جحود النعم..و تبرير الإمساك

شاطر
 

 جحود النعم..و تبرير الإمساك

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
العامري

العامري

نوع المتصفح موزيلا

صلي على النبي

صل الله عليه وسلم


جحود النعم..و تبرير الإمساك Empty
مُساهمةموضوع: جحود النعم..و تبرير الإمساك   جحود النعم..و تبرير الإمساك Empty2011-07-19, 18:00

ليس أضرّ على دين المرء من إحساس بكبرٍ ينتاب، أو شعور بمنّة يهيمن، أو اعتقاد بقدرة على الرزق، تُنسب لنفس تزهو بها، بعيدا عن استشعار الحفظ العُلوي، أو بمنأى عن ترقّب أي إمداد رباني، و هو الإنكار و التجاهل اللذان يصيبان دين المرء في مقتل، إذ لا يكتفي صاحبهما بالذهول عن الأفضال والعطايا- وما يجرّه من إعراض عن الذكر و الإنابة-حتى يجرِّد المُنعم من إنعامه اعتقادا، فينسبه إلى ذاته جهلا وتكبرا، و هي المَنازع التي تورد المهالك في الدنيا قبل الآخرة، إذ هي التي تحجز عن أفعال البر والخير، و تُشيع الشحناء و البغضاء في المجتمع، و قد يزداد أصحابها تيها و عجبا، كلما مُدّ لهم في حبل العطاء استدراجا، و هم يقولون-و لو بلسان الحال-إنما أوتيناه على علم عندنا، غرورا وغفلة.

أخرج الإمام مسلم(4/2276-2275)عن أبي هريرة أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول:"إن ثلاثة في بنى إسرائيل أبرص وأقرع وأعمى، فأراد الله أن يبتليهم فبعث إليهم ملَكا، فأتى الأبرصَ فقال: أي شيء أحب إليك؟ قال: لون حسن وجلد حسن، ويَذهب عني الذي قد قذرني الناس، قال: فمسحه فذهب عنه قذره، وأُعطي لونا حسنا وجلدا حسنا، قال: فأي المال أحب إليك؟ قال: الإبل أو قال البقر ... قال فأُعطى ناقة عُشراء(الحامل القريبة الولادة) فقال بارك الله لك فيها، قال فأتى الأقرع فقال: أي شيء أحب إليك؟ قال شَعر حسن ويَذهب عني هذا الذي قذِرني الناس(أي اشمأزوا مني)، قال: فمسحه فذهب عنه، وأُعطي شعرا حسنا، قال: فأي المال أحب إليك؟ قال: البقر، فأُعطي بقرة حاملا، فقال: بارك الله لك فيها، قال: فأتى الأعمى فقال: أي شيء أحب إليك؟ قال: أن يرد الله إليّ بصري فأُبصرَ به الناس، قال: فمسحه فرد الله إليه بصره، قال فأي المال أحب إليك؟ قال: الغنم ...قال: فكان لهذا واد من الإبل، ولهذا واد من البقر، ولهذا واد من الغنم، قال: ثم إنه أتى الأبرصَ في صورته وهيئته، فقال: رجلٌ مسكين قد انقطعت بي الحبال في سفري، فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك، أسألك -بالذي أعطاك اللون الحسن والجلد الحسن والمال- بعيرا أتبلغ عليه في سفري، فقال: الحقوق كثيرة، فقال له: كأني أعرفك، ألم تكن أبرص يقذرك الناس فقيرا، فأعطاك الله؟ فقال: إنما ورثت هذا المال كابرا عن كابر، فقال: إن كنت كاذبا فصيّرك الله إلى ما كنت، قال: وأتى الأقرع في صورته، فقال له مثل ما قال لهذا، وردّ عليه مثل ما ردّ على هذا، فقال: إن كنت كاذبا فصيّرك الله إلى ما كنت، قال: وأتى الأعمى في صورته وهيئته، فقال: رجل مسكين وابن سبيل انقطعت بي الحبال في سفري، فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك، أسألك بالذي رد عليك بصرك شاةً أتبلغ بها في سفري، فقال: قد كنت أعمى فرد الله إليّ بصري، فخذ ما شئت ودع ما شئت، فوالله لا أجهدك اليوم شيئا أخذته لله، فقال: أمسك مالك، فإنما ابتُليتم، فقد رضي عنك وسخط على صاحبيك."
يشير الحديث إلى رذيلة تشيع بين الناس حين تُفتقد القيم و الفضائل، أو حين تنقلب الموازين و تختفي الأعراف، التي درج العقلاء على إنفاذها فيما بينهم، و قد يستغرب أحدنا مثل هذه العبرة التي جاء بها الحديث، أو لا يتصور أن يتسفّل البعض إلى هذا الدرك من الجحود و الكفران، و ما ورد به الحديث يحدث في كل عصر و مصر، و إنما النِّسب هي التي تختلف صعودا و نزولا، بين شخص وآخر، و ما يُبتلى به البعض من مثل هذا التحوّل و التنكّر ينبئ عن خلال في النفس قد لا تُكتشف إلا حين يمرّ أحدنا بمثل هذا الابتلاء، و لذلك ينبغي للمؤمن العاقل ألا يأمن فتنة التغيّر إلا بعد الثبات في الامتحان، أو أن يسأل الله العافية دوما، و أن يراقب زلات النفس و سقطات الهوى، بكثرة الذكر والمداومة على أعمال البر.
و نزعة قارون{إنما أوتيته على علم عندي} قد تُطوي عليها نفوس كثير من الناس في زمن النكوص عن دين الله، و كم من امرئ كان معسرا، فلما فتح الله عليه و طولب بأداء حق الله أمسك، و كم من حديث نعمة بالحلال أو بالحرام أرجعها إلى مهارته و شطارته، و ما ثمة إلا الجحود و الخشية من انكشاف ماض قريب لا يزال البعض شهودا عليه.
الثلاثة الذين ابتُلوا أشارت تمنياتهم إلى بعض ما في نفوسهم من علائم الخير أو الشر، و الأعمى انحصرت أمنيته في إرجاع بصره، مما أوحى بزهد بانت آثاره من بعد تصدقا وإقرارا بفضل مَن أعطى و تكرّم، و الآخران تمنيا أكثر من مجرد زوال العاهة التي بهما، مما أوحى بطمع أسلم إلى رذيلة البخل و الإمساك، قال النووي:" وتأمل قول الأعمى هذا: فإنه لم يسأل إلا بصرا يبصر به الناس فقط، أما الأبرص والأقرع فإن كل واحد منهما تمنى شيئا أكبر من الحاجة، لأن الأبرص قال: جلدا حسنا ولونا حسنا، و ذاك قال: شَعرا حسنا، فليس مجرّدَ جلد أو شعر أو لون، بل تمنيا شيئا أكبر، أما هذا فإن عنده زهدا، لذا لم يسأل إلا بصرا يبصر به فقط، ثم سأله: أي المال أحب إليك؟ قال: الغنم، وهذا من زهده، فلم يتمن الإبل ولا البقر بل الغنم، ونسبة الغنم للبقر والإبل قليلة..." (شرح رياض الصالحين: 73)
و أشار الكرماني إلى لفتة أخرى في كلام الثلاثة، حيث نقل عنه الحافظ ابن حجر قولَه:" كان مزاج الأعمى أصحَّ من مزاج رفيقيه، لأن البرص مرض يحصل من فساد المزاج وخلل الطبيعة، وكذلك القرع، بخلاف العمى فإنه لا يستلزم ذلك، بل قد يكون من أمر خارج، فلهذا حسنت طباع الأعمى وساءت طباع الآخرين..." (فتح الباري:6 / 503)
و قال الحافظ ابن حجر عن العبرة من الحديث:" وفيه التحذير من كفران النعم والترغيب في شكرها، والاعترافُ بها وحمدُ الله عليها، وفيه فضل الصدقة والحث على الرفق بالضعفاء، وإكرامهم وتبليغهُم مآربَهم، وفيه الزجر عن البخل، لأنه حمل صاحبه على الكذب وعلى جحد نعمة الله تعالى."(المصدر السابق) 05
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
AZER16

