بإمكاني دائماً أن أنصت لصوت عصفور يرتل بلحنٍ لايمكن أن يفقهه أهل الأرض
الذين لايتجاوزون رغباتهم المادية قيد أنملة ، كيف يمكن أن يخشع العصفور، يغني للكون والحياة
ويحلق فيبتعد أكثر فأكثر حتى يُغسل بماءٍ طهورٍ من السماء ويتجفف بخيوط الشمس الدافئة ليعانق صفحة السماء بإمتنان ، وهو على ذلك تكون له غدوات وروحات
يرتزق ماخط لهُ القدر فيها
بكدّهِ وتعبه ، ولايحلم بأكثر من شجرة وارفة خضراء ملاذاً لهُ من نكبات الدهر وصروفِه
كيف هو الحب عند العصفور ؟ وماهي الحريّة لديه ؟ والحياة والأمل والأنين الذي يصدره حين
يصفد بقفصٍ زخرفناه له متعة لأنظارنا ، ولم يخدش قلبنا بأنينه الموجع بإستثناء القلوب الغضّة
الطاهر التي تشبهه كثيراً وتعشق الجمال مثله.!!
ذلك العصفور لم يأتي نقياً هكذا وكأنهُ غُسلَ بماء من نهر الكوثر وشِرب من لبن نهر الجنة
هو مجرد عصفور صغير يصلي دائماً في محرابه وينأى عن كل مناظر القبح والجشع والدمار
يحمِلُ الحكايات الشتوية ودفء المدفأة وهمسات الصِغار وتناثر أوراق شقائق النعمان على جدائل الفتيات الكريمات
الجمال ياأصحابي آية الله في أرضه ، الجمال وطن الطيبين ، ذوي الحُب الأبيض والروح النبيلة
الذين يتحدثون بقلوبهم ويسمعون بأعينهم ويرون بحواسهم المنسجمة مع أدق الخطوط المرسومة على
خارطة الجمال والرحمة والحق والخير ،
لمن لاينتمي لهؤلاء الناس وأحسبُني كذلك لاأنتمي إليهم لكني أُعزي نفسي بسماع أغنياتهم العذبة آناء الليل وأطراف النهار
وألتمس أماكنهم وأميزهم من بين آلاف البشر ، هنا سأوثق طهرهم وعفافهم وإبائهم ،
أفهم مصطلحاتهم وأفسرها بعقليتي المتواضعة جداً !! علّني بذلك أرتشف شيئاً من نورهم فأُضيء قليلاً وأقدِرُ على
أن أرتل كما العصافير في محاريبها وكأرواحهم التي تشبه هذهِ العصافير بل وقد تكون قبساً منها ....