admin
صلي على النبي صل الله عليه وسلم انجازاتي لايتوفر على اوسمة بعد:
| موضوع: الـدرة الـبــيــضـاء : لـسـيـدي الإمـام الـرواس رضي الله عنه 2011-03-04, 23:29 | |
| الــدّرَّة الــبـَـيـْـضـَـاء
لـلـعـالـم الـعـلامـة و الـبـحـر الـخـضـم الـفـهـامـة
الـعـارف الـكـبـيـر الـوارث الـمـحـمـدي
فـلـذة الـبـضـعـة الـطـاهـرة الـبـتـول
و بـعـلـهـا الأمـيـر وصـيِّ الـرســول
صـلـى الله عـلـيـه و ســلـم
الـســيـد مـحـمـد مـهـدي بـهـاء الـديـن
آل خـزام الـصـيـادي الـرفـاعـي
الـشــهـيـر بـالـرواس رضـي الله عـنـه و قــدس ســره
( 1220 _ 1287 هـ )
| <table style="background-position: right top; border: 4px double; font-family: Simplified Arabic; font-size: 18pt; color: rgb(0, 2, 255); font-weight: bold;" background="http://cb.rayaheen.net/" bgcolor="" border="0" cellpadding="0" cellspacing="0"><tr><td style="padding: 30px;">قد دمَجْنا في الدرَّة البيضاءِ باهراتٍ من واردات السماءِ فاتَّخِذها يا صاحبي لك وِرْداً فهي من فيض سيِّد الأنبياءِ طِبْ بها و ابتهجْ و رُحْ بأمانٍ كلَّ آنٍ من صادمات القضاءِ و توكَّل على المهيمنِ و اربِضْ بحِمَى قلبِ أكرمِ الشفعاءِ فهو قلبٌ حوى صنوفَ المعاني قبل تنسيقِ عالمِ الأسماءِ </td></tr></table> |
| بسم الله الرحمن الرحيم
الـحـمـد لله الـذي لـيـس الـحـمـد إلا لـه, حـمـداً يـوافـي نـعـمـه و يـكـافـي مـزيـده. و يـســتـدرُّ لـنـا فـضـلـه و نـوالـه, و الـصـلاة و الـسـلام عـلـى عـبـده و نـبـيـِّه و حـبـيـبـه و رســولـه, شــمـس ســمـاءِ الـنـبـوة , و زعـيـمِ مـوكـبِ الـرســالـة, و عـلـى آلـه الـذيـن ورَّثـهـم الله كـمـالـه و جـمـالـه و جـلالـه, و عـلـى وُرَّاثـه و نـوَّبـه و خـلـفـائـه و رجـال دولـتـه و خـُـدَّام سُــنـتـه مـا الـتـوى غـصـنُ الـبـرق و طـلـعـت الـغـزالـَه, و صـحَّـح مـعـوجٌّ عـزيـمـتـه بـسُــنـَّة أهـل الـعـزائـم و أحـوالـَهْ.
أمـا بـعـد, فـيـقـول الـعـبـد الـمـتـوكـِّل عـلـى الله الـلائـذ بـبـاب ســيـد الـوجـودات رســولِ الله, عـلـيـه أفـضـل صـلـوات الله, ألا و هـو الـمُـسَــيـكـيـن الـذي إذا غـاب لا يُـذكـر, و إذا حـضـرَ لا يُـعـرف و لا يُـوَقــَّر غـريـبُ الـغـربـاء, و أضـعـفُ الـفـقـراء و الـعـلـمـاء, بـهـاء الـديـن مـحـمـد مـهـدي آل خـزام الـصـيـادي الـرفـاعـي ثـم الـرديـنـي الـحـســيـنـي غـفـر الله لـه و لـوالـديـه, و أحـســن بـفـضـلـه يـوم الـنـشــور قـدومَـهـم عـلـيـه, و رحِـمَ لـهـم بـمـحـض كـرمـه و لـطـفـه وقـوفـَهـم بـيـن يـديـه, و الـمـسـلـمـيـن أجـمـعـيـن, إنـه الـوالـي الـمـعـيـن.
هـذه رســالـة مـبـاركـة ســمـيـتـهـا " الـدرة الـبـيـضـاء " جَـمَـعـت – و الـحـمـد لله – لـُبـاب أســرارِ الـشــريـعـة الـســمـحـاء, و الـطـريـقـةِ الـغـراء, يـُبـهـج بـهـا الـصـالـحـون, و يـهـرع لـهـا طـلاب الـحـق الـمـرضـيُّـون, و يـصـدُّ عـنـهـا الـمـخـذولـون, و مـا هـي إلا آيــة حـق, مـقـتـبـســة مـن كـتـاب الله, و ســنـة رســول الله, عـلـيـه أتـم و أعـم صـلـوات الله, خـلـصَـتْ نـقـيـَّة كـاســمـهـا, فـاغـتـنِـمْـهـا أيـهـا الـمـحـب الـلـبـيـب, فـإنـهـا مـن لـطـائـف الـنـفـحـات الـنـبـويـة, و مـن عـوارف الـبـركـات الـمـصـطـفـويـة, أمـرنـي بـكـتـابـتـهـا و إذاعـتـهـا – لـمـن يـريـد الله بـه الـخـيـر – حـبـيـبـي صـلـى الله عـلـيـه و ســلـم, مـنـصـوصـة مـخـصـوصـة, جُـمَـلـُهـا جـمـيـلـة، و كـلـمـاتـهـا جـلـيـلـة, و بـركـاتـهـا جـزيـلـة، و ســجـلـَّهـا كـنـزُ فـضـيـلـة، و هـا هـي فـي مـجـلاهـا درة بـيـضـاء، و يـهـدي الله لـنـوره مـن يـشــاء، و الـحـمـد لله و كـفـى، و ســلام عـلـى عـبـاده الـذيـن اصـطـفـى.
بـَابٌ
في التوحِيْدِ وَحَقيْقَةِ المعْرفَةِ باللهِ تعَالى قـال تـعـالـى: ( فـاعْـلـَمْ أنـَّهُ لا إلـه إلا الله ) و قـال ســبـحـانـه: ( قـُلِ الله ثـُمَّ ذرْهُـمْ فـي خـَوضِـهـِمْ يَـلـْعَـبُـونَ ) أمـرَ اللهُ حـبـيـبـه صـلـى الله عـلـيـه و ســلـم بـالـعـلـم الـجـامـع الـمـحـيـط الأتــم، لـيـتـحـقـق انـه لا إلـه إلا الله بـعـلـمـه الـذي لا يُـشــاب بـجـهـل، و هـنـاك يـفـقـه عـن عـلـم مـســتـجـمـع لـجـمـيـعِ رقـائـق الـفـهـم، و طـرائـق الـعـقـل و حـقـائـق الإذعـان، بـالـدلـيـل و الـبـرهـان، و الـكـشــف و الـعـيـان، و الآثـار و الأخـبـار، ثـم يـتـرقـى إلـى ذروة الـعـلـم الـجـامـع فـيـعـلـم بـنـور الـمـؤثـر لا بـمـواد الآثـار، و بـإفـاضـة الـمـعـلـم لا بـتـرادُف الأخـبـار، و تـدرِكُ كـلُّ ذرَّةٍ مـنـه، فـيـمـا ظـهـر لـه و غـاب عـنـه، أنـه لا إلـه إلا الله، و حـيـنـئـذٍ يـقـول: الله، و يـذرُ كـلَّ ذي خـوضٍ فـي لـُجَّـةِ عـمـاه، و لا حـول و لا قـوة إلا بـالله، و يـنـتـهـض لاطـمـئـنـان قـلـبـه فـي مـشــهـده الإبـراهـيـمـي، و جـدَلِـه الـبـشــري، بـمـا اســتـودعـه خـالـقـُه فـي نـفـســه، فـيـســتـدلُّ عـلـى عـظـمـةِ بـارئِـه و ســلـطـانِ قـدســه، و يـرى الـغـائـب عـنـه كـالـحـاضـر مـعـه، لـلأدلـة الـتـي لا تـُنـقـض، و الـبـراهـيـن الـتـي لا تـرفـض، خـاطـره يـتـنـزَّل إلـيـه مـن لا مـكـان، و عـقـلـه يـأخـذ وارداتِ الـخـاطـر فـتـنـطـبـع فـيـه صـريـحـةَ الـبـيـان، و بـعـد أن تـُحـفـظ فـي لـوحـهـا، و تـعـيـهـا أذن الـفـكـر يـقـدر عـلـى تـرجـمـتـهـا الـلـســان، قـلـمٌ خـطـَّاط و لـوح مـحـفـوظ، و شــئُ غـائـب و كـأنـه مـشــهـودٌ مـلـحـوظ، و هـذه الـكـوامـن كـالـســمـع، و الـبـصـر، و الـحـسِّ، و الـشــم، و الـطـعـم، و الـكـلام، و الـمـنـبـعـثـات بـالأســبـاب مـنـهـا، كـالـغـضـب و الـرضـاء، و الـحـزن و الـســرور، و الـضـجَـر و الـنـشــاط، و الـهـمّ و ريـاضـة الـخـاطـر، و مـا يـمـاثـل كـلَّ ذلـك مـمـا هـنـالـك، تـُفـصِـحُ عـن مـوجـود، بـطـرْزٍ مـفـقـود، لـيـقـول لـعـقـل الـعـاقـل، لـســان الـحـكـمـة الـقـائـل: هـذه كـلـُّهـا عـلـى وجـود مـوجـودك بـراهـيـن، فـلا تـكـن مـن الـضـالـيـن، و قـل: ( إنَّ وَلِـيـِّيَ اللهُ الـذي نـزَّلَ الـكـتـابَ وَ هُـوَ يـتـوَلـى الـصَّـالـحـيـنَ ). و مـتـى عـرف الـمـرءُ نـفـســه بـمـا اســتـُودع فـيـهـا مـن الأســرار، عـرَف ربـَّـه فـآمــن بـه و أقـلـع عـن الأغـيـار، و اكـتـفـى بـتـعـظـيـم صـفـاتـه، عـن خـطـر الـخـَوْض بـكـُـنـْـهِ ذاتــه، لـعـجـزه بـحـدثـه عـن الـوصـول إلـى جـلال ســلـطـانـه الـقـديـم، و قـال لـعـقـلـه الـنـيِّـر عـنـد هـجـوم جـنـود الـشـُّـبـهـات: تــثــَّـبــتْ بـالله ( فـسَــيَـكْـفِـيـكـَهُـمُ اللهُ و هُـوَ الـسَّــمـيـعُ الـعَـلِـيـمُ ) و بـهـذا الـخـط يـرتـقـي فـي رتـبـة الإســلام إلـى رتـبـة الإيــمـان، ثـم إلـى رتـبـة الإحـســان، و يـفـهـم بـعـلـمـه قـول ســيـدِ خـلـقِ الله – عـلـيـه أجــلُّ و أشــرف صـلـوات الله – :" اعْـبُـدِ اللهَ كـأنـَّكَ تـراه " و مـن عـطـَّـل فـقـد ضـلّ، و مـن ازدلـف بـالـقـول إلـى الـوحـدةِ الـمـطـلـقـة فـقـد أشــرك و زلّ، و لـيـس لـلـنـجـاة مـن ســبـيـل، ســوى مـا أتـى بـه الـنـبـيَّ صـلـى الله عـلـيـه و ســلـم، و هـذا هـو كـمـا رأيـت، فـتـمـسَّــك بـه أيـهـا الـمـحـبُّ و أنـت مـن الـنـاجـيـن، و الله ولـيُّ الـمـتـقـيـن.
