مفهوم الفكر القومي العربي

شاطر
 

 مفهوم الفكر القومي العربي

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Roshan

avatar

نوع المتصفح موزيلا

صلي على النبي

صل الله عليه وسلم


انجازاتي
لايتوفر على اوسمة بعد:

الوسام الأول


مفهوم الفكر القومي العربي Empty
مُساهمةموضوع: مفهوم الفكر القومي العربي   مفهوم الفكر القومي العربي Empty2011-11-16, 16:12

يبدو أن الفكر العربي القومي صار يعاني مؤخرا من هجمات
ذات مصادر ثلاثة، هي الفكر الليبرالي ، التيارات الإسلامية الأمميّة و
الجهل الثقافي العربي الذي غزى كل شيء، حتى أنه قد طال قواعد الإملاء
العربي.


لفهم الفكر القومي فإننا بحاجة أن نجيب على سؤالين مهمين هما:


من هم العرب و أين ينتشرون؟


ما طبيعة الفكر القومي العربي و فلسفته؟


لذا لنبدأ بالفكر القومي العربي:


- من هم العرب و أين ينتشرون؟


العرب اسم حديث نسبيا يمتد لثلاثة آلاف سنة فقط، إذ أننا لم نأتي من الفراغ
في هذه المناطق، بل حملنا إرثا عن أجدادنا الأوائل من بابليين و آشوريين و
سومريين و مصريين و فينيقيين و غيرهم. نتصل نحن بهذه الحضارات من خلال
تقاربنا الثقافي الهائل معها، فهل تعرف عزيزي القاريء أن اللغة العربية
مشتقة من اللغة الآكاديّة التي هي أساس اللغة البابلية و السومرية و
الآرامية و العبرية و العربية أيضا؟ أتعرف أيضا أن أصل العرب من وادي
الرافدين و ليس من اليَمَن كما تدعي النظريات القاصرة القديمة؟ العرب أقدم
مما تظن، و إذا كان أسمنا "العرب" قد تشكل منذ ثلاثة آلاف سنة، فأن عروقنا و
أنسابنا و أجدادنا هم حكام بابل و سومر و آشور و تدمر و عمورية و البتراء و
مصر حتى. محزن حقا أن تمرر على الإنسان العربي أخطر عملية غسيل دماغ
بتأريخنا بتعاون تيارات تدعي التطور و حقوق الإنسان ضدنا. نحنُ أقدم أمّة و
حضارة على وجه الأرض، و لا يوجد من هو بقادر على هزيمتنا تأريخيا. و بلى،
العودة للتأريخ مهمة، لأن الأعراف التأريخية تقر بأن الأمة و الحضارة
الحقيقية لا تتم إلا برصيد ألفي عام من التراث و الثقافة المتواصلة، و هذا
أمر لم أستنبطه فحسب، بل تأكدت منه بأعتى و أهم دوائر علم التأريخ بالعالم.
إذ كنا متصلين بأصحاب الأرض منذ سبعة آلاف سنة فبأي حق يُستولى عليها من
قبل غيرنا و ننسب لمكان ضيق محدود من أرضنا؟


ثم يا صديقي القاريء، يجب أن تنبه لأمر مهم، و هو المساعي الثقافية
الإسرائيلية لقطع الصلة بين العرب و تأريخهم، و تحجيمه لفترة الفتح
الإسلامي، و هذا خطأ فظيع. إن التواجد العربي في العراق و بلاد الشام مثلا
يعود لأكثر من ثلاثة آلاف سنة قبل الميلاد، و هو ببساطة الزمن الذي تبلور
به اسم "عربي" بعد الهجرات الكثيفة من بابل و الشام لليمن (و ليس العكس)،
إما الوجود العربي فهو أبعد من هذا لغة و ثقافة، كالوجود الغساني و
القحطاني و الفينيقي و غيره من الدول و الممالك الصغيرة كلخم في الحيرة و
جنوب العراق، و مملكة تدمُر (بالميرا) في سوريا و كذلك الأنباط. حتى اسم
"سوري" ماهو إلا إسم "آشوري" باللهجة اليونانية، فالآشوريين هم السوريين
عند اليونان.


