا القرب منهم أيما أحد
إلا وزاغ عن الإخلاص وانحرف
اللاهثون وراء التيه معذرة
فالمسرحية ذا عنوانها عرف
شكرا لكم أيها الماشون في لجج
ما أفلح القوم حين استأثروا الصحف
الله يعطي لأهل العفة الخلف
واللاهثون على الدنيا جنوا تلفا
الشعب للبيع مذ أن ضيعت ذمم
ومرغ الناسُ في المستنقع الأنف
ونستحق من العذال ما قدحوا
فمن يهن سار نحو التيه وانجرف
محمد براح /الجزائر