بـَابٌ
في واجبات التوحيد
أشــرف واجـبـات الـتـوحـيـد الـخـوف مـن الله تـعـالي، فـالـذي يـوحـده ســبـحـانـه و يـخـاف مـنـه يـنـهـى الـنـفـس عـن الـهـوى، فـلا يـظـلـم أحـداً، و لا يـحـقـر أحـداً، و لا يـتـكـبـر عـلـى أحـد، و لا يـطـغـى بـالـفـانـيـات، و لا يـطـيـش بـالـمـســتـعـارات، يـدور مـع الـحـق حـيـث دار، و يـذكـر الله فـي الـحـركـة و الـقـرار، و يـقـوم مـظـهـراً لـلـخـيـر، نـافـعـاً لـخـلـق الله، ذا شــفـقـةٍ عـلـيـهـم، جـالـبـاً – حـســبـمـا يـمـكـنـه – صـنـوف الـنـفـع إلـيـهـم، يـرى الـبـعـيـد و الـقـريـب فـي الله ســواء، لا يـســتـخـفـه الـزمـان، و لا يـخـدعـه بـالـزائـلات الـشــيـطـان، واقـفـاً تـحـت لـواء نـص ( إنَّ عِـبَـادِي لـيـسَ لـكَ عـلـيـهـِم سُــلـْطـانٌ ) إن غـفـل نـدم و تـذكـر، و إن هـفـا لـعـدم الـعـصـمـة أنـاب و اســتـغـفـر، يـعـفـو إن تـمـكـن مـن نـفـســه عـمَّـن ظـلـمـه، و يُـحـســن إلـى مـن أســاء إلـيـه، و إذا لـم يـقـدِر عـلـى قـهـر نـفـســه وقــف فـي بُـحْـبـوحـة الـعـدل عـامـلاً بـحـكـم قـولـه تـعـالـي: ( فـمـنِ اعْـتـَدَى عـلـيـكـُمْ فـاعْـتـَدُوا عـلـيـهِ بـمـثـلِ مـا اعْـتـَدَى عـلـيـكـُمْ و اتـَّـقـُوا اللهَ ) أي تـحـقـقـوا بـالـخـوف مـن الله، فـلا تـتـعـدو الـمِـثـْـلـيَّـة، بـل لـيـكـن مـا اعـتـديـتـم بـه عـلـى مـن اعـتـدى عـلـيـكـم مـثـل مـا صـدر مـنـه، و مـن زاد فـقـد حـاد، و كـان مـن الـظـالـمـيـن ( و مـا لـلـظـالـمـيـن مـن أنـصـار ).
يتبع |
|
admin
صلي على النبي صل الله عليه وسلم انجازاتي لايتوفر على اوسمة بعد:
| موضوع: رد: الـدرة الـبــيــضـاء : لـسـيـدي الإمـام الـرواس رضي الله عنه 2011-03-04, 23:32 | |
| و مـن واجـبـات الـتـوحـيـد : الانـتـصـار لله، و ذلـك هـو الانـتـصـار لأوامـره و نـواهـيـه، و مـعـنـى ذلـك هـو الأمـر بـالـمـعـروف و الـنـهـي عـن الـمـنـكـر، و مـتـى انـتـصـر الـعـبـد لله ، و قـام بـذلـك خـالـصـاً لـوجـه الله، يـنـصُـرْه الله، كـفِـل ذلـك الـقـرآن، و نـص عـلـيـه حـبـيـب الـرحـمـن صـلـى الله عـلـيـه و ســلـم.
و مـن واجـبـات الـتـوحـيـد : الأخـذ بـمـا أتـى بـه رســول الله صـلـى الله عـلـيـه و ســلـم و الانـتـهـاء عـمـا نـهـى عـنـه عـمـلاً بـقـولـه تـعـالـى: ( و مـا آتـاكـمُ الـرســولُ فـخـُـذوهُ و مـا نـَهَـاكـُمْ عَـنـْهُ فـانـْتـَهَـوا ).
و مـن واجـبـات الـتـوحـيـد :الـشــفـقـة عـلـى خـلـق الله كـلـهـم، الـنـاطـق و الـصـامـت، الـعـلـوي و الـســفـلـي، لـيـتـحـقـق قـلـب الـعـبـد بـالـشــفـقـة، حـتـى عـلـى الـحـيـوانـات و الـنـبـاتـات و الـمـيـاه الـجـاريـة و الـنـســمـات الـســاريـة، فـلا يـرد لـذرة كـونـيـة إلا الـخـيـر إعـظـامـاً لـســلـطـان خـالـقـهـا جـلَّ و عـلا.
و مـن واجـبـات الـتـوحـيـد : أن تـسُــرَّ الـعـبـد حـســنـتـه، و تـُســيـئـه ســيـئـتـة، فـرحـاً بـالله و خـوفـاً مـن الله.
و مـن واجـبـات الـتـوحـيـد : أن تـضـمـحـل مـقـاصـد الـنـفـس و عـوائـق الـهـوى تـجـاه أمـر الله تـعـالـى.
و مـن واجـبـات الـتـوحـيـد : ســعـي الـمـرء بـإكـثـار الـحـســنـات، و إقـلال الـســيـئـات، طـمـعـاً بـكـرم الله و رهـبـاً مـن عـظـيـم ســلـطـانـه.
و مـن واجـبـات الـتـوحـيـد : الـتـأهـب دائـمـاً فـي كـل لـحـظـة لـلـقـاء الله بـالـعـمـل الـصـالـح، و تـنـزيـه قـدس الله عـن الـشــرك, تـحـقـقـاً بـســر قـولـه تعالى: ( فـمَـنْ كـان يَـرْجُـو لِـقـَاءَ رَبِّـهِ فـَلـْيـَعْـمَـلْ عـمـلاً صـالـحـاً و لا يُـشـْـرِكْ بـِعِـبـادة رَبِّـه أحَـداً ).
و مـن واجـبـات الـتـوحـيـد : حـســن الـظـن بـالله تـعـالـى فـي كـل حـال، فـقـد جـاء فـي الـحـديـث الـقـدســي " أنـا عـنـد ظـن عـبـدي بـي ".
و مـن واجـبـات الـتـوحـيـد : مـوالاة مـن والـى الله، و مـعـاداة مـن عـادى الله، و مـن فـروع هـذا الأصـل الـتـبـاعـد عـن الـمـبـتـدعـة و أهـل الـزيـغ فـي الـمـعـتـقـدات، و الـقـائـلـيـن بـمـا لـم يـقـبـل الـتـأويـل مـن الـشــطـوحـات، و مـنـهـا أيـضـاً هـجـر أهـل الـحـط ِّعـلـى الأولـيـاء و الـصـالـحـيـن و الـعـلـمـاء الـعـامـلـيـن، و الـبـعـد عـن الـخـوَّاضـيـن بـالـمـســلـمـيـن، و الـمـفـســديـن الـذيـن دأبـهـم شــق عـصـا الأمـة، و الـمـفـرقـيـن بـيـن الأصـحـاب، و الـنـاقـمـيـن حـســداَ عـلـى الـنـاس، و الـمـتـهـاجـريـن بـالـمـعـاصـي،و الـغـمَّـازيـن و الـلـمَّـازيـن و الـكـذابـيـن و أهـل الـدعـوى، و الـمـنـتـصـريـن لأنـفـســهـم عـلـى الـحـق، و أربـاب الأغـراض، الـمـمـتـلـئـة قـلـوبـهـم بـالأمـراض، و الـنـاقـضـيـن عـهـودهـم، و الـقـاطـعـيـن مـا أمـر الله بـه أن يـوصـل، و طـوائـف أهـل الأهـواء.
و مـن واجـبـات الـتـوحـيـد :الـنـصـحـيـة لله تـعـالـى و لـكـتـابـه و لـرســولـه و لأئـمـة الـمـسـلـمـيـن و عـامـتـهـم، و الـقـيـام بـإرشــاد كـل مـن الـمـخـلـوقـيـن، بـكـل مـا يـمـكـن مـن بـذل الـنـصـحـيـة و الـبـر و الـقـول الـحـســن.
و مـن واجـبـات الـتـوحـيـد : الـوقـوف عـنـد الـحـدود فـي الأقـوال و الأفـعـال و الأحـوال، و الـســيـر الـوســط فـي مـعـيـشــة الـنـفـس و الأهـل و الـعـيـال، و مـن يـؤول أمـرهـم إلـى الـمـرء، فـلا يـبـســط يـده فـيـضـجـر، و لا يَـغـلـُـلـهـا فـيُـقــَتــِّر، و لا يـبـخـل و لا يـبـذر، و يـكـون فـي شــؤونـه وســطـاً لـيـأخـذ مـن الـســنـة الأدب الـواجـب عـلـيـه، و لـكـيـلا يـســلـِّط مـؤاخـذة الـشــرع الـشــريـف عـلـيـه، و يـجـلـب أنـكـاد الـمـعـيـشــة إلـيـه.
و مـن واجـبـات الـتـوحـيـد : الاقـتـصـاد الـشــرعـي لـكـيـلا يـنـســخ بـالـتـبـذيـر و الـقـلـَّـة حـســن حـالـه مـع ربـه، و الـمـقـتـصـد أدبـه أدبٌ شــرعـي، فـيـه مـن الـبـركـة الـنـجـاح الـخـالـص، فـي الـحـال و الـمـآل، و الله الـولـي بـكـل الأحـوال.
و مـن واجـبـات الـتـوحـيـد : شــد مـئـزر الـعـزم بـإقـامـة أركـان الـديـن، بـالـصـدق و صـحـيـح الـيـقـيـن.
و مـن واجـبـات الـتـوحـيـد : حـســن الـتـوكـل عـلـى الله تـعـالـى، فـإنـه أعـطـى كـل شــي خـلـقـه، فـالاعـتـمـاد عـلـى الأســبـاب فـشــل، و الإهـمـال لـهـا خـلـل، و الـصـواب الأخـذ بـهـا أدبـاً، و الـنـظـر إلـى خـالـقـهـا ديـنـاً، و الـتـوكـل عـلـيـه إيــمـانـاً و يـقـيـنـاً.
و مـن واجـبـات الـتـوحـيـد : الـرضـا عـن الله تـعـالـى فـي كـل حـالـة، مـع الانـتـهـاض لـلأخـذ بـواجـبـات الـشــرع الـمـنـافـيـة لـلـكـســل و الـبـطـالـة، فـإن الله تـعـالـى يـكـره الـعـبـد الـبـطـَّـال، و مـن الـعـون فـي الأقـوال و الأفـعـال.
و مـن واجـبـات الـتـوحـيـد : هـزُّ هِـمـم الـمـسـلـمـيـن لـصـيـانـة أحـكـام الـديـن، فـإن الـنـبـي صـلـى الله عـلـيـه و ســلـم أنـبـأنـا أن الله يـحـب الـمـؤمـن الـقـوي أكـثـر مـن الـمـؤمـن الـضـعـيـف، و ذلـك لأن الـمـؤمـن الـقـوي يـقـدر عـلـى نـصـر ديـن الله، و إعـلاء كـلـمـة الله، و الـضـعـيـف لا يـقـدر إلا خـويـصـة نـفـســه، و بـمـثـلـه لا تـقـول حـفـلـة الـديـن فـي الأرض، و قـد يـرحـم الله الـبـعـض بـالـبـعـض.
و مـن واجـبـات الـتـوحـيـد : الـعـزم الـصـالـح فـي الأمـور كـلـهـا، لـتـكـون أعـمـال الـمـرء كـلـهـا نـاشــئـة عـن عـزم صـالـح, زبـدتـه الإخـلاص ( ألا اللهِ الـديـنُ الـخـالـص ).
و مـن واجـبـات الـتـوحـيـد : الأخـذ بـالـعـدل فـي أمـر الـنـفـس و الـغـيـر أدبـاً مـع الله تـعـالـى ( ألا لـَهُ الـخـَـلـْقُ و الأمْـر ).
و فـي هـذا الـمـقـدار مـن هـذا الـبـاب كـفـايـة و الـتـوفـيـق مـن الله
بـَـابٌ
في مَـعْـرفــَةِ شــَـأنِ الـنـَّـبـِّـي
صلى الله عليه وسلم هـو مـحـمـدٌ رسـولُ الله صـلـى الله تـعـالـى عـلـيـه و سـلـم ابـن عـبـد الله بـن عـبـد الـمـطـلـب ابـن هـاشــم بـن عـبـدِ مَـنـَـاف الـقـرشــيُّ الـعـربـيَّ الـمـكـيَّ الـمـدنـيُّ الأمـيُّ عـلـيـه أفـضـلُ الـصـلاةِ و أشــرفُ الـتـســلـيـمـات، اخـتـارهُ اللهُ مـن خـلـقـه، و أيـَّـدَهُ بـعـلـمـه، و اصـطـفـاهُ لـذاتـه، و صـوَّره مـن نـوره، و بـعـثـهُ هـاديـاً لـخـلـقـه، فـهـو عـبـدهُ و حـبـيـبـهُ و نـبـيـُّه و رســولـُه، و الـرحـمـة الـمـرســلـة، و الـبـركـة الـمـنـزلـة، و الـنـور الـدائـم، و الـنـوال الـســاجـم، جـاء لـيـتـمـم مـكـارم الأخـلاق، و لـيـمـحـقَ ســوءَ الإغـلاق، و مـثـالـب الـشــقـاق و الـنـفـاق، و لـيـدلَّ الـخـلـق عـلـى الـخـلاق، و لـيـوقـف كـل الـمـخـلـوقـيـن فـي حـضـرة الإطـلاق، و قـد أيـَّـدَهُ الله فـأظـهـر ديـنـه عـلـى الـدِّيـن كـلـه، و أوصـل بـه الـحـقَّ إلـى أهـلـه، فـلـن تـضـلَّ الأمـة مـا إنْ تـمـسَّــكـَتْ بـسُــنـتِـه، و لـن تـخـزَى مـا دامَـتْ فـي ســيـرِهـا و سِــيـرتـهـا عـلـى قـويـم مـحـجَّـتـه، لـم يـتـجـاوزْ رتـبـة الـعـبـديـة، و لـم يـطـمَـحْ إلـى الالـتـبـاس بـكـلِّ وصـفٍ لـه يُـوصـف مـن أوصـاف الـربـوبـيـة، نـزَّهَ اللهَ عـن مـجـانـســةِ الـحـادثـات و مـشــاكـلـةِ الـمـخـلـوقـات، و أحـكـم حـكـمـة الأدب مـع الـذرات، و ألـزم بـالـشــفـقـة فـي جـمـيـع شــؤونـات الـكـائـنـات، و وســعَ الـنـاسَ بـأخـلاقـه الـشــريـفـة، و هَـدَمَ صـوامـع الـغـرور و الـدعـاوي الـكـثـيـفـة، و أفـاض نـورَ الله إلـى الـعـامـلـيـن، و أفـرغ ســرَّ الـعـلـم الإلـهـي فـي طـبـقـات الأمـة، فـهـي تـتـقـلـَّب فـي مـوج بـحـر عـلـمـه إلـى يـوم الـديـن، و ســاوى بـشــرعـه بـيـن