إن إدراك أي شعب لماضيه و جذور ثقافته، لهو سبب قوي جدا لصموده و تمسكه
بأرضه، و هذا ما أدركه الصهاينة و عملوا على زحزحته عند العرب سواء
باستخدام كتاب ليبراليين أو متطرفين دينيين مسيح و غيرهم. و على هذا الأساس
أيضا، يحاول الأكراد و الصهاينة و كل محتل لأرضنا أن يقدم وثيقة مزورة
لوجوده تأريخيا بالمنطقة، و أضعفها هي الوثائق الكرديّة.



الخلاصة من هذه النقطة هي التالية:


نحن العرب لا نمتد لشبه الجزيرة العربية، بل لنا أصول منتشرة في منطقة
الهلال الخصيب و منذ 7000 سنة، و ما لغتنا القريبة من الآكادية (أقدم لغات
المنطقة) إلا دليل قاطع على ميراثنا الثقافي الكبير.



- ما طبيعة الفكر القومي العربي و فلسفته؟



لو راجعت شقيقي القاريء كتاب "حول القومية العربيّة" للفيلسوف العربي أبو
خلدون ساطع الحُصَريّ ستجد أنه لا ينظر للعرب كعرق صافي لا تشوبه شائبة من
باقي الأعراق (هذا رأي كل فلاسفة القومية العربية في القرن العشرين و القرن
التاسع عشر)، و إنما كثقافة تعتمد على نظرية "البلورة الثقافية" و كذلك
نظرية "القومية الحضارية". أما البلورة الثقافية، فإن الفلاسفة العرب
توصلوا إلى أن العرب هم خليط من أجزاء بلورية صغيرة متجمعة، لتؤلف بلورة
كبيرة تحوي ألوانا ثقافية عدة، إلا أنها جميعا تؤلف ما نسميه اليوم
بالثقافة العربية الحديثة. هذه الثقافة و مثيلاتها من الثقافات (الأمريكية و
البريطانية و الرمانية القديمة) لا تطرأ على جميع الأمم، بل تطرأ على
الأمم القوية ذات الماضي أو الحاضر القوي، و الذي تمكنت من أن تصل من القوة
و التسامح و الرقي درجة تسمح للغير بالإنضواء تحت علمها. من هنا، نؤمن أن
قوميتنا هي قومية ثقافية، شاركت في إنشائها كرّاسات الثقافة البابلية،
الكتابات المصرية، الرحلات الفينيقية، الممالك القديمة العربية في الشام و
العراق و مصر و الجزيرة العربية. لو أنكَ لاحظت أو تتبعت أصول أشهر
مشاهيرنا، ستجدهم من أصول مترامية، فتارة يكون أصل شكري القوتلي (الرئيس
السوري الكبير) من العراق، و تارة يكون أصل عبد القادر الجزائري من سوريا
(من السادة) و تارة يكون عمر المختار من جبال الأطلس. هذا دليل صارخ على
أننا شعب واحد أختلط عبر القرون و زادته الأيام إلتحاما.


إن العروبة هي قدرنا، و لا يمكن إلا أن نكون عربا، لأن أهم أسس القومية
العربية كما يقول ساطع الحصري هي "اللغة و التأريخ" و ليست "العرق"، و
يمكنك أن تقرأ هذا بكتابه "حول القومية العربية":



{إن وحدة الأصل لا يجوز أن تعتبر من الصفات المميزة للأمة، بوجه من الوجوه.
لأنه في الواقع أن ابناء الأمة الواحدة يعتبرون بعضهم بعضا أقارب و اشقاء،
كأنهم منحدرون من أصل واحد، كما أنهم يسمون أسلافهم باسم الاجداد بوجه
عام. و لكن هذه القرابة التي يشعر بها و يتكلم بها ابناء الأمة الواحدة هي
قرابة معنوية، تنشأ من الروابط الاجتماعية المختلفة - و لا سيما من
الاشتراك في اللغة و التأريخ- فلا تدل بوجه من الوجوه على قرابة الأصل و
الدم. ص45}



أيضا، القومية العربية ما كانت أصلا أو حاولت أن تكون مذهبا فكريا أو عقيدة
حياتية، و إنما كانت فكرا سياسيا بحتا، يحدد هوية العرب و إتصالاتهم
الثقافية و الفكرية، و تحاول القومية العربية أن تخلق مجتمعا عربيا يؤمن
بتأريخه و يستمد منه التصميم على الإتحاد و مقاومة الهجمات الخارجية. إن
دستور البلاد العربية أو عقيدة الدولة الفكرية لم تكن يوما من تخصصات الفكر
القومي، لأن الفكر القومي هو وعاء الدولة، بينما ما يدخل في هذا الوعاء هو
نظام معقد يحوي علمانية محافظة و نظاما إقتصاديا رشيدا، و يمكن أن يكون
نظاما إشتراكيا مطورا أو رأسماليا أو شيوعيا أو إسلاميا حتى! لذا، لا توجد
أي علاقة أو تضارب بين القومية العربية و بين الإسلام كما يزعم الإسلاميون
(أو بين الأعراق الأخرى و العرب كما يزعم الشعوبيون)، إلا عند أولئك الذين
يريدون أن يعتبروا الإسلام الإنتماء الوحيد، و أن الشعوب بحاجة لأن تضع
تأريخها و لغاتها و حضاراتها بأقرب سلة للمهملات كي تنعم بنظام الخلافة،
ضاربين بعرض الحائط كل تجاربهم و ظروفهم و الخلافات الطائفية الإسلامية
ذاتها و المنعكسات التأريخية.



القومية التي نريد لا تنحو منحى التجربة البعثية التي تلغي التعددية
السياسية و تقيم حزب قومي واحد. القومية التي نؤمن بها هي إقامة دولة عربية
ذات عوامل منها:



أ- ثقافي:


1-أغلبهم ذوي إنتماء ديني واحد، بعكس بلدان تكون ذات آلاف الإنتماءات الدينية كالهند.


2-وجود عامل لغة مشتركة و دور حياتي مهم، و اللغة عامل مهم جدا.


ب- تأريخي:


1-تأريخ ما نسميه "الوطن العربية" يكاد يكون واحدا لأنه خضع لحكم مركزي
واحد لقرون عدة، و خضع لنظام و ثقافة حاكمة لمدة 1400 سنة، و خضع لأنتشار
العرب في هذه الرقعة (أو جلّها) منذ آلاف السنين. أي هناك خصوصية تأريخية
للمنطقة.


2-إنتقال الأسر العربية و القبائل العربية المستمر (حتى القرن التاسع عشر)
بين شرق الوطن العربي و مغربه، مما إنشأ نوعا من الوحدة السكانيّة.


ت- إقتصادي:


1-بعد دراسات عدّة، أثبتَ أن الدول العظمى الحديثة تحتاج لعوامل إقتصادية
هامة لكي تنمو و تزدهر على باقي الأصعدة كالعلمية و الحضارية، و من هذه
العوامل الإقتصادية هي:


-السوق الداخلية الكبرى:


و هذا ما يمثله الوطن العربي (و بعتبر أساس الإقتصاد الأمريكي) بنسماته
الثلاثمائة و ثماني و ثلاثين مليون مستهلك. و لن توجد هذه السوق إلا عبر
الوحدة العربية.


- المساحة الجغرافية الواسعة و تنوع الثروات الباطنية:


لقد أثبت أن أي دولة عظمى تحتاج لرصيد كبير من الثروات الباطنية المتنوعة
(حديد، فولاذ، بوكسيت، نحاس، ذهب، نفط، ألماس، فضة، كروم، غاز طبيعي) التي
يجب أن تؤمن لها إكتفاءً ذاتيا أو توازنا إقتصاديا يدعم الثورة الصناعية
التي يجب أن تطرأ في البلاد، و هذا لن يتحقق بأي قطر عربي (حتى لو أتحد مع
أوروبا) بل سيتحقق بالوحدة العربية، لأن لكل قطر عربي مميزاته الخاصة التي
تتم باقي الأقطار.


-الثروة النهرية:


يمتلك الوطن العربي أنهارا كبرى كالفرات و دجلة و النيل و أنهارا صغرى
كالعاصبي و الليطاني و غيرها، و أغلب هذه الأنهار مقسمة بين الأقطار
العربية مما يحد من فعاليتها بفضل السدود و إنتفاء التفاهم العربي بشأن
الري، و بالوحدة العربية يمكن إنشاء نظام ري متميز يحول الوطن العربي لمنتج
كبير للزراعة، لما لأراضيه من تنوع و خصوبة.


