قرأت
هذه القصة المحزنة في منتدانا هذا فأعجبتني و أثرت فيّ كثيرا ، فقمت
بكتابتها في قالب شعر مرسل يميل إلى الخاطرة ، أنصحكم بقراءتها و أخذ
العبرة منها . أرجو أن تنال إجابكم .
دمــع و نــدم
أنا العـاق ... قاسي القـلب كالصنــم
أنا من يتجرع ُمـّر الألــم
أنا من خَـطّ على جبينه لعنة كالوشــم
لماذا ؟؟؟ سأحكي قصتي بأسطر من دم …
كانت لي أم
مسكينة ضعيفة تعاني الهَــمّ
عوراء بعاهتها تُــذم
تعيلنا من كدّ ذراعها خشية الفاقة و الغــم
هي المرأة و هي الرجل المُـلــم
يتامى ... لا أب لنا ، لا خال ولا عــم
كنت أكبر إخوتي في الــدم
و كان عملها في المطعــم
منظفة براتب زهيد ... " كــم "
هو بمدرستي أين أتعلّــم
رفقتي يسخرون مني بسببها على الــدوم
" يا ابن العوراء ... يا ابن المنظفة ... يا حثالة القــوم "
صرت أتحاشاها مخافة الــذم
كرهتها ... َمـَقـتـّها شديد الكــم
كلمتها مرة : لست أمي يا وجه الشــؤم
إليك عني يا أبشع أم
لست لي بصلة رحــم ...
لكنها لم تتكلــم
لم تنبس بالشفة و لا بالفــم
دعت لي بالهداية لأني لا أعلــم
***
مرت السنين مرور السحاب و الغمــم
تخرجتُ ... صرتُ ذو مال و جاه و علــم
فارقتُ بيتي منذ القــدم
تركتُ أمي مع إخوتي دون نــدم
تزوجتُ إبنة " الحسب و النسب و الأهــم "
ما جال في خاطري أبدا ... لا و لــم
هل أزورهم ؟ لا لا لا هم عرّة و نقــم
أستحي أن أكون منهــم
خاصة أمام الصهر و الصحب النُّــُدم
تناسيتهم بل نسيتهــم
***
سألتْ عني ... حتى عرفتْ منزلي الفخــم
قصر به الخــدم
إشتاقت إليَّ ... مهما كان فهي الأم
لأني لم أسأل عنها و ساويتها مع العــدم
طرقتِ الباب بكل إرادة وعــزم
فتح إبني ... رآها فاقشعر منه الجســم
أبي أبي ... عجوز عوراء رثة الهنــدام
تسأل عنك و بالإســم
خرجت زوجتي ... لحق الجميع يريد أن يعلــم ...
لا لا لا تخافوا ... متسولة تـُـذهب عنا الإثــم
دخلوا ... و صرت إليها أتقــدم
إياك و المجيء إلى بيتي ... لست لي أم
أخفت أولادي بمنظرك الهشــم
ستجلبين لي العار لو علم أحدهــم
أنت ميتة في علمهم كما أخبرتهــم
***
توارَتْ عن الأنظار منذ ذلك اليــوم ...
مضت الأيام يوما بعد يــوم …
سمعتُ طارقا ببابي : أسرع لا تبطأ ... أٌقــدم
أمك تحتضر من وقع السقــم
تبغي رؤيتك اليــوم
تشجعتُ ... قررت الذهاب أخيرا لصلة الرحــم
وصلتُ ... وجدتها تذكر اسمي و تتألــم
وقفت قربها منتظرا موتها و ساعة الحســم
خاطبتني : إبني حبيبي يا حُسْنَ النجــم
سامحني لأني سببت لك الحرج و الغــم
سامحني لأني كنت لك عرّة و نِقــم
سامحني لأني عوراء جلبت لك الــذم
لكن قبل أن أموت … يجب أن تعلــم ...
حينما كنتَ صغيرا قبل أن تفطــم
فـُـقِـئت عينك في حادث أليــم
فأعطيتك عيني بوعي ِمنّي و علــم
خفتُ أن تنشأ أعورا و تبقى تتألــم
ضحيتُ من أجلك بأغلى النعــم
إلا أنك قابلت كل هذا بجحود و نقــم
لكن ... رغم كل شيء فأنا الأم
و تبقى في عيني صغيرا لا تعلــم
قد سامحتك على أفعالك بلا نــدم ...
***
عندها تسمرت في مكاني كمن به صمــم
هل أنا في حلم أم في علــم
أأغرق نفسي في اليــمّ ؟؟؟
لا لا لا مثلي يستحق الرجــم
مالعمل ؟! ... فقد كتب القلــم
" يوم لا ينفع النــدم"
إلا من غفر الله له و رحــم