الأمـيـر و الـمـأمـور، و أوقـف صـنـوف أمـتـه مـع الـحـقّ، لا مـع الـغـرض فـي جـمـيـع الأمـور، و تـكـلـم بـلـســانِ الـحـقّ فـأقـنـع و أســمـع، و قـال : " لـن تـُـقــدَّس أمـة ٌلا يـؤخـذ فـيـهـا لـلـضـعـيـف حــقــُّـه مـن الـقـوي غـيـر مُـتـعْـتـع " و هـذ َّب بـالـعـلـم الإلـهـي كـل مـن تـحـت الـســمـاء، و وقـف تـحـت لـواء عَـدْلـه الـذئـب و الـشــاة فـي حـظـيـرة الأمـن ســواء، فـهـو أعـقـل الأنـبـيـاء و الـمـرسـلـيـن، و أعـلـم كـبـارهـم أجـمـعـيـن، و نـبـيُّـهـم فـي الـطـيِّ و الـنـشــر، فـهـو نـبـيٌّ و آدمُـهـم بـيـن الـمـاءِ و الـطـيـن صـلـوات الله عـلـيـه و عـلـيـهـم أجـمـعـيـن. إلـى أن يـرث الله الأرض و مـن عـلـيـهـا و هـو خـيـر الـوارثـيـن، فـالأنـبـيـاء و الـمـرســلـون عـلـيـهـم الـصـلاة و الـســلام كـلـهـم إخـوانـه، ألـزم بـإجـلالـهـم و إعـظـامـهـم و إكـرامـهـم و احـتـرامـهـم، و الإيـمـان بـهـم و بـكـل مـا أتــوا بـه عـن الله، و أمـرنـا عـلـيـه الـصـلاة و الـســلام أن لا نـفـرق بـيـن أحـدٍ مـنـهـم، غـيـر أن شــريـعـتـهُ صـلـى الله عـلـيـه و ســلـم لـمَّـا كـانـتِ الـشــريـعـة الـجـامـعـة لـجـمـيـع فـهـومـهـم، الـمـحـيـطـة بـجـمـيـع عـلـومـهـم، الـتـي لـم تـبـدَّل و لـم تـحـرَّف، و لـم يُـغـيَّـر مـنـهـا نـصّ، و لـم يَـمَـسَّ أســاســهـا الـفـرقـانـي شــيـنٌ و لا نـقـص، فـلـذلـك كـانـت نـاســخـة لـلـشــرائـع لاســتـجـمـاعـهـا حـقـائـقـهـا و رقـائـقـهـا و دقـائـقـهـا مـن كـل عـبـادةٍ صـالـحـة و كـل حـكـمـة نـاجـجـة، لا يـشــكُّ بـذلـك إلا الـجـاهـلُ و الـمـكـابـرُ و الـغـافـل، و لـلـحـق مـن الـحـق بـراهـيـنُ و دلائـل، يـعـرفـهـا الـعـاقـل، و يُـذعِـن لـهـا الـعـالـم الـفـاضـل، فـقـلْ أيـهـا الـمـحـبُّ الـلـبـيـب بـعِـظـَمِ شــأن الـحـبـيـب صـلـى الله عـلـيـه و ســلـم و لا تـنـدفـعْ بـه إلـى مـا قـالـه جـمـاهـيـرُ الأمـم الـمـعـلـومـة بـأنـبـيـائـهـم، فـجـعـلـوهـم لله أبـنـاء، و هـدمـوا مـن أركـان الـتـوحـيـد بـنـاء، و انـحـرفـوا عـن طـريـق الـصـواب، و فـتـحـوا مـن الأغـلاط فـي مـعـتـقـداتـهـم أوســع بـاب، و الـعـقـل يـردُّ مـا انـتـحـلـوه، و الـحـكـمـة تـصـدُّ مـا قـالـوه، إنـمـا أنـبـيـاؤهـم عـلـيـهـم الـصـلاة و الـســلام إخـوانُ نـبـيـنـا صـلـى الله تـعـالـى عـلـيـه و سـلـم فـي مـرتـبـتـه، و أشــبـاهُـهُ فـي مـنـزلـةِ عـبـوديـتـه، كـلـهـم عـبـيـدٌ لله، و لا إلـه إلا الله، هـذا هـو الـحـدُّ فـي هـذا الـمـقـام، و كـلـهـم خـاصـة الـنـوع الإنـســانـي و ســاداتـه و كـُبـراؤه الأجـلاء الـعـظـام، أعـطـاهـم الله الـحـظ الأوفـر، و جـلالـة الـقـدر و الـمـظـهـر، و أفـرغ فـي شــريـف قـوالـبـهـم و لـطـيـف قـلـوبـهـم قـدرة مـن قـدرتـه، فـيـهـا صَـدَرَتْ عـنـهـم الـمـعـجـزات، و ســرَتْ مـنـهـم إلـى أولـيـاء أمـمـهـم الـوارثـيـن لـهـم الـكـرامـات، و أجـلـُّهـم مـظـهـراً و حـظـاً، و أفـصـحـهـم نـطـقـاً و أعـذبـهـم لـفـظـاً، ســيـدنـا و ســنـدنـا و نـبـيـنـا مـحـمـدٌ الـمـصـطـفـى الـمـكـرَّم صـلـى الله عـلـيـه و عـلـيـهـم و سـلـم.
بـَـابٌ في مَـعْـرفــَةِ شــَـأنِ الـنـَّـبـِّـي صلى الله عليه وسلم |
|
admin
صلي على النبي صل الله عليه وسلم انجازاتي لايتوفر على اوسمة بعد:
| موضوع: رد: الـدرة الـبــيــضـاء : لـسـيـدي الإمـام الـرواس رضي الله عنه 2011-03-04, 23:33 | |
| قـال شــيـخُ مـشــايـخِـنـا الـجـدُّ الأمـجـد، الـغـوث الـمـفـرد، مـولانـا الـســيـد أحـمـد، الـكـبـيـرُ الـرفـاعـي الـحُـســيـنـي رضـى الله عـنـه و عـنـا بـه :
| <table style="background-position: right top; border: 4px double; font-family: Simplified Arabic; font-size: 18pt; color: rgb(0, 2, 255); font-weight: bold;" background="http://cb.rayaheen.net/" bgcolor="" border="0" cellpadding="0" cellspacing="0"><tr><td style="padding: 30px;">لم يخلقِ الرحمنُ في العالمِ كنورِ عينَيْ أبي القاسِمِ من آدم جاء و من هاشِمٍ فخر لجنس العالم الآدمي </td></tr></table> |
|
فـالـكـرامـات مـن مـعـجـزاتـه الـسـاريـة الـدائـمـة فـي أولـيـاء أمـتـه لـم تـزل إلـى يـوم الـقـيـامـة، و هـو حـيِّ فـي قـبـره، مـنـعـمٌ فـي مـرقـده الأنـور الأطـهـر، و قـد تـقـلـَّـب فـي الـسـاجـديـن، و أتـى نـقـيـاً مـن الأمـهـات الـطـاهـرات و الآبـاء الـطـاهـريـن، كـلـُّـهـم تـنـسَّـلـوا حُـرمـة لـجـنـابـه الـكـريـم بـمـحـض الـصَّـون الـربَّـانـي عـلـى نـكـاح الإسـلام، لـم يـشِـنـهـم نـكـاح الـجـاهـلـيـة، و هـذا الـقـول هـو الـراجـحُ أيـضـاً بـشـأن إخـوانـه الـنـبـيـيـن و الـمـرسـلـيـن، أهـل الـمـقـامـات الـعـلـيـة، و كـلـهـم وسـائـل إلـى الله، لـهـم شـفـاعـة مـقـبـولـة عـنـد الله، و أعـظـمـهـم وسـيـلـة و أجـلـهـم قـبـولاً نـبـيـنـا صـاحـب الـشـفـاعـة الـعـظـمـى فـي الـمـوقـف الـقـدسـي، إذ يـقـول : ( أمـتـي أمـتـي ) و يـقـول كـلُّ مـن الأنـبـيـاء : نـفـسـي نـفـسـي. و لأجـل وجـهـه الـكـريـم فـلـصـلـحـاء أمـتـه و أولـيـائـهـا شـفـاعـة مـنـصـوصـة، و بـركـة قـبـول ٍ مـخـصـوصـة، و هـم الـمـنـصـورون بـبـركـة جـاهِ رسـول الله صـلـى الله عـلـيـه وسـلـم فـي الـدنـيـا و يـوم يـقـوم الأشـهـاد، و لـهـم بـه- عـلـيـه الـصـلاة و الـسـلام – هـذه الـمـنـزلـة عـطـاء كـريـم مـنـه الإمـداد، و بـيـده الإسـعـاد، جـلـَّـتْ قـدرتـه، و تـعـالـتْ عـظـمـتـه، إلـيـه الـمـصـيـر، و هـو عـلـى كـل شـيء قـديـر. و فـي قـولـنـا: " مـنـه " أي: مـن الله تـعـالـى الإمـداد إلـى آخـر الـجـمـلـة.
فـائِـدَة تـظـهـَـرُ لِـلـمُـتـَـدَبّـر
و تـلـك أن الأمـة الـمـحـمـديـة تـقـول كـلـهـم : بـأحـقـيـة صـدور الـمـعـجـزات عـن الأنـبـيـاء صـلـواتُ الله و تـسـلـيـمـاتـُـه عـلـيـهـم أجـمـعـيـن، و جـمـاهـيـر أهـل الـسـنـة و الـجـمـاعـة يـقـولـون بـأحـقـيـة صـدورِ الـكـرامـات عـن الأولـيـاء رضـي الله تـعـالـى عـنـهـم، غـيـر أنـهـم لا يـثـبـتـون لـلـكـلِّ فـعـلاً يـصـدر عـنـهـم بـاسـتـبـداد مـنـهـم، إنـمـا أفـعـالـهـم تـصـدرُ عـنـهـم بـإمـداد الله تـعـالـى لـهـم، و هـو الـفـعَّـال الـحـقـيـقـي، و هـو مُـظـهـر تـلـك الأفـعـال، و مُـهـبـط تـلـك الأسـرار، كـالـشـمـس اسـتـودعـهـا الـضـوء، و كـالـلـيـل اسـتودعـه الـظـلـمـة، و كـالـنـار اسـتـودعـهـا الإحـراق، و كـالـمـاء اسـتودعـه الـرَّيّ ، فـصـدور الـضـوء عـن الـشـمـس، و الـظـلام عـن الـلـيـل، و الإحـراق عـن الـنـار، و الـرَّيّ عـن الـمـاء، لا يـمـكـن جـحـوده، و لـكـن لا يـنـبـغـي لـلـمـسـلـم الـعـاقـل إلا أن يـقـول: إن الله سـبـحـانـه و تـعـالـى أعـطـى الـشـمـسَ الـضـوء فـأضـاءت، و أعـطـى الـلـيـل الـظـلام فـأظـلـم، و أعـطـى الـنـار الإحـراق فـأحـرقـت، و أعـطـى الـمـاء الـرِّيَّ فـأروى، و كـذلـك كـلُّ الـمـسـتـودعـات عـلـويِّـهـا و سُـفـْـلـيِّـهـا مـن مـضـمـون خـبـر ( إن الله أنـزلَ الـداءَ و الـدواءَ فـَـتـداوواْ )، فـالـتدواي بـالـسـر الـمـسـتـودع مـن قِـبَـلِـهِ تـعـالـى فـي الـدواء لا بـذات الـدواء، و كـذلـك فـالاســتـمـداد و طـلـب الإغـاثـة و الإعـانـة فـي مـهـمـات الأمـور، و حـوادث الـدهـور مـن الأنـبـيـاء عـلـيـهـم الـصـلاة والـسـلام ، أو مـن الأولـيـاء عـلـيـهـم الرضـوان ، هـو لـلـسـر الـمـسـتـودع فـيـهـم مـن الله سـبـحـانـه و تـعـالـى، فـإنـه أعـزهـم و أعـطـاهـم مـكـرمـة، و قـَـبـِـلـَـهـم و تـولاهـم فـذواتـُـهـم لـهـذا الاخـتـصـاص مـحـتـرمـة، و هـمـمـهـم لـهــذا الإيـداع مـطـلـوبـة مـؤمـلـة، و الله سـبـحـانـه و تـعـالـى يـخـتـصُّ بـرحـمـتـه مـن يـشـاء. و قـد يُـرى الـرجـل الـعـالـم الـمـتـشـرع يـأتـي إلـى الـصـراف الـذي هـو مـن غـيـر مِـلـَّـة، و عـلـى غـيـر شـريـعـة، و يـقـتــرض مـنـه شـيـئـاً مـن الـدراهـم لـقـضـاء حـاجـتـه، فـهـل ذلـك الـعـالـم اسـترزق الـصـرَّاف؟ و اعـتـقـد أنـه يـرزقـه و يـقـضـي لـه بـمـا يـرزقـه إيـاه حـاجـة؟ فـلـيـس لـك أيـهـا الـعـاقـل إلا أن تـقـول: كـلُّ ذلـك لـم يـكـن ، و لـكـن الـعـالـم عَـلِـمَ أنَّ الله تـعـالـى تـصـرَّفـَـتْ قـدرتـُـه فـاسـتـودعـت الـدراهـم الـتـي تـُـقـضـي بـهـا الـحـاجـات عـنـد ذلـك الـصـرَّاف، فـذهـب ذلـك الـعـالـم لـلـمـحـل الـمـسـتـودع فـيـه الـدراهـم مـوافـقـاً لـلـفـعـل الإلـهـي مـسـتـرزِقـاً الـرازق الـحـقـيـقـي فـي الأخـذ مـن الـصـرَّاف، و مـسـتـمـنـحـاً الـكـرم الـربـانـي بـردِّ مـا أخـذ و قـضـائـه عـنـه، و حـيـث إن بـضـاعـة الـصـرَّاف الـمـسـتـودعـة عـنـده لـم تـسـوَ عـنـد الله جـنـاحَ بـعـوضـة فـلا حـرمـة و لا تـكـرمـة لـه فـي نـفـس ذلـك الـعـالـم، و أمـا الـمـسـتـودعـون عـلـوم الله و أسـراره و أنـواره و آثـار قـوتـه الـقـدسـيـة و بـراهـيـن آيـاتـه الـربـانـيـة فـهـم مُـكـرمـون مـعـظـَّـمـون مـحـتـرمـون، لإعـظـام شـان مـا اسـتـُـودعـوه عـلـى أنـهـم مــظـاهـر مـحـبـة الله تـعـالـى، و مـن يـحـبـه الله تـعـالـى يـجـب عـلـى عـبـاده إجـلالـه و إعـظـامـه حـيـاً و مـيـتـاً، فـإنـه مـحـلُّ الـسـرِّ الـمـسـتـودع الإلـهـي، و مـظـهـر الـمـحـبـة الـربـانـيـة، و هـاتــان صـفـتـان قـدسـيـتـان، و حـبـل الـصـفـة الـقـدسـيـة، لا يـنـقـطـع لا بـحـيـاة و لا يـمـوت، و إن الله حـيِّ لا يـمـوت لـه الـحـكـم و إلـيـه تـرجـعـون.
يتبع |
|
admin
صلي على النبي صل الله عليه وسلم انجازاتي لايتوفر على اوسمة بعد:
| موضوع: رد: الـدرة الـبــيــضـاء : لـسـيـدي الإمـام الـرواس رضي الله عنه 2011-03-04, 23:34 | |
| فـتـشـبـثْ أيـهـا الـمـحـبُّ بـأذيـال مـن أحـبـهــم الله و اسـتـودعـهـم أسـراره، و تـوسَّـلْ بـمـحـبـة الله تـعـالـى لـهـم، و اتـخِـذهـم أبـوابـاً فـي شـؤونـك إلـى ربـك، و بـهـداهـم اقـتـده، و لـك الـفـوزُ فـي الأخـرى و الأولـى، و الـسـعـادة فـي الـدنـيـا و الـعُـقـْـبـى، و هـنـا سِـرُّ لـطـيـف، فـإنَّ الله سـبـحـانـه ابـتـلـى الأنـبـيـاء و الأولـيـاءَ بـمـا ابـتـلاهـم بـه، لـيـنـفـيَ لأولـي الـعـقـول مـا يُـخـامـر زُعـومَ الـبـعـض مـنـهـم مـن الـحـلـول و الاتـحـاد، تـعـالـى الله عـمـا يـقـولُ الـظـالـمـون عـلـواً كـبـيـراً.
و ذلـك كـمـا يـقـع لـبـعـض الأولـيـاء مـن الـسـقـوط فـي وَهـْدَة الـمـعـصـيـة، لـيـنـفـيَ عـن الـولـيِّ زعـمَ الـعِـصْـمـة الـتـي هـي لـلأنـبـيـاء و الـمـرسـلـيـن عـلـيـهـم الـصـلاة و الـسـلام، و فـي الـخـبـر ( أشـدُّ الـنـاس بـلاءً الأنـبـيـاء ثـم الـصـالـحـون ). كـل ذلـك لأسـرار ربـانـيـة قـامـتْ بـهـا الـحـكـمـة الإلـهـيـة، ظـاهـرهـا ابـتـلاء، و بـاطـنـهـا اعـتـنـاء، و لـه سـبـحـانـه الـتـصـرف الـمـطـلـق فـي مـلـكـه كـيـف يـشـاء، فـاعـلـم هـذا الـسـرَّ وقـفْ عـنـده، فـأكـمـل أهـل الـعـرفـان مَـنْ عـرف طـور هـُو لـم يـتـعـدَّ حـدَّه، و خـذِ الـعـبـوديـة الـمـحـمـديـة مـنـهـاجـاً، و الـطـريـقـة الـنـبـويـة مـعـراجـاً، و لا تـنـحـرف، و لا تـمـرُقْ و لـك الإطـلاق فـي الـمـبـاحـات، و أنـت مـقـيَّـد بـالـمـأمـورات ( فـاسـتـقـمْ كـمـا أمـرت ) 112سـورة هـود. و هـذه أثـقـلُ حـمـلـةٍ كـُـلـِّـف بـهـا روح الـوجـود، حـتـى قـال: ( شـيَّـبَـتـْـنـي هـود )، و صـلِّ عـلـيـه فـي كـلِّ آن و زمـان بـصـدق الـجـنـان و طـاهـر الـلـسـان، و أنـت حـيـنـئـذ فـي أمـورك كـلـهـا إن شـاء الله فـي بـحـبـوحـة الأمـان، و الله الـمـسـتعـان و عـلـيـه الـتـكـلان.
بـَابٌ
فـي وُجُـوبِ الـتـَّـمـسّـكِ بـالـسّـنـَّـةِ الـسّـنـَـيّـةِ
و الـتـَّـبـاعُـدِ عَـنِ الـبـِـدْعَـةِ الـسَّـيـئـّـة الـرَّدِيَـةِ قـال الله تـعـالـى ( فـلـْـيَـحْـذرِ الـذيـن يُـخـالـفـونَ عـن أمـرِهِ أنْ تـُـصِـيـبَـهـُـمْ فـتـنـةٌ أو يُـصِـيـبَـهـُـمْ عـذابٌ ألـيـم ) 63 سـورة الـنـور، و الـفـتـنـة قـد تـكـون فـي الأمـر الـدنـيـوي، و قـد تـكـون – و الـعـيـاذ بـالله – فـي الأمـر الـدِّيـنـي، و لـذلـك حـذر الـقـرآنُ مـن مـخـالـفـة أمْـرِ الـنـبـيِّ صـلـى الله عـلـيـه وسـلـم. و الـتمـسـكُ بـسُـنـَّـتـه صـلـى عـلـيـه ربُّـه فـيـه نـجـاحٌ دنـيـوي، و فـلاحٌ ديـنـي قـامـت عـلـى ذلـك الأدلـة الـعـقـلـيـة، و أتـتْ بـه الـبـراهـيـنُ الـنـقـلـيـة، و مـا فـشـلُ أمـرِ الـمـسـلـمـيـن فـي وقـتٍ إلا لـمـخـالـفـتـهـم الأوامـر الـنـبـويـَّـة، و إهـمـالـهـم شـدة الإعـتـصـاب لإحـيـاء الـسـنـَّـة الـسـنـيَّـة، و لـذلـك فـإذا كـثـر الـشـقـاق، و فـسـدتِ الأخـلاق، فـالـداعـي إلـى سـنـَّـة سـيـد الأنـام كـالـقـائـم بـإحـيـاء ذاتـه عـلـيـه الـصـلـوات و الـسـلام، و فـي الـخـبـر { مـن أحـيـا سُـنـَّـتـي فـكـأنـمـا أحـيـانـي }. و ورد أيـضـاً: { مـن تـمـسَّـك بـسُـنـَّـتـي عـنـد فـسـادِ أمـتـي فـلـه أجْـرُ مـئـة شـهـيـد}. و قـد زلَّ عـن طـريـق الـصـواب أنـاسٌ فـي هـذا الـبـاب، فـأرادوا الـعـمـل بـمـا يـقـرؤون فـي كـتـب الأحـاديـث و الأخـبـار، يـزعـمـون رفـضَ الـتـقـلـيـد لـلأئـمـة – أعـنـي الأربـعـة الـذيـن جـمـع الله كـلـمـة الـمـسـلـمـيـن عـلـى الـقـول بـمـذاهـبـهـم – و هـذا مـنـتـهـى الـخـطـأ، عـلـى أنَّ إجـمـاع أهـلِ الـسـنـة عـلـى الأخـذ بـمـذاهـب هـؤلاء الأئـمـة الأربـعـة، أعـنـي الإمـام الـشـافـعـيَّ و الإمـام أبـا حـنـيـفـة و الإمـامَ مـالـكـاً و الإمـام أحـمـد رضـي الله عـنـهـم أجـمـعـيـن، و ذلـك لأنـهـم اسـتـجـمـعـوا دقـائـق الـعـلـم بـالـسـنـة، و أخـبـارهـا و آثـارهـا و رواتـهـا و طـُـرُق أسـانـيـدهـا، و انـتـهـى لـهـم إذ ذاك الـعـلـم بـكـتـابِ الله تـعـالـى و تـفـسـيـرهُ و تـأويـلـه، مـع الـفـقـه الأجـمـع الأتـمّ بـأعـمـال رسـول الله صـلـى الله عـلـيـه وسـلـم، و بـأعـمـال الـصـحـابـة و الـفـقـهـاء مـن الـتـابـعـيـن و تـابـعـيـهـم، و الاطـلاع الـوثـيـق عـلـى حِـكـَـم اجـتـهـاداتـهـم و أسـبـابـهـا، و كـان اخـتـلافـُـهـم لـذلـك رحـمـة لـلأمـة فـإنـه مـا هـو خـلاف، فـمـن أخـذ بـقـولِ واحـدٍ مـنـهـم فـقـد وُفـِّـق، إذ كـلـهـُّـم عـلـى هـُـدى، و لـقـائـلِ أن يـقـول: الـحـقُّ لا يـتـعـدَّد. قـلـنـا: نـعـم، و لـكـنَّ اخـتـلافَ أولـئـك لـم يـكـنْ مـن هـذا الـقـبـيـل، بـل هـو اجـتـهـادٌ فـي الـحـق، اخـتـلـفَ الـطـريـق و لـم يـخـتـلـف الـمـقـصـد، فـالـحـق لـم يـزل لـدى كـلِّ واحـدٍ مـنـهـم، قـَـصْـداً يـذهـب إلـيـه، و يـعـوّلُ فـي الـعـمـل عـلـيـه، و كـلُّ واحـدٍ مـنـهـم اســـنـد فـيـمـا ذهـب إلـيـه إلـى عـمـل صـحـيـح، صـدر عـن الـنـبـيِّ صـلـى الله عـلـيـه وسـلـم، أو عـمـل أحـدِ الآلِ، أو أحـد الـصـحـابـة، أو أحـد الـتـابـعـيـن. و أعـمـالـُهـم و أعـمـالُ مـن قـال بـأقـوالـهـم، مـن عـلـمـاءِ الـديـن لـصـادقـيـن، لابـدَّ و أنْ يـسـتـنـد إلـى نـصِّ قـولـي، أو عـمـل جـلِـيّ، صـدر مـن الـمـصـطـفـى صـلـى الله عـلـيـه وسـلـم و هـو أعـلـم مـنـَّـا بـذلـك، و أخـبـرُ بـحـقـائـق كـلِّ مـا هـنـالـك، فـالـقـول بـأقـوالـهـم و الأخـذ بـهـا لـم يـكـن تـقـلـيـداً لـهـم، إنـمـا هـو مـوافـقـة لـهـم فـي الـقـول، و تـقـلـيـدٌ لـلـمـعـصـوم الـكـريـم – صـلـى الله عـلـيـه وسـلـم – فـي الـعـمـل. و مـثـال ذلـك أنَّ الـعـامـل يـأمـرُ بـالأمـر فـتـطـيـعُـه فـيـه الـعـامَّـة، و كـلِّ مـنـهـم يـعـلـم أنَّ الـطـاعـة لـلـعـامـل فـي ذلـك الأمـر لـم تـكـن لـه، و إنـمـا هـي لـصـاحـب الأمـر، أعـنـي الـخـلـيـفـة فـي الـعـصـر عـن الــنـبـيِّ صـلـى الله عـلـيـه وسـلـم، و عـلـى هـذا فـالـتمـسُّـك بـقـول أحـدِ هـؤلاء الأئـمـة الأربـعـة الـكـرام هـو تـمـسُّـكٌ بـسُـنـَّـتـه صـلـى الله عـلـيـه وسـلـم، و مـن الـبـِـدْعَـةِ الانـحـرافُ عـن طـُـرُقـهـم أخـذاً بـالـرَّأي الـمـجـرَّد، و مـع ذلـك فـلا نـكـفـِّـرُ أهـل الأهـواء إلا بـمـا فـيـه نـفـيُ الـصـانـع، أو بـجـحـود مـا جـاء بـه الـرسـولُ صـلـى الله عـلـيـه وسـلـم، فـإن تـكـفـيـرَ أهـل الـقـبـلـةِ أمـرٌ خـطـيـر. نـعـم يـجـب عـلـيـنـا الـنـُّـصْـح لـلـمـبـتـدع لـنـقـوم بـحـق قـولـه تـعـالـى: ( ادْعُ إلـى سـبـيـلِ ربِّـكَ بـالـحـكـْـمَـةِ و الـمـوعـظـةِ الـحـسـنـة ) 125 سـورة الـنـحـل، و إذا أصـرَّ عـلـى الـبـدعـة الـسـيـئـة فـيـجـب عـلـى الـمـسـلـمـيـن ردُّه أولاً بـالـلـسـان، و عـلـى الأمـراء ردُّ الـمـبـتـدع بـالـيـد، و مـن لـم يـفـعـل ذلـك مـن الـفـئـتـيـن يـكـْـن مـؤاخـذاً مـن قِـبـلِ الله و رسـولِـه صـلـى الله عـلـيـه وسـلـم، و عـلـى الـعـلـمـاء الاهـتـمـام بـبـثِّ أخـلاقِ الـنـبـيِّ صـلـى الله عـلـيـه وسـلـم فـي الأمـة لـيـوفـوا حـقَّ الـعـلـم الـشـرعـي الـمـُـفـاضَ إلـيـهـم مـن بـحـر شـريـعـة الـشـارع الـكـريـم صـلـى الله عـلـيـه وسـلـم. و عـلـى أهـل الأحـوال الـصـادقـة مـن رجـالِ الـطـُـرق الـعـلـيَّـة خـدَّامِ الـقـوم، أهـل الله – رضـوان الله عـلـيـهـم – بـذلُ الـجـهـد بـإفـراغ أحـوال الـنـبـيِّ صـلـى الله عـلـيـه وسـلـم فـي الأمـة لـيـنـهـض بـهـم حـالـُـه عـلـيـه الـصـلاة و الـسـلام إلـى الـغـَـيْـرة فـي الله، فـيـعـلـو بـذلـك أمـرُهـم فـي ديـنـهـم و دنـيـاهـم، و عـلـى الـعـلـمـاء و رجـالِ الـطـُـرق إفـراغُ الـعـلـم و الـحـال الـمـحـمـديَّـيْـنِ فـي الأمـة، و إنْ لـم يـكـن ذو الـعـلـم أو الـحـال مـسـتـمـداً مـن ظـاهـر الـشـرع و صـريـح الـنـص فـدعـواه مـردودة عـلـيـه، و هـو كـاذبٌ سـيَّـمـا أهـل الـشـَّـطـْـح الـذي يـتـجـاوز حـدَّ الـتـحـدُّث بـالـنـعـمـة، فـإنَّ الـشـَّـرْعَ الـشـريـف فـتـاشٌ عـلـى الـشـُّـطـَّـاح، و لا جـرم فـإنَّ الـشـطـح أثـرُ رعـونـةٍ فـي الـنـفـس تـظـهـر عـلـى لـسـان الـمـغـلـوب، و تـارة عـلـى لـسـان الـطـيَّـاش الأحـمـق، فـالـمـغـلـوب بـسـكـْـرَةِ الـحـال مـعـذور، و لـكـنْ لا تـُـسـمـع لـه مـن شـطـحـاتِـهِ كـلـمـة، بـل و لا تـُـنـقـل و لا تـُـقـبـل، و بـعـضُ كـلـمـاتـه تـُـأوَّل، و الـتـأويـل يـكـون لـكـلـمـات الـكـُـمَّـل، فـإن قـَـبـِـلـَـت الــتـأويـل أوَّلـنـاهـا، و مـا نـقـلـنـاهـا و لا حـرَّرْنـاهـا، عـلـى أنَّ هـذا الـتـأويـل لـوقـايـةِ قـائِـلـهـا مـن مـؤاخـذةِ الـشـرع الـشـريـف لا غـيـر. و إنْ كـانـتْ لا تـقـبـل الـتـأويـل ردَدْنـاهـا عـلـى قـائـلـهـا كـائـنـاً مـن يـكـون، فـقـد قـال إمـامُ دار الـهـجـرة عـلـَـمُ الأئـمـة الإمـام مـالـك رضـي الله عـنـه: مـا مـنـَّـا إلا مـن رَدَّ أو رُدَّ عـلـيـه، إلا صـاحـبُ هـذا الـقـبـر صـلـى الله عـلـيـه وسـلـم، و لـنـا فـرجـة أخـرى فـي هـذا الـبـاب، و تـلـك إذا أسـنـدتْ كـلـمـة لا تـقـبـلُ الـتـأويـل لـعـارفٍ غـيـر مُـدرك نـعـتـقـدُ أنـهـا دُسَّـت عـلـيـه، و هـو مـبـرأ بـالـنـظـر إلـى كـمـالـه، و صـلاح حـالـه و قـويـم أفـعـالـه، و مـصـونٌ مـن كـلِّ قـولٍ يـخـالـفُ الـشـرعَ الـشـريـف، و قـد نـصَّ الـبـعـضُ مـن أهـل الـكـمـال عـلـى وقـوع الـدسِّ الـكـثـيـر فـي كـتـب الـعـارف الـشـيـخ مـحـيـي الـديـن ابـن الـعـربـي طـاب ثـراه عـلـيـه رحـمـة الله.
و لـنـا حـمـلُ الـمـسـلـم عـلـى الـصـلاح فـمـا بـالـك بـالـعـارفـيـن مـن الـمـسـلـمـيـن؟ و حـيـثُ إن الـدسَّ مـمـكـن، و الـشـرع مُـلـْـزمٌ بـحـمـل الـمـسـلـمـيـن عـلـى الـصـلاح، فـوَجْـه الـسـلامـةِ هـو مـا ذكـرنـاه و الله الـمـعـيـن.
بـَابٌ
فـي مـعـرفـة مـقـاديـر آل الـنـبـي صـلـى الله عـلـيـه وسـلـم
و أصـحـابـه الـكـرام، و وجـوب مـحـبـتـهـم و حـرمـتـهـم و مـحـبـة الـصـالـحـيـن و الـعـارفـيـن و الـعـلـمـاء الـعـامـلـيـن و الـنـظـر إلـى الـمـسـلـمـيـن بـعـيـن الـرعـايـة و الـحـرمـة إجـلالا لـشـأن الـنـبـي صـلـى الله عـلـيـه وسـلـم
هـذا مـع الـشـفـقـة عـلـى خـلـق الله تـعـالـى كـلـهـم عـلـى اخـتـلاف أجـنـاسـهـم و أديـانـهـم و مـعـارف ذواتـهـم أمـا آل الـمـصـطـفـى صـلـى الله عـلـيـه وسـلـم و عـلـيـهـم، فـهـم مـن أجـزائـه الـنـوارنـيـة الـمـقـدسـة، بـضـعـة مـنـه، بـثَّ الله مـنـهـا الـكـثـيـر الـطـيِّـب قـال تـعـالـى : ( قـُـل لا أسـألـكـم عـلـيـه أجـْراً إلا الـمـودَّة فـي الـقـُـرْبَـى ) 23الـشـورى. فقـد ألـزمـنـا الـكـتـابُ الـعـزيـز بـمـودتـهـم و مـحـبـتـهـم، و ذلـك مُـرضٍ لـرسـول الله صـلـى الله عـلـيـه وسـلـم، جـاء فـي الـخـبـر عـن الـنـبـي صـلـى الله عـلـيـه وسـلـم : { أهـلُ بـيـتـي أمـانٌ لأهـل الأرض، كـمـا أن الـشـُّـهـُـبَ أمـانٌ لأهـل الـسـمـاء } فـمـن يُـردِ الله بـه الـخـيـر يـوفـِّـقـْـه لـمـحـبَّـة أهـل الـبـيـت الـنـبـوي فـيـسـعـد بـمـودتـهـم و مـحـبـتـهـم، و الـنـظـر إلـيـهـم بـمـا يـجـبُ عـلـيـه مـن الـرحـمـة و الـرأفـة بـهـم، و الـوقـايـة لـمـجـدهـم، و الإعـظـام لـهـم حُـرْمـة لـجـدِّهـم صـلـى الله تـعـالـى عـلـيـه وسـلـم، و لا شـكّ فـالـمـنـحـرف عـنـهـم الـمـبـغـضُ – والـعـيـاذ بـالله – لـهـم هـو مـمـكـورٌ و لـيـس بـمـعـذور ( و سَـيَـعْـلـَـمُ الـذيـن ظـلـمـوا أيَّ مُـنـْـقـَـلـَـبٍ يَـنـْـقـَـلِـبـون ) 227الـشـعـراء.
يتبع
|
|
admin
صلي على النبي صل الله عليه وسلم انجازاتي لايتوفر على اوسمة بعد:
| موضوع: رد: الـدرة الـبــيــضـاء : لـسـيـدي الإمـام الـرواس رضي الله عنه 2011-03-04, 23:35 | |
| و أمـا أصـحـابُ الـنـبـي – صـلـى الله عـلـيـه وسـلـم – فـهـم أعـوانـُـه و أنـصـاره، و خـُـدَّامـه الـذيـن أيَّـدَ الله بـهـم الـدِّيـن، و أعـلـى بـهـم كـلـمـة الـشـرع الـمـبـيـن، و بـثَّ بـِـهـمَـمِـهـم ديـنَ الله فـي الـعـالـمـيـن.
و الـخـلـفـاء مـنـهـم أعـيـانُ الأمَّـة و أئـمـتـهـا أوجـبَ اللهُ لـهـم الـطـاعـة.قـال تـعـالـى : ( أطِـيـعُـوا اللهَ و أطِـيـعُـوا الـرسـولَ و أولـي الأمـرِ مِـنـْـكـُـمْ ) 59 الـنـسـاء. و قـد فـَـهـِـمَ أهـلُ الـقـلـوب الـذيـن كـشـف الله لـهـم بـبـركـة رسـولـه – صـلـى الله تـعـالـى عـلـيـه وسـلـم – حُـجُـبَ الـغـُـيـوب مـن نصِّ هـذه الآيـة الـكـريـمـة أنَّ أولـي الأمـرِ الـذيـن يـقـومـونَ بـه فـي الأرض هـم مـن الأئـمـة لا مـن الـعِـتـْـرَة عـلـى الـغـالـب، و قـد أوجـب تـعـالـى طـاعـتـهـم، و الـطـاعـة أخـتُ الـحُـرْمـة، فـإنَّ مـن قـال بـحـرمـةِ امـرئٍ ألـزمَـتـْـه حُـرْمَـتـُـه لـه بـالـطـاعـة عـلـى الـغـالـب.
فـلـلآل الـمـودَّة، و لـلـصِّـحـاب الـحُـرمـة، و فـي الـتـعـبـيـرَيْـن الـمـعـنـى واحـد، مـخـتـلـفٌ طـريـقـُـه، مـتـَّـحِـدٌ مـآلـُـه.
فـالـزَم أيـهـا الـمـحـبُّ مـودة الـنـبـي صـلـى الله عـلـيـه وسـلـم و قـُـل بـحـرمـة أصـحـابـه و أنـصـاره و أعـوانـه، و إيَّـاك و الـحَـطَّ عـلـى واحـدٍ مـنـهـم، فـإنـهُ مـات – عـلـيـه الـصـلاة و الـسـلام – و هـو راضٍ عـنـهـم، فـاذهـبْ إلـى مـا ذهـبَ إلـيـه، و عـوَّلْ فـي أمـر ديـنـك و دنـيـاك عـلـيـه.
و أمـا مـا أوقـعـه الـقـَـدرُ بـعـد وفـاتـه صـلـى الله عـلـيـه وسـلـم بـيـن الـصـحـابـة و الآل – رضـي الله عـنـهـم أجـمـعـيـن – فـإنـه مـن سـلـطـان الـقـدر لـيـمـتـحـنَ اللهُ بـهـاتـيـك الـوقـائـع قـلـوبـاً، و غـايـة مـا أجـمـعَ عـلـيـه أهـلُ الـحـقِّ تـركُ تـلـك الأمـور إلـى الله ( تـلـك أمـة قـد خـَـلـَـتْ ) 134الـبـقـرة. فـاشـتـغـلْ بـمـا يـعـنـيـك، و اطـرَحْ مـا لا يـعـنـيـك، أحـبـبِ الـقـرابـة و احـفـظْ حُـرْمـة الـصـحـابـة تـَـسْـلـَـمْ فـي مـعـتـقـدك و تـغـنـم.
و أمـا الـصـالـحـون و الـعـلـمـاءُ الـعـامـلـون، فـقـد يـدفـعُ اللهُ تـعـالـى بـصـلاحـهـم عـن الأمـة الأسـواء، و يُـرشـد بـعـلـومـهـم جـمـاهـيـر الأمـةِ إلـى طـريـقِ الـسَّـواء، و الـعـلـمـاء ورثـة الأنـبـيـاء، و كـلـُّـهـم أمَـرَنـا نـبـيـنـا صـلـى الله عـلـيـه و سـلـم بـالـرجـوع إلـيـهـم، و الـتـعـويـل فـي أمـر الـديـن عـلـيـهـم.
وقـد كـان الإمـامُ الـشـافـعـي و الإمـام أحـمـد يـخـتـلـفـان إلـى شـيـبـان الـراعـي رضـي الله عـنـهـم أجـمـعـيـن، فـقـيـل لـهـمـا: مـع شـرفِـكـمـا و مـا أنـتـمـا عـلـيـه مـن الـعـلـم و جـلالـةِ الـقـَـدرِ تـخـتـلـفـان إلـى هـذا الـبـدويِّ لـلأخـذِ مـمَّـا عـنـده؟؟ فـقـالا : نـعـم. قـيـل لـرسـول الله صـلـى الله عـلـيـه وسـلـم : مـاذا تـصـنـع يـا رسول الله إذا عُـرض أمـرٌ لـم تـجـد لـه شـيـئـاً – يـعـنـي نـصـاً صـريـحـاً – فـي كـتـاب الله و لا فـي سـنـتـك؟؟ فـقـال : { اسـألـوا الـصـالـحـيـن } و مـن هـذا يـفـهـم الـلـبـيـب أنَّ الـصـالـحـيـن مـرجـع الأمـة فـي كـل مـهـمـة و مـلـمَّـة، كـان ذلـك بـتـعـلـيـم رسـول الله صـلـى الله عـلـيـه وسـلـم. و الـعـلـمـاء الـعـامـلـون هـم الـصـالـحـون الـجـامـعـون بـيـن الـحـال و الـمـقـال. فـالـرجـوعُ إلـيـهـم و احـتـرامـهـم و تـعـظـيـمُ شـؤونـهـم يـكـون مـن تـعـظـيـم أمـر الـنـبـيِّ صـلـى الله تـعـالـى عـلـيـه وسـلـم.
و أمـا الـشـفـقـة عـلـى خـلـق الله كـلـِّـهـم فـهـي دأب الـمـصـطـفـى صـلـى الله عـلـيـه وسـلـم و أدبُـه، و فـي الـخـبـر { خـيـرُ الـنـاس مـن يـنـفـع الـنـاس } و أيـضـاً: { الـخـلـقُ كـلـُّـهـَـم عـيـالُ الله و أحـبُ الـخـلـقِ إلـى الله أنـفـعُـهـم لـعـيـالـه }.
و الـشـفـقـة عـلـى ذراتِ الـحـادثـات الـعُـلـويَّـات و الـسُّـفـْـلِـيَّـات مـلـزِمـة بـالـسـعـي – مـهـمـا أمـكـن– بـجـرِّ الـنـفـع إلـى كـل ذرةٍ مـنـهـا، و قـد قـيـل: الـرجـل الـبَـرْ لا يـؤذي الـذر. هـذا حـكـم ديـن الإسـلام و كـفـى بـالله ولـيـاً.
بـَابٌ
فـي الـجـمـع بـيـنَ مـشـربـي الـعُـلـمـاء الـعـامـلـيـنَ
و الـمـشـايـخِ الـعـارفـيـنَ نـفـعَ اللهُ بـهـمْ أجـمـعـيـنَ الـعـلـمـاء الـعـامـلـون أخـذوا بـالـنـصـوص، فـي الـعـمـوم و الـخـصـوص، فـهـم فـي أعـمـالـهـم و أقـوالـهـم مـقـيَّـدون بـالـنـصّ، عـامـلـون بـه، كـلٌّ مـنـهـم عـلـى مـا ذهـب إلـيـه إمـامـه ذاهـب، و بـقـولـه قـائـل، و بـعـلـمـه عـامـل، اتــَّخـذهُ دلـيـلاً، و قـلـَّـد فـي أعـمـالـهِ الـمـعـصـومَ الأعـظـم صـلـى الله تـعـالـى عـلـيـه و سـلـَّـم، لا يـنـفـكُّ أحـدُهـم عـن هـذا الـنـمـط الـكـريـم أبـداً، فـهـو ولـيِّ مـن أولـيـاء الله تـعـالـى يُـتــَّبـع و يُـعـتـقـد، و يُـقـبـل قـولـهُ و يُـنـقـل.
و الـمـشـايـخ الـعـارفـون أخـذوا – مـع الـعـمـل بـالـمـنـصـوص – بـإشـغـالِ الـقـلـوب و تـهـذيـبـهـا بـالإخـلاص الـكـامـل فـي كـلِّ أعـمـالـهـم، و بـالـمـخـالـفـة لـنـفـوسـهـم فـي كـلِّ أحـوالـهـم، حـتـى انـتـهـضـوا لـلأخـذ بـالـعـزائـم، و عـدُّوا الأخـذَ بـالـرُّخـَـص مـن أحـوال الـضـعـفـاء، و تـحـقـَّـقـوا بـالاتـِّـبـاع بـالـقـول و الـعـمـل و الـحـال، و مـشـربُـهـم هـذا هـو عـيـنُ مـشـرب الـعـامـلـيـن، غـيـر أنـهـم دقـقـوا الـنـظـر بـإحـكـام الأحـكـام الـتـي جـاء بـهـا الـخـبـر، فـلـذلـك ظـهـرتْ عـلـى أيـديـهـم آثـار تـلـك الأحـوال الـنـبـويـة الـصـادقـة، و أفـاض الله تـعـالـى إلـيـهـم كـل مـزيـة جـلـيـلـة، و كـلَّ كـرامـة خـارقـة.
و أجـلـُّـهـم مـن تـحـلـَّـى مـع هـذا الـحـال بـالـعـلـم الـنـيـِّر و جـمـع الـعـمـلَ و الـحـال، فـمـثـل ذلـك الـرجـل يُـعـد مـن أعـيـانِ الـفـريـقـيـن، و مـن صـدور الـطـائـفـتـيـن، و هـم و إن قـسَـمْـنـَـاهـم إلـى قـسـمـيـن، و عـدّدْنـاهـم طـائـفـتـيـن، فـفـي حـقـيـقـة الأمـر هـم ركـبٌ واحـد، كـلـُّـهـم فـي عـمـلـه إلـى الله راجـعٌ و عـائـد، ورِثـوا الأنـبـيـاء الـذيـن لا نـفـرِّق بـيـن أحـد مـنـهـم – رضـي الله عـنـهـم –.
فـعـلـيـك أيـهـا الـمـحـبُّ بـإعـظـام الـركـْبـَيـن، و مـحـبـة الـفـريـقـيـن، و أعـلـم أن مـن شـذ مـن الـعـلـمـاء عـن الـمـشـرب الـذي وصـفـنـا بـه الـعـلـمـاء الـعـامـلـيـن، فـهـو مـن عـلـمـا الـسـوء و مـن الـبـطـالـيـن. و مـن شـذ عـن الـمـشـرب الـذي وصـفـنـا بـه الـمـشـايـخ الـعـارفـيـن فـهـو مـن الـكـاذبـيـن، أو مـن الـجـاهـلـيـن. فـنـقِّ نـفـسـك فـي الـطـريـقـيـن مـن وصـف الـشـاذيـن عـن الـمَـنـْـهـَـجَـيْـن، والله ولـيُّ الـهـدايـة، و مـنـه الـتـوفـيـق و الـعـنـايـة.
بـَابٌ
فـي تـعـريـف أصـنـاف الأولـيـاء رضـي الله عـنـهـم يتبع
|
|