-الثروة البحرية:


يمتلك الوطن العربي سواحلا على كلٍ من الخليج العربي، بحر العرب، البحر
الأحمر (بل نملكه كله)، البحر الأبيض المتوسط، المحيط الأطلسي. الأمر الذي
يعني وجود ثروة سياحية و سمكية هائلتين، و كذلك ضمان الإرث الكبير من
الآبار النفطية البحرية المحتملة.


كما أن الوطن العربي يتميز على سيطرته على الكثير من المضائق البحرية
المهمة كمضيق "باب المندب" في اليمن، و مضيق "هرمز" في عُمان، و مضيق "جبل
طارق" بالمغرب، و قناة السويس التي تعتبر ثاني أهم مضيق بالعالم بعد مضيق
بنما.


ث- سياسي:


1-بوحدة الوطن العربي سيؤمن هذا تأسيس جيش نظامي هائل قد يصل لـ 15 مليون جندي و جنديّة و عدد ممتاز من الطائرات و الأسلحة الحديثة.


2-يكون للوطن العربي ثقل سياسي كبير يحمي العرب و ثقافتهم من الأطماع
الدولية المستمرة، المتمثلة بإيران أو الولايات المتحدة أو الصين أو
أوروبا. فمنطقتنا غنية، و لا حل إلا بوحدة عربية توازن القوى بيننا و بين
الطامعين.


3-الوحدة عامل سياسي و عسكري مهم بشأن القضية العربية الفلسطينية التي يمكن أن تحلها بشكل تام.


4-زوال الخلافات العرقية التي تقوم مع بعض الأقليات، لأنها سترغب يومها
بالبقاء مع الدولة العربية العظمى مع ضمان حق "الإتحادية" (الفيدرالية)
لها.




هذه العوامل، بالإضافة للزخم الحضاري و للدخل السياحي الكبير و لقوة الدولة
حتى و لو فرضت نظام ضرائبي بسيط، مما يمكنها من رعاية البرامج المدنية و
الحضارية. أعتقد أنها أسباب كافية حقا للعرب كي يتوحدوا، و يصنعوا هيكل و
مسببات الدولة العربية الواحدة، بغض النظر عن وجود أحزاب قومية أو لا، لأن
الدستور سيتكفل بمهمة الحفاظ على قومية الدولة و تماسكها و كذلك موازنته مع
الإنتماء الديني.


نريد دولة عربية إتحادية (فيدرالية) وفق النموذج الأمريكي مع ضوابط وحدوية
أكبر (وحدة المناهج و القانون مثلا) أما معضلة الإسلام فهي تهويمات و تضليل
لا حقيقة لها، و قد أوجدت بواسطة المدارس الأصولية الإسلامية و قادتها
المدرسة السلفية التي حولت الإسلام لضرورة شرطيّة لقيام أي دولة في العالم
العربي، علما أن الإسلام هو إختيار شخصي و إنتماء ثقافي، و أن من مصلحته أن
تكون له حظوة دستورية و حماية قانونية بدلا من أن يتحول القانون كله و
يتحمل الأخطاء الفردية للساسة و المسؤولين. يجب أن نرسي مفهوم "العلمانية
المحافظة" و هي العلمانية التي لا تقمع الدين و لا تسمح بصعود أحزاب سياسية
ذات طابع ديني أو طائفي بحت.


لا غنى للعرب عن الوحدة، لأن التجربة تثبت يوميا أنهم مستهدفون و من كل أمم
الأرض. و لا عجب، فمن يملك 70% من النفط و الغاز الطبيعي في العالم لا بد و
أن يكون مستهدفا.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
مفهوم الفكر القومي العربي
استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الفكر العربي
» مفهوم الانسان العربي الجديد
» مفهوم الصدق في النقد العربي القديم - الرسالة العلمية
» تحميل كتاب :تاريخ الفكر العربي إلى أيام ابن خلدون
» مفهوم الاخلاق في الشعر العربي في العصر العباسي الاول - الرسالة العلمية.pdf

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
شبكة سيدي عامر :: المنتديات العامه :: المنتدى العام-
انتقل الى: