من روائع البناء القرءاني هو تعدد أوجه الإعجاز العددي والعلمي به. حيث يتجلى أمامنا وعد الله بأن تحدي القرءان سيستمر إلى قيام الساعه. يقول الله تعالى:
" قُل لَئِنِ اجتَمَعَتِ الإِنسُ وَالجِنُّ عَلىٰ أَن يَأتوا بِمِثلِ هٰذَا القُرءانِ لا يَأتونَ بِمِثلِهِ وَلَو كانَ بَعضُهُم لِبَعضٍ ظَهيرًا " {سورة الإسراء - الآيه 88} ويقول أيضاً:
" خُلِقَ الإِنسٰنُ مِن عَجَلٍ ۚ سَأُو۟ريكُم ءايٰتى فَلا تَستَعجِلونِ " {سورة الأنبياء - الآيه 37}.مما لفت إنتباهي في بداية مسيرتي مع الإعجاز العلمي والعددي في القرءان الكريم منذ نحو سنتين هو الظواهر العدديه المتعلقه بعدد الصبغيات الوراثيه (الكروموسومات) لدى الإنسان في الآيتين الأولى والثانيه من سورة الإنسان. يقول الله تعالى في بداية سورة الإنسان:
" هَل أَتىٰ عَلَى الإِنسٰنِ حينٌ مِنَ الدَّهرِ لَم يَكُن شَيـًٔا مَذكورًا ﴿١﴾ إِنّا خَلَقنَا الإِنسٰنَ مِن نُطفَةٍ أَمشاجٍ نَبتَليهِ فَجَعَلنٰهُ سَميعًا بَصيرًا ﴿٢﴾ ".في كلتا الآيتيتن تذكير بأن أصل الإنسان يعود لإرادته سبحانه وتعالى بخلق هذا الكائن المكرم وإستخلافه على وجه الألاض:
" وَإِذ قالَ رَبُّكَ لِلمَلٰئِكَةِ إِنّى جاعِلٌ فِى الأَرضِ خَليفَةً ۖ قالوا أَتَجعَلُ فيها مَن يُفسِدُ فيها وَيَسفِكُ الدِّماءَ وَنَحنُ نُسَبِّحُ بِحَمدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قالَ إِنّى أَعلَمُ ما لا تَعلَمونَ " {سورة البقره - الآيه 31}. في الواقع فأن الآيتين الأولى والثانيه من سورة الإنسان هما الآيتين الوحيدتين اللتان تحويان كلمة "
الإِنسٰنِ" في هذه السوره (لا حظ بأن هذه الكلمة تكتب بألف خنجريه أي محذوفه وفق الرسم العثماني). ومما أثار فضولي هو الملاحظه بأن عدد الحروف العربيه المستخدمه لصياغة كلمات هاتين الآيتين هو بالضبط 23 حرفاً (من أصل حروف اللغه العربيه الـ 28). أي أن هنالك 5 حروف عربيه لا تظهر في هاتين الآيتين. الحروف الـ 23 التي تظهر في هاتين الآيتين الكريمتين هي:
( هـ ل ا ت ى ع ن س ح م د ر ك ش ذ و خ ق ط ف ج ب ص )
ومن إتقانه جل جلاله وواسع علمه أن هذا العدد من الحروف يطابق عدد أزواج الصبغيات الوراثيه (الكروموسومات) لدى الإنسان. الصبغيات الوراثيه هي سلاسل أمينيه تتواجد داخل كل خلايا الجسم وهي تحدد كافة الصفات الوراثيه لدى الإنسان. فهي تحدد الملامح الشخصيه ، لون البشره ، لون العينين ، التركيب السلوكي والعاطفي (لحد ما) وغيرها من الصفات المنتقله من الآباء والأمهات إلى الأبناء. هذه الصبغيات بتركيبتها وعددها البالغ 23 زوج لدى الإنسان هي ما تحدد (بإرادته تعالى) كون الإنسان إنساناً وليس أي كائن حي آخر. فالكائنات الحيه المختلفه لديها عدد مختلف من الصبغيات الوراثيه ، الهدهد له مثلاً 63 زوج صبغيات بينما الأيل الأحمر لديه 34 زوج صبغيات.
الخالق المصور هو الله سبحانه وتعالى ومما أثار دهشتي في ذلك الحين أيضاً هو بأن الآيات الأربع التي تحوي إسم الجلاله
"الله" في سورة الإنسان (الآيات 6، 9، 11 والآيه 30) مكونه هي أيضاً من 23 حرفاً عربياً عدا المكرر. الحروف الـ 23 هي:
( ع ي ن ا ش ر ب ل هـ د ف ج و ت م ط ك ز ق ذ ض س ح )
وتتواصل المعجزه الإلـٰهيه ويقدر الله سبحانه وتعالى بأن الآيتان اللتان تحويان مشتقات الجذر "خلق" في سورة الإنسان (الآيه 2 و 28) مكونتان هما أيضاً من 23 حرفاً عربيا عدا المكرر. الحروف ال 23 هي:
( ا ن خ ل ق س م ط ف هـ ش ج ب ت ي ع ص ر ح و د ذ ث )
وهكذا يتجلى أمامنا مثال بسيط لعظيم قدرته سبحانه وتعالى. لاحظ عزيزي القارئ بأن وراء المعاني العظيمه واللغه المتحديه لكتاب الله أنظمه رياضيه محكمه مرتبطه بحقائق علميه لم تكتشف إلا في سنوات الـ 1950.
ألا تشهد هذه الحقائق الباهره على صدق وحي السماء؟ يقةل الله تعالى:
" وَالنَّجمِ إِذا هَوىٰ ﴿١﴾ ما ضَلَّ صاحِبُكُم وَما غَوىٰ ﴿٢﴾ وَما يَنطِقُ عَنِ الهَوىٰ ﴿٣﴾ إِن هُوَ إِلّا وَحىٌ يوحىٰ ﴿٤﴾ عَلَّمَهُ شَديدُ القُوىٰ ﴿٥﴾ ذو مِرَّةٍ فَاستَوىٰ ﴿٦﴾ وَهُوَ بِالأُفُقِ الأَعلىٰ ﴿٧﴾ ثُمَّ دَنا فَتَدَلّىٰ ﴿٨﴾ فَكانَ قابَ قَوسَينِ أَو أَدنىٰ ﴿٩﴾ فَأَوحىٰ إِلىٰ عَبدِهِ ما أَوحىٰ ﴿١٠﴾ ما كَذَبَ الفُؤادُ ما رَأىٰ ﴿١١﴾ " {سورة النجم}