مجالس فقه المالكية: تقريب نظم "المرشد المعين على الضروري من علوم الدين"
<blockquote class="postcontent restore">
..
بسم الله الرحمن الرحيم
و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و آله الطيبين
مجالس فقه المالكية: تقريب نظم العلامة عبد الواحد بن عاشر رحمه الله، المسمى:"المرشد المعين على الضروري من علوم الدين" .
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وبعد:
فقد عقدت العزم على افتتاح مجالس لتقريب نظم ابن عاشر المسمى"المرشد المعين
على الضروري من علوم الدين" وهو من الكتب المعتمدة في المذهب المالكي.
وقد سارت به الركبان في حياة مؤلفه وبعدها، وعليه المعول في تدريس المذهب
بالمغرب قبل "الرسالة" لابن أبي زيد القيرواني رضي الله عنه.
وقبل الشروع في المقصود،سأقدم بترجمة لصاحب النظم ثم مكانة النظم في المذهب
ثم أذكر الشروح على النظم وأبين المعتمد منها.و الله الموفق.
و سيعقد كل مجلس لأجل شرح مقطع من النظم المذكور، و سأقتصر على الأبيات المتعلقة بالفقه.و الله أسأل التوفيق و السداد.
عبد الواحد ابن عاشر الفاسي (ت 1040هـ)
هو الإمام، العالم العلامة، الورع الناسك، أبو محمد عبد الواحد بن أحمد بن
علي ابن عاشر الأنصاري نسباً، الأندلسي أصلاً، الفاسي منشأ وداراً، المعروف
بابن عاشر الفاسي، وهو من حفدة الشيخ الشهير أبي العباس ابن عاشر السلاوي
(ت765هـ).
ولد بمدينة فاس عام 990هـ/1582م، وسكن بدار أسلافه الكبرى بحومة درب الطويل
من فاس القرويين. بدأ تحصيل علومه بحفظ القرآن الكريم، فقرأه على يد الشيخ
أبي العباس أحمد بن عثمان اللمطي، وأخذ القراءات السبع على يد الشيخ أبي
العباس الكفيف، ثم على الشيخ أبي عبد الله محمد الشريف التلمساني(ت1052هـ)،
كما أخذ الفقه عن جماعة من شيوخ عصره، أمثال: أبي العباس ابن القاضي
المكناسي(ت1025هـ)، وابن عمه أبي القاسم، وابن أبي النعيم الغساني، وقاضي
الجماعة بفاس علي بن عمران، وأبي عبد الله الهواري، وقرأ الحديث على
العلامة محمد الجنان(ت1050هـ)، وعلى أبي علي الحسن البطيوي، وكان يتردد على
الزاوية البكرية، فأخذ عن علمائها المبرزين، وحضر مجالس محمد بن أبي بكر
الدلائي(ت1046هـ) في التفسير والحديث.
وبعد أن تضلع مترجمنا في عدد من العلوم رحل إلى المشرق، فأخذ عن الشيخ سالم
السنهوري(ت1015هـ)، وعن الإمام المحدث أبي عبد الله العزي، وعن الشيخ
بركات الحطاب، وغيرهم، وحجّ سنة (1008هـ)، فالتقى بالشيخ عبد الله
الدنوشري، وأخذ التصوف عن العالم العارف ابن عزيز التجيبي (ت1022هـ)، وعلى
يده فُتِحَ عليه بسعة العلم والعمل.
ولابن عاشر رحمه الله مشاركة قوية في جل الفنون، وتبحر في عدد من العلوم،
خصوصاً علم القراءات، والرسم، والضبط، والنحو، والإعراب، وعلم الكلام،
والأصول، والفقه، والتوقيت، والتعديل، والحساب، والفرائض، والمنطق،
والبيان، والعروض، والطب، وغيرها، وتذكر المصادر أنه تولى التدريس،
والخطابة، وتشير إلى إقبال الطلبة عليه، ومن أبرزهم: أبو عبد الله محمد بن
أحمد ميارة (ت1072هـ)، وأحمد بن محمد الزموري الفاسي(ت1057هـ)، ومحمد
الزوين (ت1040هـ)، وعبد القادر الفاسي (ت1091هـ)، والقاضي محمد بن سودة
(ت1076هـ)، وغيرهم.
ومن أخلاقه رحمه الله التي اشتهر بها: الورع، والزهد، والاعتكاف، والجهاد،
والتواضع، وحسن الخلق، وكان لا يأكل إلا من عمل يده، مثابراً على التعليم،
كثير الإنصاف في المباحثة، وكانت له سلاسة في التعبير، وحسن العرض لدروسه
في القرويين، ومن أقواله المأثورة في الإجازة:«لو لم يجيزوا إلا لمن أتقن
ما بلغنا شيء»، وقوله في تلاوة القرآن للميت:«قراءة الحزابين عذر في التخلف
عن الجنائز».
وعبارات العلماء في الثناء على مترجمنا كثيرة، منها قول أبي عبد الله
الكتاني في سلوة الأنفاس:«الشيخ الإمام الكبير، العالم العلامة الشهير،
الحجة المشارك، الورع الناسك، الخطيب المقرئ المجاهد، الحاج الأبر الزاهد،
شيخ الجماعة بفاس ونواحيها».