AZER16

نوع المتصفح موزيلا

صلي على النبي

صل الله عليه وسلم


انجازاتي
لايتوفر على اوسمة بعد:  

جحود النعم..و تبرير الإمساك Empty
مُساهمةموضوع: رد: جحود النعم..و تبرير الإمساك   جحود النعم..و تبرير الإمساك Empty2011-07-19, 19:25

صح لسانك اخي الغالي
جزاك الله كل الخير
وجعله في ميزان اعمالك
وبارك فيك وفي والديك
على الموضوع القيم
وكل الود والتقدير لشخصك

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
العامري

العامري

نوع المتصفح موزيلا

صلي على النبي

صل الله عليه وسلم


جحود النعم..و تبرير الإمساك Empty
مُساهمةموضوع: رد: جحود النعم..و تبرير الإمساك   جحود النعم..و تبرير الإمساك Empty2011-07-19, 20:05




صدقني يا استاذي اعرف هذا ليس تشجيع منك لكي اواصل بل انه نبع من قلبك الطيب
صدقني يا معلمي انك عندما تمر على موضوعي احس بالاطمئنان على موضوعي
مشكور على تعقيبك الطيب

[/quote]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
DJ KHALIL

DJ KHALIL

نوع المتصفح اوبرا

صلي على النبي

صل الله عليه وسلم


انجازاتي
لايتوفر على اوسمة بعد:  

جحود النعم..و تبرير الإمساك Empty
مُساهمةموضوع: رد: جحود النعم..و تبرير الإمساك   جحود النعم..و تبرير الإمساك Empty2011-07-19, 22:31

[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة]
.
.
.
بارك الله فيك جعله في ميزان حسناتك



***
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
جحود النعم..و تبرير الإمساك
استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» اذا كنت في نعمة فرعها .. فإن المعاصي تزيل النعم ..
» ما هو الإمساك
» أكتوف: '' كيال مجبر على تبرير غيابه''
» **/ الإمساك Constipation /**
» علاج الإمساك ( إنقباض المعدة )

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
شبكة سيدي عامر :: المنتديات العامه :: المنتدى العام :: إسلام أون لاين :: ارشيف المنتديات الاسلاميه-
انتقل الى: