[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة]
شهر شعبان من الشهور المعظّمة شرعًا مع أنّه ليس من أشهر الحُرُم،
لكنّه يأتي عقب شهر محرّم وهو رجب الفرد، وقبل شهر عظيم وهو شهر القرآن-
رمضان المبارك-، لذا كان صلّى الله عليه وسلّم يصومه، فقد روى الحافظ أبو
عيسى الترمذي في جامعه أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم سُئِل أيُّ الصوم
أفضل بعد رمضان؟ فقال صلّى الله عليه وسلّم: شعبان لتعظيم رمضان، فقيل:
أيُّ الصدقة أفضل؟ قال: صدقة في رمضان''.
ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّه
يستحب صيام شعبان كلّه، لما رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي
والترمذي عن أمّ المؤمنين السيّدة عائشة رضي الله عنها قالت: ما رأيتُ
النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم في شهر أكثر صيامًا منه في شعبان''. بل وورد
تصريحًا في أحاديث صحيحة أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم كان يصومه
كلُّه. وقد روى أبو داود في سننه عن أمّ المؤمنين السيّدة عائشة رضي الله
عنها قال: ''كان أحبُّ الشهور إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن يصومه
شعبان ثمّ يصلُه برمضان''. وروى البخاري ومسلم في صحيحهما، أن السيّدة
عائشة رضي الله عنها قالت: ''لم يكن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يصوم
شهرًا أكثر من شعبان، فإنّه كان يصوم شعبان كلَّه''.
ويُستحب في هذا
الشهر أيضًا كثرة تلاوة كتاب الله لنحضِّر أنفسنا لرمضان، قال الحافظ ابن
رجب الحنبلي عن أنس بن مالك (رضي الله عنه) قال: كان المسلمون إذا دخل
شعبان انكبّوا على المصاحف فقرأوها، وأخرجوا زكاةَ أموالهم تقويةً للضّعيف
والمسكين على صيام رمضان.
وقال سلمة بن كهيل كان يقال: شهر شعبان شهر القُرَّاء.
وكان
عمر بن قيس الملائي إذا دخل شعبان أغلق حانوته وتفرّغ لقراءة القرآن. وكان
حبيب بن أبي ثابت إذا دخل شعبان قال: هذا شهر القراء. وقال سيّدنا محمد بن
إدريس الشافعي رضي الله عنه: بلغنا أنّ الدعاء يستجاب في خمس ليال: ليلة
الجمعة، والعيدين، وأوّل رجب ونصف شعبان.
وشعبان شهر الصّلاة على سيّدنا
رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ففيها نزل قول الله تعالى: {إِنَّ اللهَ
وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}. وشعبان شهر تحويل
القبلة إلى الكعبة المشرّفة كما قال تعالى: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ
فِي السَّمَاءِ، فلنولّينّك قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ
الْمَسْجِد الْحَرَام، وَحَيْثُمَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ
شَطْرَهُ}.
لذا شعبان هو شهر سيّدنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم، وصدقت
السيّدة عائشة كما روى البخاري لما قالت له صلّى الله عليه وسلّم: ''ما أرى
ربّك إلاّ يسارع في هواك''.
الله نسأل أن يوفّقنا لصالح الأعمال وأن يعرّضنا لنفحات الله، وأن يرزقنا حُبّ المصطفى صلّى الله عليه وآل وسلّم.