ألف الشيخ ابن عاشر رحمه الله تآليف عديدة نافعة، في غاية التحرير
والإتقان، بلغت أربعة عشر كتاباً، كان أهمها وأشهرها نظمه في قواعد الإسلام
الخمس ومبادئ التصوف، الذي سماه:«المرشد المعين على الضروري من علوم
الدين»، وبه اشتهر وعرف، داخل المغرب وخارجه، فاعتنى به الناس حفظا، وشرحا،
وتعليقا، وختما، ومن تآليفه أيضاً:«شرح مورد الظمآن في علم رسم القرآن»،
و«شرح على مختصر خليل، من النكاح إلى العلم»، و«رسالة في عمل الربع
المجيب»، و«تقييد على العقيدة الكبرى للسنوسي»، وغيرها.
توفي ابن عاشر رحمه الله عن عمر يناهز الخمسين سنة، إثر إصابته بمرض مفاجئ
يسمى على لسان العامة بـ:«النقطة»، وهو داء عصبي يؤدي إلى الشلل الكلي،
وقيل: مات مسموماً بسبب سم وضع له في نوار الياسمين، وذلك يوم الخميس 3 ذي
الحجة عام 1040هـ/الموافق لـ 3 يوليوز 1631م، ودفن من الغد بأعلى مطرح
الجنة، بقرب مصلى باب فتوح بفاس، وبني عليه قوس معروف غرب روضة يوسف
الفاسي، بجوار السادات المنجريين.
مصادر ترجمته:
الدر الثمين والمورد المعين لمحمد ميارة:ص: (3)
صفوة من انتشر من أخبار صلحاء القرن الحادي عشر للصغير الإفراني: (124)،
نشر المثاني للقادري: (1/283)،
التقاط الدرر للقادري: (91)،
شجرة النور الزكية لمخلوف: (299)،
الفكر السامي: (2/327)،
سلوة الأنفاس ومحادثة الأكياس بمن أقبر من العلماء والصلحاء بفاس لأبي عبد الله الكتاني: (2/310-312)
معلمة المغرب: (17/5837-5838).
مكانة نظم المرشد المعين على الضروري من علوم الدين في المذهب المالكي
واعتبارا لقيمة هذه المنظومة، نجدها معتمدة من كبار الفقهاء المالكية؛
فالإمام أبو عبد الله الدسوقي (ت1203هـ) ينقل عنها في أكثر من 83 موضعاً من
حاشيته على الدردير في شرح مختصر خليل، وبلغت النقول عنها عند العلامة
محمد عليش (ت1299هـ) إلى مائة نقل في منح الجليل شرح مختصر خليل، وحوالي
ثلاثة عشر نقلاً عند الإمام أحمد الصاوي (ت1241هـ) في كتابه بلغة السالك
لأقرب المسالك.
شروح المرشد المعين على الضروري من علوم الدين
1- "الدر الثمين والمورد المعين شرح المرشد المعين" للعلامة سيدي محمد بن أحمد بن محمد الفاسي،الشهير بـ "ميارة" (ت 1072هـ).
2- "مختصر الدر الثمين و المورد المعين" و قد اختصره العلامة "ميارة" من كتابه السالف الذكر "الدر الثمين".
3- "المباشر على ابن عاشر" للعلامة محمد النابغة الغلاوي الشنقيطي، صاحب
المنظومة الشهيرة بـ" بوطليحية" فيما اعتمد من الكتب و الأقوال.
4- " إرشاد المريدين لفهم معاني المرشد المعين" للعلامة علي بن عبد الصادق بن أحمد العيادي رحمه الله (ت 1138هـ).
5- "التقريب و التبيين لحل ألفاظ المرشد المعين" للعلامة الأديب محمد العربي بن محمد الهاشمي الزرهوني رحمه الله (ت 1260هـ). مخطوط.
6- "مفيد العباد سواء في العاكف فيه و البادي على شرح المرشد المعين على
الضروري من علوم الدين" للعلامة أحمد بن البشير القلاوي الشنقيطي رحمه الله
(ت 1276هـ)
7- " المورد المعين في شرح المرشد المعين" للعلامة محمد بن الطيب بن عبد السلام الحسني، القادري رحمه الله (ت 1187هـ).
8- " مورد الشارعين في قراءة المرشد المعين" للعلامة عبد الصمد بن التهامي بن المدني كنون رحمه الله (ت 1352هـ).
9- "الحبل المتين على نظم المرشد المعين" للشيخ محمد بن محمد بن عبد الله المراكشي، المعروف بابن المؤقت رحمه الله (ت 1369هـ).
و المعتمد منها " الدر الثمين" و مختصره للعلامة "ميارة" رحمه الله، تلميذ مؤلف النظم.
و الله أعلم و نسبة العلم إليه أسلم
و كتبه: أبو محمد ياسين أحمد إبراهيم علوين المالكي
تابع بإذن الله المجلس الأول ( تقريب كتاب الطهارة- الفصل الأول )[/size]
.
[/size]