نكمل حديثنا عن الوقت مع نماذج ممن أستفادوا من أوقاتهم جيدا، فيما ينفع ويفيد
جلسة تأمل ( فى مسجد ـ على شاطىء البحرـ ........)
لقد أعطانا الله عمرًا وأمدنا بطاقات وقدرات، وأنعم علينا بالإسلام
ومتعنا بنعمة الأمان والصحة والعلم وسعة الرزق, فنعم الله تحيط بنا من كل جانب: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا} [النحل: 18].
ولو سألت نفسك ما أكثر نعمة أنعمها الله عليك بعد الإسلام؟
هل هي نعمة المال أم الجمال أم الأولاد أم الصحة؟
الإجابة بعيدة كل البعد عن الأشياء التي ذكرتها، والجواب هو : نعمة الوقت.
الوقت نعمة كبيرة:
حقيقة الوقت من أكبر نعم الله على الإنسان حيث أعطانا الله وقتًا وزمنًا هذا الوقت هو عمرنا لماذا؟
للعمل والسعي والمسارعة إلى ما فيه خيرنا في الدنيا والآخرة ، فيه تستطيع أن تحقق احلامك وطموحاتك .
نماذج ممن إستفادوا من أوقاتهم :ــ
يقول الله تعالى ( فاستبقوا الخيرات )، السبق فى اللغه كما بينا الجرى أو الإقدامه فى الشىء ومن سبق فى الدنيا إلى الخيرات سبق فى الأخره إلى الجنات ... فالسابقون هم أعلى الخلق درجه ، والخيرات تشمل جميع الأعمال الصالحه وجميع الفرائض من صلاه وصوم وحج وغيرها من أعمال البر.والمقصود بالسباق : تسابق الخلق إلى الله بحسن إستغلال أوقاتهم ، سواء كان العمل المتسابق إليه من أعمال الجوارح أو من أعمال القلوب ونبدأ بالنماذج ممن إستفادوا بأوقاتهم :ـــ
•نموذج الرسل والأنبياء: ــ
1 محمد (ص) وقد بينا فيما تقدم أحاديث للمصطفى تبين أهميه إستغلال الوقت ولكن ما أؤكد عليه هنا أن النبى إستخدم الفاظا تحث على التنافس فى الخيرات ، وسرعة الإقبال على الطاعات ، وحسن إستغلال الأوقات كقوله تعالى : ـــ
أفضل الإعمال إلى الله ................... .
خير العمل ............... صلى الله عليه وسلم
من عمل .................. فله الجنه
أحبكم إلى وأقربكم منى مجلسا يوم القيامه .....................
وهكذا .. وكلها تهدف إلى حسن إستغلال الوقت ، بالأعمال الصالحه سواء كان العمل قلبيا أو غيره .
النموذج الثانى من سباق الأنبياء فى حسن إستغلال أوقاتهم :ـ نموذج سيدنا موسى
*لقد وصف الله الانبياء بأنهم يسارعون فى الخيرات وهم لها سابقون، وذلك بحسن إستغلال أوقاتهم فمثلا سيدنا موسى (عليه السلام) مما يبن شده حرقته على العمل والدعوه والإنتاج وأنه يريد أن يسابق كل الأنبياء ، بكثرة أتباعه ، فيما يروى من حديث الإسراء من أن موسى عليه السلام لما جاوزه سيدنا محمد (ص) بكى ، فقيل له مايبكيك ........؟ فقال أبكى لأن غلاما بعث بعدى يدخل الجنه من أمته أكثر مما يدخلها من أمتى ، إنظر إلى سيدنا موسى يبكى والبكاء
أشد من الحرقه والحسره والندم لأنه يريد أن يسابق كل الأنبياء بكثرة الأتباع حتى يكون رصيده يوم القيامه أعظم من رصيد كل الأنبياء .....
لأن المدعو يكون عمله إمتداد لعمل الداع ، فقد ينام الداعيه أو يتوفى ويأتيه الأجر كاملا من أعمال مدعويه الذين كان سببا فى هدايتهم إلى الله.
كما أنه بكاء موسى لايدل على التقصير فى الدعوه وإنما هو دليل على حرقة القلب الذى يسعى للكمال ، حتى أنه لسيدنا موسى منزله خاصه عند ربه بسسب همته الدعويه، حتى أن الله غفر له كل تقصيره بسبب همته الدعويه
• سيدنا نوح عليه السلام كان يدعو قومه ليلا ونهارا ( وذلك لحرصه على وقته ودعوته إلى الله)
لقد كان لكم فيهم أسوة حسنة لمن كان يرجوالله واليوم الأخر ومن يتول فإن الله هو الغنى الحميد
أخى الحبيب وفقك الله تأمل هذه الأيه جيدا ومن تأسى بأخلاق العظماء صار عظيما .......هل عرفت قدرالوقت أم مازال على قلب غشاوه
: لا أحسبك كذلك فأنت لبيب واللبيب بالأشارة يفهم .
سباق الصحابه إلى حسن إستغلال اعمارهم: ــ
لا أسابقك إلى شىء أبدا :ـ قال عمر بن الخطاب( رضى الله عنه ) أمرنا رسول الله(ص) أن نتصدق فوافق ذلك مالا عندى ، فقلت اليوم أسبق أبابكر ــ إن سبقت ، قال فجئت بنصف مالى ، فقال رسول الله ماأبقيت لأهلك فقلت مثله ،وأتى أبوبكر (رضى الله عنه) بكل ما عنده ، فقال رسول الله له ما أبقيت لأهلك ، فقال أبا بكر(ر) ابقيت لهم الله ورسوله
يقول سيدنا عمر رضى الله عنه فقلت "لاأسبقه إلى شىء أبدا"
هكذا كان التنافس بين الصحابه راضوان الله عليهم باللإنفاق والصدقه ، والمرء لايصل إلى هذه المنازل إلا إذاكانت ثقته فى الله عظيمه ونصف ماله والله ليس بقليل وليس السباق التنافس إلى معصية الله وإلى الفجور .
ــ يقول سيدنا عمر الفاروق (ر) لو نمت بالليل أضعت حق الله ، ولو نمت بالنهار أضعت حق الرعيه ، أى عظمه هذه إستغلال للأوقات والأعمار ، أخى الحبيب أنا لاأطلب منك أن لاتنام الليل أوالنهار ,إنما لاننام بالعشر ساعات ونقلب النهار ليل ونضيع كثير من الواجبات ، إن لله عمل يقبله بالنهار لا يقبله بالليل ، وإن لله عمل بالليل لايقبله بالنهار.
_ يمر رجل على أبى الدرداءرضى الله عنه وهو شيخ كبير ، وهو يزرع جوزه ، فقال له الرجل أتغرس هذه وأنت شيخ كبير ، وهذه لاتطعم إلا فى كذا وكذا عاما ................... فقال أبوالدرداء ماعلى أن يكون لى أجرها ويأكل منها غيرى . وأبو الدرداء لم يأتى بهذا الكلام من عنده وإنما هوتبرمج على هدى المصطفى و تتلمذ على يد حبيبه محمد (ص) الذى قال إذا قامت القيامه وفى يد أحدكم فسيله فإن إستطاع أن يغرسها فليغرسها أى أن الوقت مهم جدا ولو كان فى الدقيقه الأخيره فى حياة الإنسان.
نماذج ممن إستفادوا من أوقاتهم من السلف والتابعين
ــ صور ونماذج لكيفية استغلال الوقت:
تعالي معي لنرى كيف استفاد السابقون بأوقاتهم في عظائم الأمور ومفيدها:
المحاسبي:
انظري إلى المحاسبي وهو يقول: 'والله لو كان الوقت يشترى بالمال لأنفقت كل أموالي غير خاسر أشتري بها أوقاتًا لخدمة الإسلام والمسلمين فقالوا له: فممن تشتري هذه الأوقات؟ فقال: من الفارغين.
ابن عقيل:وانظر إلى ابن عقيل وهو يقول: 'أنا الآن ابن الثمانين, والله أجد همة وعزمًا واستفادة من الوقت كما كنت وأنا ابن العشرين'.إني لا آكل الطعام كما تأكلون فقالوا له: فكيف تأكل؟
قال: إني لأضع الماء على الكعك حتى يصير عجينًا فآكله سريعًا حتى لا أضيع وقتي'.
لذلك استمرت هذه الأمة 1300 سنة لقيمة الوقت في حياتهم.
أسامة بن زيد:
وهذا أسامة بن زيد يقود جيشًا وعمره السادسة عشر ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم عليه:
وإنه لخليق بالإمارة [أي يقدر عليها].
محمد الفاتح:
وهذا محمد الفاتح يفتح القسطنطينية التي استعصت على المسلمين عدة قرون يفتحها هو وعمره ثلاثة وعشرين سنة.
النووي:
كلنا يعرف النووي مؤلف كتاب رياض الصالحين هل تعرفين كم كتابًا ألف؟
لقد ألف خمسمائة كتاب ومات في الأربعين من عمره قبل أن يتزوج, وكانت أمه تطعمه وهو يكتب دون أن يشعر لكثرة مشاغله.
ابن رجب:
يقول ابن رجب: لقد كتبت بإصبعي هذا أكثر من ألفين مجلد.
يقولون: فبعد موته أخذنا كتب ابن رجب وقسمناها على عمره فكان نصيب اليوم من الكتب تسعة كتب.
هؤلاء كانوا يبنون أمة فنجحوا وأشرقت هذه الأمة.
هــيا إنهض من غفوتك فأنت لست أقل من هؤلاء ،ومن طلب العلى سهر الليالى
لاتحسبن المجد تمرا أنت أكله * * * لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبر
نماذج من النساء الذين عرفوا كيف يستفيدوا من أوقاتهم :ـ
التاريخ الإسلامي يزخر بالعالمات من النساء والفقيهات والطبيبات والشاعرات, فهذه السيدة عائشة ـ رضي الله عنها ـ يؤثر عنها أنها روت عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ألفين ومئتين وعشرة أحاديث.
