السلام عليكم ورحمة وبركاتة
اسعد الله اوقاتكم جميعاًبكلِ خير
اطرح بين ايديكم أحبتي رائعة من الروائع القصصية للأستاذ والكاتب سليمان بن عيسى الطويهر
اتمنى أن تنال على إعجابكم
:
الغرفة الملعونة
أقفل باب البيت الداخلي خلفه، ودخل متسللاً إلى آخر الممر حيث الغرفة الوحيدة الشاغرة في منزل والده.
منذ أن ماتت جدته فيها وهي نذير شؤم، لا أحد يسكنها، ولا أحد يقترب منها،
بل أن حتى سيرتها إذا جاءت في معرض حديثهم ، أمطروها بالشتائم واللعنات.
أبوهم، كان أكثرهم لعناً لها، وأخوه الأوسط وأخته يؤمنان بخشوع على لعناته،
أما الأصغر فكان يضحك عليهم، فيما الأم تتمتم بينها وبين نفسها "يا الله
لا تسخط علينا" !.
كانوا ثلاثة أولاد وابنة، ومع ذلك حرص أبوه - وهو يبني البيت - أن يجعل
غرفة أمه في آخر الممر الطويل، حتى لا تصلها أصواتهم فتتأذي.. وفي المقابل،
لم يصلهم صوت المسكينة حينما كانت تستغيث من حبة أرز جافة تعلقت في حلقها،
فماتت هلعاً.. ووحدة..وفي هدوء شديد !.
دخل إلى الغرفة بخفة، وللأكياس بين يديه وشوشة خافتة. أغلق الباب خلفه وقفل
عليه بالمفتاح مرتين، ودون أن يضئ النور، أكمل طريقه إلى التلفاز وأضاءه،
ثم أخرج شريطاً من أحد الأكياس ووضعه في جهاز الفيديو..
لينتشر في الغرفة ضوء أحمر خافت، وتسري بين جنباتها التأوهات..
دقائق لا تذكر وأحس بوقع خطوات تقترب من الغرفة، ورغم تأكده من أنه أحكم
إقفال الباب، إلا أنه أطفأ كل شيء بسرعة، ثم اندس خلف ستارة النافذة
القماشية، التي لا تستر سوى نصفه العلوي، فيما السفلي يستره الظلام.
تابع صوت مقبض الباب وهو ينثني دون أن ينفتح. انثنى مرة أخرى ولم ينفتح،
بعدها غاب الصوت ثوانٍ ثم عاد، ليستدير القفل مرة، مرتان، ثم يفتح الباب.
ومن النور الخافت الساقط عليه من إضاءة الممر، عرف في القادم، أخاه الأوسط.
الذي أغلق الباب بمجرد دخوله، ليدوي في الأرضية الرخامية صوت قطعة حديدية
ترتطم بها .
انحنى أخوه متتبعاً الصوت، والتقطها. أتبع ذلك بصوت تكة خافتة، أوقدت ناراً صغيرة تكفي لإشعال سيجارة. فابتسم لأخيه..
لم يكن يعلم أنه مدخن، لكنه يعلم أنه جرئٌ و مغامر، ولم يكن يستبعد عليه
شئ، إلا الغباء، وهاهو يراه متمثلاً أمامه.. لماذا لم يستر على نفسه ويدخن
في الفناء الخارجي ؟.
وبينما هو لاهٍ في أخيه، وأخوه لاهٍ في سيجارته، سمعا صوت عطسة، تبعتها أخرى وأخرى..
أدركا على الفور أنها أختهما الوحيدة، والتي تتوسطهما في العمر. رأى جمرة
السيجارة تسقط على الأرض ثم تختفي، وأخوه يختار بقعة مظلمة يختبئ فيها عن
عيون القادمة.
دخلت الأخت وهي تفرك أنفها.. وأعطتهم ظهرها، فيما عيونها تتابع الممر، ولسانها يلهج بحديث خافتٍ.. ضاحك:
- لا حبيبي.. أنا الآن وضعي ok ..
-....
- لا لا كلهم نائمون.. وأنا في مكان لا يأتون إليه..
-....
- هاهاها نعم نعم أنا في الغرفة الملعونة .. أنت لا تنسى أبداً أيها الـ ... آآتسوووووه
-....
- لا لا تخف عليّ.. زكام خفيف..
-....
- هاهاها أي لعنة فراعنة؟؟ قل لعنة جدتي هاهاها..
-....
- لحظة.. لا تتحدث..
سمعوا صوت أخوهم الأصغر يهتف من آخر الممر:
- يا سلااااام..
ورأوا أختهم تنهض وتقف معترضة طريقه:
- ابتعدي..
- لماذا لم تنم حتى الآن؟؟ وماذا تريد هنا؟؟
- أريد البلاي ستيشن.. أمي خبأتها هنا..
- هاهاها.. أمك؟؟ أمك لا تدخل هذه الغرفة أبداً..
- ومن قال لك؟؟ أصلاً أمي تخبئ كل شئ هنا.. هه انظري..
وأدخل يده من بين أخته والجدار ليضئ النور الذي أغشاهما ثوانٍ..
ولما فتحا أعينهما سوياً.. شهقا سوياً...
تفاجآ بأخيهما الأوسط أمامهما، عاقداً يديه في غضب.
وأراد أن يتكلم، لكنه شهق هو الآخر حينما سمع من خلفه صوتاً هامساً غاضباً يقول:
- يا سلام على الذي رأيته، يا سلام!!
والتفت.. إذا هو صوت الأخ الأكبر.. الذي ما إن أتم جملته حتى شهق هو الآخر، حينما سمع من آخر الغرفة، صوتاً هامساً غاضباً يقول:
- أهذه نهاية تربيتي لكم أيها الأوغاد؟؟
والتفت ليرى أباه، عاقداً حاجبيه بغضب، فيما يداه تختبئان خلفه !!
:
مودتي والياسمين