اللمم الذي يقود إلى الكبائر..و الأصبع التي ترتد من غير طائل

شاطر
 

 اللمم الذي يقود إلى الكبائر..و الأصبع التي ترتد من غير طائل

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
العامري

العامري

نوع المتصفح موزيلا

صلي على النبي

صل الله عليه وسلم


اللمم الذي يقود إلى الكبائر..و الأصبع التي ترتد من غير طائل Empty
مُساهمةموضوع: اللمم الذي يقود إلى الكبائر..و الأصبع التي ترتد من غير طائل   اللمم الذي يقود إلى الكبائر..و الأصبع التي ترتد من غير طائل Empty2011-07-19, 18:39

التعلق بالدنيا نزعة في النفس يُرخي لها العنان مَن تأسره لذة تفتن، و إن لم تَدم، و يستدرجه منها إغراء، و إن ساءت عواقبه، ولا تزال النصوص تُزري بمن يُعرض عن وعد ربه، بنعيم مقيم لا يزول، و متعة أبدية لا يُبتغى عنها بدل أو حِول، و بعض الأمثال التي تُضرب توشك أن تزهِّد في الحلال، لولا أن باب الطيبات يولج من دون أدنى حرج، و لكن أصابع بعض المحرومين تصر على سد الآذان إعراضا، و تمعن جوارحهم في الغي ذهولا و استهتارا.

أخرج الإمام مسلم عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بالسوق داخلا من بعض العالية(جمعها العوالي و هي من أعالي المدينة الشريفة) والناس كنفته(أي بجانبيه أو ناحيتيه) فمر بجدي أسك ميت(و الأسكّ: مقطوع الأذنين) فتناوله فأخذ بأذنه ثم قال: أيكم يحب أن هذا له بدرهم؟ فقالوا: ما نحب أنه لنا بشيء، وما نصنع به، قال: أتحبون أنه لكم: قالوا: والله لو كان حيا كان عيبا فيه لأنه أسك، فكيف وهو ميت: فقال: فوالله للدنيا أهون على الله من هذا عليكم." (صحيح مسلم: 4 /2272)
و أخرج مسلم أيضا عن المستورد بن شداد عن النبي صلى الله عليه و سلم:"ما الدنيا في الآخرة إلا كمثل ما يجعل أحدكم أصبعه هذه في اليم، فلينظر بم ترجع" وأشار بالسبابة.(صحيح مسلم:4/2193)
الخصام الذي لا يفتر حتى في مواسم العبادة، أو في بيوت الله، و النزاعات التي تأبى أن تُفض بين الجيران: أفرادا و جماعات ودولا، و الحروب التي تشتعل كل فترة، و الأحقاد التي تفيض بها حتى صدور من يُبدي التدين و يتظاهر به: كل ذلك و غيره لا تفسير له في حقيقة الأمر إلا التهافت على الدنيا، و خوف فوات مصالحها ومغانمها، و لكن الناس يأبون أن يتوقفوا و لو للحظة، و أن يصارحوا أنفسهم بحقيقة ما يجري، و لو فعلوا و احتكموا لبيّنات الشرع من كتاب وسنة لخفّت، أو لذوت كثير من مظاهر التناحر و التصدع و التفكك.
و الغريب أن معظم هؤلاء الذين تمتلئ قلوبهم بالضغائن التي تُفضي غالبا إلى التقاطع و التدابر قد يلتقون في الصفوف الأولى في المساجد، و قد يلتقون في البيت الحرام، و تستمر القطيعة بعد الفراغ من النسك، و قد تستعر، ليخرج الملاحظ بانطباع أن كل هذه المناسبات المقدسة ما عادت تُجدي في تليين قلب، أو وقف فتنة، أو زرع محبة بين الناس، و تزداد الصورة قتامة حين يرفض هؤلاء الزوار و العمّار و الحجاج الاحتكام إلى كتاب الله و سنة رسوله صلى الله عليه و سلم؟
الجدي الأسكّ: من يبتغيه؟!
ما سبقت الإشارة إليه لا تفسير له إلا تعلق بالدنيا يعمر قلوبا، خلت من الذكر و الاعتبار، و لم تعد تلتفت لوعد أو وعيد، و قد غدت أسيرة لظروف، بعضها قاهر، و بعضها مما كسِبته الأيدي والجوارح، إذ إن كثيرا من الإكراهات التي نجد أنفسنا فيها هي إكراهات متوهمة، و كثير من الضرورات الملجئة نحن من يصنعها، و تداعياتها هي التي تفرض إلزامات لا نقوى على الوفاء بها، فنحشر أنفسنا في مواقع أو ظروف محرجة أو مذلة، فالذي يستدين من أجل ابتياع حاجات لا تضطرب بفقدها الحياة: إنما يُقحم نفسه-و لو بالتدرج-في حالة قد تنتهي به إلى مأزق عدم القدرة على السداد، و الأسرة التي تدفع ربها إلى اقتناء سيارة بالتقسيط غير المشروع: إنما تضطره إلى الحرام، و إلى ما يترتب على اجتراحه من موبقات، من أجل التمتع بما لا يٌقدر عليه إلا بالحرام، استجابة لرغبة في التنافس أو التفاخر بين الأقران و القرينات، فإذا ما حلت الكارثة لم تعلق عواقبها إلا بمن باشر و وقع، و المقاول أو التاجر الذي يقترض بالحرام لمضاعفة تجارته و أرباحه إنما يتصرف استجابة لنفس لا تشبع، و أحسن هؤلاء قد يسوق مبررات لمسلكه يحاول أن يقنع نفسه بها، من مثل تكفله بعمال-لو لم يوسع تجارته بالطريقة المشار إليها-لضاعوا، و نسي المسكين أن لهم ربا يتكفل برزقهم، من حيث يعلمون، أو من حيث لا يعلمون، و ما أحلّ أحد له أو لغيره أن يُحسِن إلى الناس بغير الطيب من الكسب، و ما مثله-في حقيقة الأمر-إلا كمن يسرق لإطعام الجوعى و اليتامى والمساكين، فحالة هذا بالرغم من وضوح الأمر فيها إلا أنها أخف ضررا و أهون شرا من دعوى من سبق، لأن السارق في هذه الحالة-على افتراض حصولها-قد لا يستفيد مما يسرق، بخلاف التاجر، فإن غالب ما يجنيه إنما يصبّ في مصلحته، و ما دعوى الإعالة إلا حيلة تُساق للتحايل و التبرير.
هؤلاء و غيرهم لا يكادون يلتفتون إلى الحديثين اللذين بيّن فيهما النبي صلى الله عليه و سلم قيمة الدنيا بالنسبة للآخرة، فما قيمة الجدي الأسكّ الميت الملقى على الأرض، و لو كان يمثل للناس أدنى قيمة لما تُرك من غير طالب يطلبه، و زهادة مَن سألهم النبي فيه كانت واضحة، و رغبتهم عنه أو إعراضهم لم يكن يحتاج إلى دليل، و بتلك الأسئلة التي قدمها النبي بين أيديهم، و بالنتيجة التي خلص إليها في تفاهة و حقارة الجدي ولج بهم إلى ما كان يبغي الوصول إليه، و هو أن الدنيا أحقر عند الله من هذا الجدي عليهم.
و أما الدنيا بكل مباهجها و مغرياتها التي تبدو للمتهافتين عليها فإنها لا تمثل بالنسبة إلى الآخرة إلا كمثل ما يضع أحدنا أصبعه في البحر، فبم يرجع منه: هل يسقي بالبلل الذي يرجع به نفسا، أو يحرك يبَسا؟
من يتنافس على الدنيا أو يتهافت عليها، أو يخاصم و يحارب من أجلها-بعد الوقوف على حقيقتها في القرآن و السنة-إنما يبدو كمن يلهو بلعبة، أو يلاعب بها صغيرا ليُسكته، و لن يخرج الناس من هذه الحمأة أو يرتفعوا عن هذه الوهدة إلا أن يستمسكوا بحبل الله، و يتطلعوا بالذكر-المأمورين بترطيب القلوب و الألسنة به- إلى السماء، و لن تهدأ الفتن و النزاعات إلا باستحضار هذه الحقائق في التصور و الشعور، و ما قال أحد بتحريم ما أحلّ الله من زينة الحياة الدنيا، و لا بالسياحة في ابتغاء الرزق، ولكن الإقبال و التهافت اللذين يُفضيان إلى اجتراح الآثام لا تفسير له إلا أن يُعلى من شأن الشاة الملقاة على الأرض، قال الملا علي القاري:" والمقصود منه التزهيد في الدنيا والترغيب في العقبى، فإن حب الدنيا رأس كل خطيئة -على ما رواه البيهقي عن الحسن مرسلا -كما أن ترك الدنيا رأس كل عبادة، والسبب في ذلك أن محب الدنيا ولو اشتغل بأمور الدين تكون أعماله مدخولة بأغراض فاسدة، وتارك الدنيا ولو اشتغل بأمر دنيوي يكون له مطمح أخروي، ولذا قال بعض العارفين من أرباب اليقين: من أحب الدنيا لم يَقدر على هدايته جميع المرشدين، ومن ترك الدنيا لم يقدر على ضلالته جميع المفسدين.." (مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح: 15 /39)05
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
AZER16

