علياء رحال
صلي على النبي صل الله عليه وسلم
| موضوع: البيت الحرام ساحة الفضل والرضوان 2013-10-15, 10:07 | |
| بسم الله الرحمن الرحيم
نحتفل في هذا اليوم جميعاً وأنتم والمسلمون جميعاً بخير منسك خصنا به الله هذا المنسك العظيم لو علمنا ما فيه من الخير والتكريم من المولى الكريم لباع كل واحد منا ما ملكت يداه وسارع متجرداً لزيارة الله في بيت الله
فإن الذي يذهب إلى هذه الأماكن لا يذهب من قبل نفسه وإنما بدعوة من ربه فإن الخليل لما أمره الجليل أن يبني هذا البيت فأعانه وبناه قال يا إبراهيم {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ{27} لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ{28} ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ{29} (27 - 29الحج)
قال: يا ربَّ وما يبلغ صوتي؟ قال: يا إبراهيم عليك الآذان وعلينا البلاغ فأمر الله الجبال أن تهبط والسهول والوديان أن ترتفع والأرواح التي لم يئن ميعاد خروجها إلى الدنيا أن تخرج وأسمع الجميع نداء الخليل
فوقف الخليل على جبل أبي قبيس المواجه للكعبة واتجه مرة جهة المشرق ومرة جهة المغرب ومرة جهة الشمال ومرة جهة الجنوب وفي كل مرة يقول { أيها الناس إن الله قد بني لكم بيتاً وأمركم بالحج فحجوا}
فقال الناس في أصلاب أبائهم وأرحام أمهاتهم وقلنا نحن مع الناس: لبيك اللهم لبيك. لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك لبيك منا من قالها مرة فقيد له الملائكة أن يزور البيت مرة ومنا من وفقه الموفق فرددها مرتين فكتب له حجتين ومنا من زاد على ذلك فقد ورد في الأثر { فَمَنْ أَجَابَ مِنْهُمْ مَرَّةً حَجَّ مَرَّةً وَمَنْ أَجَابَ مَرَّتَيْنِ حَجَّ مَرَّتَيْنِ وَعَلَى هَذَا يَحُجُّونَ بِعَدَدِ مَا أَجَابُوا وَمَنْ لَمْ يُجِبْ لَمْ يَحُجَّ}[1]
فلا يذهب إلى هناك إلا من لبى نداء الخليل ووفقه الجليل فذهب لزيارته عز وجل لأنه لا يُزار سبحانه إلا بإذنه ولا يذهب إليه ذاهب إلا بتوفيقه ولا يبلغ هذا المراد إلا من أراد الله سعادته في الدنيا والآخرة هؤلاء الذاهبون ماذا يطلبون وماذا يبغون؟ وما لهم عند الله؟
لم يسافروا رغبة في دنيا يريدونها أو في رياسة يتنافسون في الحصول عليها أو لأي متعة من متع الدنيا الفانية وإنما ذهبوا يحدوهم داعي المغفرة يطلبون غفران الذنوب ويطلبون ستر العيوب ويطلبون استجابة الدعاء ويطلبون الأمان من النار ويطلبون ضمان دخول الجنة مع الأبرار ويطلبون أن يكتبوا في كشوف الشفاعة عند النبي المختار ويطلبون أن يكونوا من الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه
ما أعظم ما يطلبون إن كل مطلب من هذه المطالب لو تدبرناه لو أنفق الإنسان فيه كل ما ملكت يداه كان قليلاً جداً جداً في جانب ما يحصل عليه من الله وبالله ربكم خبروني الذي يأخذ وسام المغفرة من الغفار ويغفر الله له كل ما في صحيفته من الذنوب والأوزار الصغار منها والكبار ماذا يساوي ذلك في عالم اليوم؟
لو كان يملك الدنيا بأجمعها ما استطاع أن يدفعها في ثمن هذه المغفرة لأن الله أنبأ عن قوم ملكهم الدنيا ليغرهم ويضرهم بها أنهم إذا كانوا يوم القيامة يود الواحد منهم {لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ{11} وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ{12} وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْويهِ{13} (11 - 13المعارج)
ولكن الله لا ينجيه لأنه خرج كافراً بالله أما هؤلاء القوم فيتفضل عليهم الغفار بالمغفرة قال صلى الله عليه وسلم {مَن حَجَّ هذا البيتَ فلم يَرْفُثْ ولم يَفْسُقْ رجَعَ كما ولَدَتْهُ أمُّه}[2]
وقد وعد العزيز الغفار المؤمنين فقال في محكم القرآن {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ{96} فِيهِ آيَاتٌ بَيِّـنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً}3 (96 - 97آل عمران)
من دخل هذا المكان وهذه الساحة من ساحات الفضل والرضوان كان آمناً من النيران وكان آمناً من سوء الخاتمة لحظة لقاءه بالله إذا قبل الله حجه فعلامة قبول الحج أن يؤمن الله صاحبه من دخول النيران ومن سوء الخاتمة لحظة مفارقته لهذه الأكوان وإقباله على الله ولعلكم تعجبون كيف يضمن الله له حسن الخاتمة ويضمن له الأمان من النار مع إنه يرجع إلى أهله ويعيش سنين قد تطول وقد تقصر
إن من تقبل الله حجه اتفق العلماء على أن الله يحفظه في بقية عمره من المعاصي والذنوب وخاصة الكبائر فعندما يريد أن يفعل ذنب أو يهم بكبيرة تلحقه عناية الله ويدركه توفيق الله وينطبق عليه قول الله {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ} الأعراف201
فلا يقع في الذنب ولا يفعل المنكر حتى إذا جاء ميعاده للقاء الله وفقه الله في أوقاته الأخيرة لطاعة الله وللعمل الصالح المقرب إلى الله فيخرج من الدنيا في أبهى حلل الشوق إلى الله والرغبة في لقاء الله فيتحقق فيه وله وعد الله {وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً} 3آل عمران97
أما الذي يرجع من الحج على غير الصراط المستقيم والهدى القويم فهذا والعياذ بالله ممن لم يتقبل الله حجه لأنه خرج للرياء أو للسمعة أو ماله فيه شبهة فمن حج بنفقة حلال وطلب رضاء ذي الجلال وكان عمله خالصاً للواحد المتعال تقبل الله حجه ووفقه في جميع عمره حتى يلقى الله وهو آمناً مطمئناً {يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ} إبراهيم27
وعلامات هذا الحج المقبول أن يخرج صاحبه من هنا وهو على يقين من أنه مسافر إلى الدار الآخرة وعلى أنه خارج لا يعود فعندما يخرج من بيته يودع أهله الوداع الأخير ويتذكر بركوبه حمله في نعشه وبوقوفه على عرفات وجوده في عرصات القيامة وبسعيه بين الصفا والمروة تردده بين كفتي الميزان قال صلى الله عليه وسلم {مَن حَجَّ هذا البيتَ فلم يَرْفُثْ ولم يَفْسُقْ رجَعَ كما ولَدَتْهُ أمُّه}
[1] حاشية الجمل مراح لبيد للنووى الحاوى كنز الدقائق لعبد الله أحمد النسفى عن مجاهد [2] رواه الدار قطنى في سننه وأحمد في مسنده والبخاري في صحيحه عن أبي هريرة [url=http://www.fawzyabuzeid.com/table_books.php?name=%C7%E1%CE%D8%C8 %C7%E1%C5%E1%E5%C7%E3%ED%C9_%CC6_%C7%E1%CD%CC %E6%DA%ED%CF %c7%e1%c3%d6%cd%ec&id=75&cat=3]http://www.fawzyabuzeid.com/table_books.php?name=%C7%E1%CE%D8%C8%20%C7%E1%C5%E1%E5%C7%E3%ED%C9_%CC6_%C7%E1%CD%CC%20%E6%DA%ED%CF%20%C7%E1%C3%D6%CD%EC&id=75&cat=3[/url] منقول من كتاب [الخطب الإلهامية_ج6_الحج وعيد الأضحى] اضغط هنا لتحميل الكتاب مجاناً |
|