وكثير من النساء في ذلك الوقت كن يشغلن أوقاتهن فيما يفيد ولخدمة الإسلام والمسلمين.
نماذج ممن إستفادوامن أوقاتهم فى القرن العشرين :
*الإمام الشهيد حسن البنا : ـ حيث كان رحمه الله له برنامج يومى مكتوب ، ويسجل فيه ما يريد أن يفعله فى يومه فى مختلف الجوانب سواء الدينى أو المالى أوالعملى أوالإجتماعى قضاء مصالح الناس وتفريج كربهم ، يقول أحد اصحابه أنه ماعلم له مالا تجب فيه الزكاه ،وأنه كان يسعد كثيرا عندما يفرج كربه عن الناس او يعطيهم مالا ، وتقول زوجته أنه كان يقرأ القرآن كاملا فى صلاة التراويح فى رمضان ، وقالت أنه كان لاينام إلا سويعات قليله ثم ينطلق بعدها إلى الدعوه وخدمة الإسلام ......... أخى الحبييب تأمل كان لاينام إلا سويعات قليله
*المرحوم الأستاذ/ سيد قطب(رحمه الله) : ـ كان رحمه الله إسما على مسمى ، ســيد قطب ، ألف معظم كتبه وهو فى السجن ، كتبه التى توجد فى كل مكان فى العالم ، حتى أنها كانت تكتب بخط اليد فى جمهوريات الإتحاد السوفيتى وتوزع سرا ، نعم المسلم يستغل وقته أيا كان موقعه لايستسلم لأى ظروف بل يحولها لصالحه ، يذكر أحد أصدقائه أنه زاره مره فى بيته فوجد عنده أثاثا جديدا ثم زاره بعد فتره قصيره فوجد أثاثا قديما ، قال فتعجبت ، فطلبت منه أن يقول لى حقيقة الأمر ، فرفض وبعد إلحاح شديد قال أنه باعه وساعد اخا له فى الأسلام لأتمام زواجه
أخى الحبيب تأمل (وبعد إلحاح شديد)إنهم لايريدون أن يعرف أحد عن تجارتهم مع الله
..........نعم هؤلاء رجال كانوا يسارعون فى الخيرات ، كانوا يبادرون بتنفيذ وصية المصطفى إغتنم شبابك قبل هرمك ،وصحتك قبل موتك ، وغناك قبل فقرك ؛ إستفادوامن أعمارهم جيدا
(رجـــــــــــــال أحــــيــــــــوا شعار الوقت عمار أودمار)
أبدع فى مجالك الذى انت فيه :ـ معظمنا يقوم بالعمل المطلوب منه فقط (الواجب) فمثلا بعض من أئمة المساجد يقصر نفسه على أن يؤم الناس فى الصلاه فقط ـ وإلقاء خطبة الجمعه ، لماذا لايقوم بعمل انشطه مفيده ـ ورعايه للنشىء ، نعم فإمام المسجد قد يقوم بدور العالم والمربى والمصلح الإجتماعى والطبيب النفسى ـ كل هذا سيكون لك حسنات على فكره الصحابه كانوا تجار نيات هيا جدد نيتك وانطلق فدورك أعظم مما تعتقد وحجمك أكبر مما تظن .
ذكر أحد المشايخ الثقات ، قصه لشيخ يدعى أحمد المحلاوى قال فى بدايه تعينه عين فى قريه أهلها بسطاء ، لم يقصر نفسه بالواجب فقط الذى تطالبه به وزارة الاوقاف وإنما إتصل بأهل البلده ، وساعدهم فى تحسين حياتهم وحل مشاكلهم و مشاركتهم فى افراحهم واتراحهم ، فساعد أهل البلده على إنشاء جميعيه زراعيه .وما إن إندمج مع أهل هذه البلده ، حتى جاء القرار بنقله إلى إحدى المدن فيقول نزل على الخبر كالصاعقه ولكن قال قدر الله وما شاء فعل ، وتم النقل وذهب إلى المسجد الجديد فلم يصلى خلفه إلا صفين من كبار السن ، ولكن هل إستسلم هذا الشيخ لهذا الواقع لا ، بل فكر كيف يخلق أنشطه تستطقب الناس إلى المسجد ، وذلك من خلال إقامه دورس التقويه للتلاميذ حتى أنه اصبح المسجد يعمر بالمصلين ، ووصل حد دورس التقويه إلى طلاب الرحله الثانويه وطلاب كليه الطب . ثم تم نقله مره إلى مسجد أكبر وقد نزل عليه الخبر كما فى المرة الأولى ولكن قدرالله ، إستطاع أن يستغل ساحة المسجد التى تسع 15000 شخص ، ثم إبتلى بالسجن وخرج مرة أخرى، نعم فالناجح ناجح فى كل مكان وأينما ذهب أوحل لا يستسلم للظروف والعقبات بل يحاول أن يتغلب عليها بكل مرونه. هذا نموذج لشخص إستغل وقته جيدا فالمسلم دائما نشيط هذه مجرد قصه ولا تقتصر على وظيفه معينه فقد يستفيد منها المحاسب والمهندس والطبيب كل فى موقعه يبدع فيه.