AZER16

نوع المتصفح موزيلا

صلي على النبي

صل الله عليه وسلم


انجازاتي
لايتوفر على اوسمة بعد:  

اللمم الذي يقود إلى الكبائر..و الأصبع التي ترتد من غير طائل Empty
مُساهمةموضوع: رد: اللمم الذي يقود إلى الكبائر..و الأصبع التي ترتد من غير طائل   اللمم الذي يقود إلى الكبائر..و الأصبع التي ترتد من غير طائل Empty2011-07-19, 19:08

جزاك الله خيرا
اسأل الله ان يرفع مراتبك
في الدنيا والاخرة
دمت بود
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
DJ KHALIL

DJ KHALIL

نوع المتصفح اوبرا

صلي على النبي

صل الله عليه وسلم


انجازاتي
لايتوفر على اوسمة بعد:  

اللمم الذي يقود إلى الكبائر..و الأصبع التي ترتد من غير طائل Empty
مُساهمةموضوع: رد: اللمم الذي يقود إلى الكبائر..و الأصبع التي ترتد من غير طائل   اللمم الذي يقود إلى الكبائر..و الأصبع التي ترتد من غير طائل Empty2011-07-19, 22:32

[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة]
.
.
.
بارك الله فيك جعله في ميزان حسناتك



***
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
اللمم الذي يقود إلى الكبائر..و الأصبع التي ترتد من غير طائل
استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» من احد المواضيع التي اقتبستها لترو الظلم الذي يتعرض له الطالب في اي جامعة -جامعة المسيلة نموذجا-
»  أخطر الكبائر قطع الرحم
» الرجل الذي تكرهه جميع النساء.و المرأة التي يكرههتا جميع النساء
» ما هو الواحد الذي لا ثاني له ؟ و ما الاثنان الذي لا ثالث لهما ؟.. كيف اسلم قسيس
» من غزة المذبوحة التي تنزف دما الشامخة التي لا تنحن

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
شبكة سيدي عامر :: المنتديات العامه :: المنتدى العام :: إسلام أون لاين :: ارشيف المنتديات الاسلاميه-
انتقل الى: