ابحث عن قلبك .. لتنهض بأمتك !!
ابحث عن قلبك
.. لتنهض بأمتك !!
بسم الله الرحمن الرحيم
ابحث
عن قلبك .. لتنهض بأمتك !!
لو سُئِـل أحدنا : كم مرة تغسل قلبك
في اليوم ؟
لاستغرب ولــدهش من السؤال ، ولتلعثم ولم يعرف
بماذا يجيب !! ولو سئل : كم مرة تغتسل أو تستحم ؟ لأجاب على الفور دون
تلعثم ، ذلك أن الاغتسال والتنظف الخارجي للبدن أمر طبيعي ومألوف في حياتنا
، ولكننا لم نألف أن نعنى بنظافة وطهارة قلوبنا من أدرانها .
نحن
يا إخوة نحرص على نظافة أجسامنا الخارجية ، ولكننا لا نحسن الوضوء !!
أتدرون لماذا ؟ لأننا لا نحرص على الطهارة الباطنية !! .
قلبك الذي
بين جنبيك، ما وضعه ، وكيف حاله ؟ أهو حيّ ، أم ميت خرب ؟ أهو عامر
بالإيمان الحقيقي ، أم أن الأمراض قد فتكت به وأهلكته ؟. إن القلب الطاهر
النقي التقي ، هو ذلك القلب الخالي من الحقد والبغض والغل والرياء والحسد
والضغائن وسوء الظن ، هو ذلك القلب المستريح من تلك الحرب الضروس التي
يشعلها البعض في قلبه حسدا وحقدا على إخوانه لسبب دنيوي تافه ، لا يستطيع
معه أن ينام الليل , أن يهدأ فكره بالنهار ، فهو يفكر دائما بالانتقام .
عن
عبد الله بن عمرو، قال
: قيل : يا رسول الله ، أي الناس أفضل ؟ قال
:
" كل مخموم القلب ، صدوق اللسان . قالوا : صدوق اللسان نعرفه ،
فما مخموم القلب ؟ قال : التقي النقي ، لا إثم فيه ، ولا بغي ، ولا غل ،
ولا حسد " .
فكيف حال قلبك أنت ؟ إن كان قلبك ميتا ، فخالط من
قلبه حي ، فشتان بين أقوام موتى تحيا القلوب بذكرهم ،
وبين
أقوام أحياء تموت القلوب بمخالطتهم
قال لقمان لابنه : يا
بني جالس العلماء وزاحمهم بركبتيك ، فإن الله يحيي القلوب بنور الحكمة كما
يحيي الأرض بوابل القطر .
القلب يا إخوة ، محطة توليد الطاقة في
الجسم ،
أو قل : هو مفتاح التشغيل ، فإن كان سليما ، عملت
باقي أعضاء الجسم بكفاءة، وإن أصابه خلل ، اختلّت آليات الإرسال والاستقبال
في الجسم وأصابها التشويش ، القلب هو تماما – كما قال عليه الصلاة والسلام
– تلك المضغة التي إن صلحت صلح الجسد كله ، وإن فسدت فسد الجسد كله ، قاال
عليه الصلاة والسلام :
"إن في ابن آدم مضغة إذا صلحت صلح سائر جسده ،
وإذا فسدت فسد سائر جسده ، ألا وهي القلب "
. وصف رائع وبليغ ، كيف لا ،
وقد أوتي جوامع الكلم ، بأبي هو وأمي .. عليه الصلاة والسلام.
هذا
ينقلنا للحديث عن قضية هامة وخطيرة،
وهي أننا نستمع للقرآن
، ونحضر حلق العلم ، ونسمع المحاضرات ، ونقرأ الكتب ، ولكن .. أين نفع هذا
كله ؟ لماذا لا نتأثر ؟ لماذا لا تتهذب أخلاقنا ويتغير سلوكنا ؟ أين الخلل
، وما السبب في ذلك ؟ ، السبب هو أننا لم نتربَّ حقيقة التربية الإيمانيّة
، لم يأخذ القلب حظه من الرعاية والعناية ، فالقلب يحتاج كما قلنا إلى
غسيل باستمرار ، لتطهيره وتنقيته من تلك الآفات التي ذكرناها آنفا
ليعمل
بكفاءة في الاستقبال والإرسال .
أمراض القلوب التي ذكرناها
آنفا،
لها علاقة وطيدة بحال أمتنا اليوم ، تداعت علينا
الأمم كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها ، أصبحنا غثاء كغثاء السيل ، أصبحنا
لقمة سائغة وفريسة سهلة في أيدي أعدائنا ،
ثم نقول : من أين هذا ؟
{
قل هو من عند أنفسكم }
نعم ، ضعفنا وهزيمتنا وهواننا على الناس بسبب
أمراض قلوبنا ، وما أدت إليه من انشقاق صفنا وتمزق وحدتنا ، أصبح بأسنا
بيننا شديد ، بينما الأصل أن نكون أشداء على الكفار ، رحماء بيننا ، ولكننا
قلبنا الآية ، وكم منطق فيه الحقيقة تقلب .
لماذا يسيء أحدنا
الظن بأخيه ؟
التمس لأخيك العذر ، فإن لم تجد له عذرا فقل : لعل
له عذرا لا أعلمه ، وإلا فاتهم قلبك وقل : يا قلب ما أقساك !! . ثم لماذا
يحسد بعضنا البعض ، ويحقد بعضنا على بعض ؟ ! أليس همنا واحد ، أليس كل واحد
منا على ثغر من ثغور الإسلام ؟ أنت أيها المسلم على ثغر من ثغور الإسلام
فلا يؤتين من قبلك ، فأنت إن زللت زللت معك ، وزللنا جميعا ، فنحن مشبوكوا
الأيدي في صف واحد، لإعلاء بنيان واحد ، فإن عثر أحدنا ، نهضنا جميعا لنقيل
عثرته ، حفاظا على سلامة البنيان من الانهيار بسقوط الواحد تلو الآخر ،
وإن زل أحدنا ، ساعدناه على النهوض مرة أخرى ، لا أن نكون أعوانا للشيطان
ولنفسه عليه !! ، فمن مصلحتنا جميعا أن يساعد بعضنا البعض لنبقى أقوياء ،
فبهذا تعلو الهمم وتسمو وترتقي .
سأل عمر بن الخطاب – رضي
الله عنه
–يوما عن رجل يعرفه ، فقالوا له : إنه خارج المدينة يتابع
الشراب ، فكتب له عمر يقول : إنني أحمد إليك الله الذي لا إله غيره ، غافر
الذنب وقابل التوب شديد العقاب . فلم يزل الرجل يردد كتاب عمر وهو يبكي ..
حتى صحت توبته . ولما بلغ عمر ، قال : هكذا فاصنعوا ، إذا رأيتم أخاكم زل
زلة فسددوه ووفقوه وادعوا الله أن يتوب عليه ، ولا تكونوا أعوانا للشيطان
عليه .
بعد هذا ، أنجرؤ ونقول :
قم يا صلاح الدين أنقذ أمتنا
مما هي فيه ؟َ! أعجزت الأمهات حقا وعقمت أن تنجب اليوم كصلاح الدين ؟ !
لماذا لا نأخذ بالأسباب التي أخذ بها صلاح الدين عندما حرر الأقصى ؟ فلله
سُنة في كونه ، ولله سُنة في عباده ، والله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما
بأنفسهم .
الأمر جد خطير كما ترون ، فلابد من إحياء القلوب ،
وإصلاح
ذات البين ، لتوحيد الصفوف لننهض من جديد.
..لوقفة مع
النفس لتنقية القلب
اللهم اجعلنا من الذين يقولون فيعملون .. ويعملون
فيخلصون
ويخلصون فعندك يـُقبلون ...
دمتم جميعا
بحفظ الله ورعايته