أنى تغيب ونور وجهك ساطع | وضباء حبك في الفؤاد رواجع
|
أنى تغيب وأنت في عيني ضحى | يزهو وبرق في خيالي لامع
|
أنى تغيب وأنت بين جوانحي | شمس وفي الظلماء بدر طالع
|
أنى تغيب وأنت ظل عندما | تشتد رمضائي إليه أسارع
|
حاصرتني في نصف دائرة الهوى | وأنا بحظي من حصارك قانع
|
من أين أخرج والسياج يحيط بي | من كل ناحية وأمرك قاطع
|
وأنا أقول لظبية الشعر التي | ربيتها إن المسافر راجع
|
يا ظبية الشعر اطمئني إنني | ما زلت في كتب الحنين أراجع
|
في القلب شيء قيل لي هو لوعة | وأنا أقول هو الحريق اللاذع
|
وبمقلتي نهر سينقص قدره | لو قلت هذي في العيون مدامع
|
وأمام أبواب المشاعر نبتة | في غصنها ثمر المودة طالع
|
يا ظبية الشعر المؤجج في دمي | تيهي فصيتك في فؤادي ذائع
|
عاقبتني لما شكوت وإنما | أشكو لأن الحق فينا ضائع
|
ولأن جدران الكرامة هدمت | في أمتي والذل فيها شائع
|
ولأنني أبصرت ثعبان الهوى | في نابه المشؤوم سم ناقع
|
ولأنني أبصرت ما لم تبصري | فهناك ذئب عند بابك قابع
|
إني أقول لمن يعاتبني أفق | فأنا بسيف الشعر عنك أقارع
|
أنظر إلى لون السلام وطعمه | مر مذاقته ولون فاقع
|
قالوا السلام أتى فتابعنا الذي | وصفوا فبان لنا الكلام الخادع
|
قلنا لهم أين السلام فما نرى | إلا أكف الواهمين تبايع
|
شتان بين مسالم ومتاجر | إن المتاجر للكرامة بائع
|
في كف داعية السلام مزاهر | وبكف تجار السلام مقامع
|
أرأيت في الدنيا سلاما عادلا | تدعو إليه قنابل ومدافع
|
إني لأخجل حين أضحك لاهيا | وقد ارتمى في الأرض طفل جائع
|
إني لأخجل حين أشغل بالهوى | وعفاف ليلى البسنوية دامع
|
إني لأخجل حين أبصر أمتي | تهفو إلى أعدائها وتوادع
|
ما زلت أدعوها ويجمد في فمي | صوت المحب ولا يجيب الخاضع
|
ما زلت أدعوها وألف حكاية | تروى عن الأهل الذين تقاطعوا
|
عن إخوة ركبوا الخلاف مطية | وإلى سراديب الشقاق تدافعوا
|
يا أمة يسمو بها تاريخها | ويسوقها نحو الضياع الواقع
|
يا أمة تصغي إلى أهوائها | وتسد سمعا حين يصدع صادع
|
يا أمة ما زلت أسأل حالها | عنها فتنطق بالجواب فواجع
|
ما لي أراك فتحت أبواب الهوى | وقبلت ما يدعو إليه الطامع
|
يممت غربا والحقائق كلها | شرق وفي يدك الدواء الناجع
|
ما لي أراك مددت للمال الربا | جسرا وفي القرآن عنه قوارع
|
أنسيت حرب الله وهي رهيبة | أوما لديك من العقيدة رادع
|
أو غاية الإسلام عندك أن يرى | لك في الوجود معامل ومصانع
|
أنسيت أن الناس فيك معادن | أنسيت أن الأرض فيك مواضع
|
لا تخدعي بعض الوجوه قبيحة | وتزينها للناظرين براقع
|
وإذا أراد الله نزع ولاية | عمي البصير بها وصم السامع
|
يا أمتي عوتبتُ فيك وإنما | خشي المعاتب أن يسوء الطالع
|
قالوا تدافع بالقصائد قلت | بل بيقين قلبي عن حماك أدافع
|
شبت عن الطوق الحروف فما | بها حرف يزيف رؤيتي ويخادع
|
أسلمت للرحمن ناصيتي فما | تلهو القصائد أو يغيب الوازع
|
إني أتوق إلى انتصار عقيدة | فيها لأنهار النجاة منابع
|
قالوا : تروم المستحيل ؟ فقلت | بل وعد من الرحمن حق واقع
|
والله لو جرف العدو بيوتنا | ورمت بنا خلف المحيط زوابع
|
لظللت أؤمن أن أمتنا لها | يوم من الأمجاد أبيض ناصع
|
هذي حقائقنا وليست صورة | وهمية فيها العقول تنازع
|
أنا لن أمل من النداء فربما | أجدى نداء من فؤادي نابع |