كلمة شهر شعبان للشيخ العدني المشهور

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن
والاه أما بعد أقدم تحياتنا وسلامنا إلى كل من تعهد هذا الموقع وخاصة مع
موضوع الشهر وموضوع شهرنا حول مايتعلق بإعادة الاعتبار للقراءة التاريخية
الشرعية للمناسبة فنحن نعتقد أن الأمة المحمدية قد مرت بمراحل معينة
ومستهدفة لإسقاط هذا الاعتبار فالكثير من شعوب المسلمين خلال قرن من
الزمان أو زيادة نشئو على أساليب تعليمية وفكرية وسياسية ربما قد نحت
بالمثقف والمتعلم المسلم إلى نسيان كل ما يتعلق بالثقافة الشرعية لمعرفة
التاريخ ونقول التاريخ بالهمز وهو الوعاء الزمني إلى الأحداث الشرعية
والتاريخ بلا همز هي الوقائع التي تخصنا نحن أمة محمد وتربطنا بكثير من
التحولات التي رسمت في مرحلتي مكة والمدينة وما بعد ذلك من الجوانب
الشرعية في معرفة السير التاريخي للأشهر العربية التي استوعبت حركة الدعوة
الإسلامية في عصر النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وإضاعة هذا الاعتبار
كانت لظروف شتى ولأسباب متنوعة ربما أساس هذا الأمر يرجع إلى حديث
الإعرابي الذي سأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقال له: يا رسول الله
متى الساعة؟ فسكت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم سأل عن الرجل
السائل عن الساعة، فقال: أنا يا رسول الله، فقال: إذا ضيعت الأمانة فانتظر
الساعة، فقال يا رسول الله كيف إضاعتها؟ قال: إذا وسد الأمر إلى غير أهله.
وهذا الحديث الصحيح يشير بلا خلاف إلى أن الأمة الإسلامية تتعرض إلى إضاعة
معاني الأمانة بتدرج وبتنوع.
نحن هنا لسنا يصدد الحديث عن الأمانة وما
الذي نقض منها ولكن على فرع من الأمانة التي نوقضت والتي أضيعت وهي مسألة
الاعتناء بالأوعية الشرعية الزمنية من حيث التاريخ الزمني ككتابة التاريخ
الهجري فإذا نظرنا إلى شهر شعبان أو مثلاً لبعض الأشهر العربية التي قد
نسيها الناس ولم يعد يؤرخ أحد بها وربما لم يشتغل أحداً بأخبارها وما فيها
من الأفكار وما فيها من الأخبار فكيف عندما ننظر إلى هذه الأوعية وهي قد
تُركت منهجيتها التعليمية أو الدعوية التي تخصها وأشتغل الناس بالأوعية
الزمنية الإفرنجية باعتبار التصاقها بالعمل الإداري وبالوظائف وباستلام
المرتبات وإلى غير ذلك، وليس مقصودنا هنا أن ننفي أهمية الأوعية الزمنية
الإفرنجية بل نحن نضع المعادلة الشرعية بمسألة الاعتبار الذي ذهب أو أنتزع
من التاريخ العربي وإيجاد البديل الذي ليس بمناسب في كل الأحوال فأن كان
مناسباً في شأن معين من شؤون الحياة المادية أو التأثر بالعالم الآخر من
حيث الاستفادة من الرسم الإداري أو الرقم الحسابي أو غير ذلك فأننا نحن
أيضاً أمة لنا تفرداننا في ما يتعلق بأوعيتنا الزمنية التي تربطنا
بثقافتنا الإسلامية ودعوتنا المحمدية من هنا نحتاج وبصراحة وبوضح تام أن
نذكر الشعوب المسلمة والأجيال المحمدية التي نراها الآن مستسلمة لكل ما
يأتي به الآخر لحياتها ويسلخ عنها كل مرة وفي كل مرحلة الاعتناء والاهتمام
بشيء من هذه الأمانات وكما يقول المثل العربي:" أتسع الخرق على الراقع"
ولكن لا نألو جهداً ما دام لدينا مثل هذا المنبر أن نذّكر العقلاء
والراغبين في معرفة الثغرات التي دخل منها الشيطان وأتباعه لإضاعة أوعيتنا
الزمنية وما يترتب على الأوعية الزمنية والأوعية الزمنية كما ذكرنا لكم هي
الأشهر ولكن لسنا بصدد التاريخ الزمني نحن بصدد الوقائع الشرعية التي جرت
في الوعاء الزمني وهي المهمة، والمهمة تقتضي أن نعرف شهر شعبان كوعاء
زمني، شهر شعبان عرفه العرب منذ الزمن القديم فكيف نستطيع أن نقرأ شهر
شعبان في الجاهلية ثم نقرأ شهر شعبان في الإسلام، فمنذ انتقال العالم إلى
مرحلة أقرأ بعد نزولها على النبي صل الله عليه وآله وسلم في غار حراء صارت
القراءة الشرعية الزمنية لمرحلة مكة والمدينة تقتضي تسجيل الحوادث
والأحداث والوقائع التي رسمها الوحي والإلهام المحمدي عن هذه المسيرة
الزمنية وما يدور حولها من التاريخ والأخبار والآثار والقيم وتطبيقات
الوحي من الكتاب والسنة، فلا يعني على الإطلاق أن نتعامل مع الشهر العربي
كشعبان دون أن نفهم قاموسه العلمي والشرعي ومن فضل الله تعالى أن هذه
الأمة قد مُلأت كثير من مراجعها الشرعية سواء كان الحديث أو التفسير أو
السير بما يملأ الوقائع والأحداث والأزمنة بأخبار النبي صلى الله عليه
وآله وسلم وما ترتب على فعل النبي وعلى قوله وعلى تقريره خلال هذه الأشهر
الطيبة المباركة، من هنا نعتقد أن حاجة المسلمين إلى النظر الواعي إلى
الأوعية الزمنية وقرأتها قراءة معرفية مفصله يمكن بها فهم علاقتنا كمسلمين
بشهر شعبان على سبيل المثال ثم برمضان وغيره من الأشهر وأيضاً ندين ((إن
صحت العبارة)) تلك العقول التي هندست الفرقة والنظرة السوداوية للمناسبة
الإسلامية والأوعية الزمنية الشرعية بما يُنسج بأسلوب أو بآخر للمفاهيم
الضبابية حول المناسبة وحول تطبيقات المسلمين لبعض المناسبات، فشهر شعبان
مثلاً نجد أن كثير من المسلمين عبر تاريخهم يحتفلون ويعتنون بالنصف منه
وهذا مثال من الأمثلة وصار في هذا النصف تقليد تطبيقي في كثير من بلاد
المسلمين وتعظيم لهذا اليوم وإعطاء تلك الليلة شيء من التفردات وشيء من
الاعتناء والاهتمام من الأدعية ومن الأذكار ومن الاجتماعات التي تعكس
اهتمام المسلمين عبر تاريخهم بهذه المناسبة، عندما جاءت مرحلة النقض
ومرحلة القبض في العالم العربي والإسلامي بعيد الحرب العالمية الثانية
وبعد تقسيم بلاد المسلمين وتجزئتها سياسياً وجغرافياً وبدء دخول سياسة
النقض والقبض في كل شيء، رأينا ووجدنا هذه الآراء الغريبة التي تدمغ وتدين
نماذج الاحتفالات والاهتمامات كمثل ليلة النصف من شعبان كواحد من الأمثلة
التي يتكلم عنها بأسلوب غريب وبفكر مريب ووصلت بعض الفئات التي تتناول هذا
الأمر مرتبطة بمرحلتها أن تصل إلى درجة إشاعة التكفير والتشريك إلى كل من
يمارس بعض الطقوس الدينية والاحتفالات الشرعية سواء كانت احتفالات بنموذج
الأذكار والصلوات على الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم أو الصيام أو غير
ذلك مما أدخل المسلمين في زوبعة لم يستفد منها على الإطلاق أحد.
من هنا
نحن في هذه العبارات التي نضعها في هذا لمنبر نتمنى ونسأل الله سبحانه
وتعالى أن يوجه عقول المسلمين والمسلمات والشعوب المؤمنة ومن هيئهم الله
لأجل جمع كلمة الأمة أن يعيدوا النظر أولاً في هذه المناسبة وتاريخاً
ومعلومات مسندة وموثقة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم وأن يستعيدوا شرف
المناسبات كنصف شعبان من خلال القراءة الواعية من خلال ما ورد في الكتاب
وفي السنة وأقصد السنة الصحيحة الموثقة عن شرف هذه المناسبة وما ينبغي أن
يعمل فيها، وقد ذكرنا في بعض الكتب وبعض المحاضرات أن المناسبة تنقسم إلى
ثلاثة أقسام ولن أطيل النفس فيها بل ربما تكلمنا عن هذا الموضوع في مكان
آخر وهو أن المناسبة تنقسم إلى ثلاثة أقسام مناسبة أساسية، ومناسبة
قياسية، ومناسبة سياسية، فالمناسبات السياسية للأسف هي التي كانت سبباً في
دحض ومسخ واجتثاث مناسباتنا الأساسية والقياسية، وأما المناسبات الأساسية
فهي معروفة وهي كثيرة ومعلومة ولا تحتاج إلى بيان، أما المناسبة القياسية
فهي ما نتكلم عنه الآن في مثل نصف شعبان أو ميلاد النبي محمد صلى الله
عليه وآله وسلم أو الاحتفال بالهجرة أو الاحتفال بالإسراء والمعراج فهذه
مناسبات قياسية بلا شك ربما لأنها لم تكن كما يقال في عهد النبي صلى الله
عليه وآله وسلم من حيث الإقامة التي يجتمع عليها الناس ويعطوها مثال متفرد
ولكن هي تدخل تحت المناسبة الإسلامية القياسية التي لا شك أنها إذا نظرنا
إليها من حيث المنهج العلمي والمنهج التعليمي والمنهج الدعوي فهي جزء من
تاريخنا الشرعي ومن علمنا المشروع الذي نملأ فيه الفراغ الزمني والفراغ
الفكري مع مسيرة الأوعية الزمنية للأشهر المتنوعة والتي هي تعتبر جزء من
حصص وتوزيع المعلومات الشرعية في عقل المسلم كبيراً أو صغيراً ذكراً أو
أنثى، أتمنى أن أكون قد لخصت الفكرة للقارئ سائلاً المولى أن يسمح لنا في
وقت آخر أن نعطي مثل هذه الفكرة نموذج أو مساحة أوسع ليتفهم الأخوة
المسلمون جميعاً كيف دخل علينا الغزو الفكري سواء كان خارجياً أو داخلياً
لينسف أو ليجتث كثيراً من الاهتمامات بالأوعية الزمنية وما فيها من منهجية
شرعية للأمة المحمدية وأيضاً نتمنى أن يهيأ الله من أولئك الذين يقعون
فريسة لهذه الأفكار أن يعيدوا النظر وأن يعتدلوا في المعالجة ولا يخرجون
من دائرة الإفراط والتفريط ولا من دائرة التفريط إلى الإفراط وليدعوا إلى
منهج التوسط والاعتدال الذي هو خير ما أبقاه هذا الدين وهو خير ما ينقذنا
في مراحل التحول والطوفان الذي نراه يكتسح العالم العربي والإسلامي بأيدي
أعداء الأمة ومن سار في دربهم، نسأل الله السلامة لنا وللأمة أجمعين ،
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
قالها أبو بكر العدني من موقع الغرباء

شكرا لك موضوع مميز جدا

مرسي