بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي علي سيدنا محمد وعلي اله وسلم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الخروج من الصلاة بتسليمة واحدة
الخروج من الصلاة بالسلام واجب عند جمهور الفقهاء على التفصيل الذ ي يحكيه ابن رشد الحفيد في بدايته حيث قال: " اختلفوا في التسليم من الصلاة فقال الجمهور بوجوبه وقال أبو حنيفة وأصحابه: ليس بواجب . والذين أوجبوه منهم من قال : الواجب على المنفرد والإمام تسليمة واحدة ومنهم من قال اثنتان
فذهب الجمهور مذهب ظاهر حديث علي وهو قوله عليه الصلاة والسلام فيه : "وتحليلها التسليم" . ومن ذهب إلى أن الواجب من ذلك تسليمتان فلما ثبت من "أنه عليه الصلاة والسلام كان يسلم تسليمتين" وذلك عند من حمل فعله على الوجوب. واختار مالك للمأموم تسليمتين والإمام واحدة وقد قيل عنه : إن المأموم يسلم ثلاثا: الواحدة للتحليل والثانية للإمام والثالثة لمن هو عن يساره "[1] .
ويشير بالوجوب إلى الإمام أحمد رحمه الله الذاهب إلى أن الخروج من الصلاة يكون بالتسليمة الثانية، ومقتضاه أن من سلم من المأمومين قبل الثانية تبطل عليه الصلاة، ومن أدلة الخروج من الصلاة بتسليمة واحدة:
- حديث عائشة رضى الله عنها: فعَنْ هِشَامٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَبِي أَوْفي عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: {كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا أَوْتَرَ بِتِسْعِ رَكَعَاتٍ لَمْ يَقْعُدْ إلَّا فِي الثَّامِنَةِ، فَيَحْمَدُ اللَّهَ وَيَذْكُرُهُ وَيَدْعُو ثُمَّ يَنْهَضُ وَلَا يُسَلِّمُ ثُمَّ يُصَلِّي التَّاسِعَةَ فَيَجْلِسُ فَيَذْكُرُ اللَّهَ وَيَدْعُو ثُمَّ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً يُسْمِعُنَا، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ، فَلَمَّا كَبُرَ وَضَعُفَ أَوْتَرَ بِسَبْعِ رَكَعَاتٍ لَا يَقْعُدُ إلَّا فِي السَّادِسَةِ، ثُمَّ يَنْهَضُ وَلَا يُسَلِّمُ فَيُصَلِّي السَّابِعَةَ، ثُمَّ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ}. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ، وَفِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ {ثُمَّ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَرْفَعُ بِهَا صَوْتَهُ حَتَّى يُوقِظَنَا} .
- حديث ابن عمر رضى الله عنه ، فعنه قَالَ: {كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَفْصِلُ بَيْنَ الشَّفْعِ وَالْوِتْرِ بِتَسْلِيمَةٍ يُسْمِعُنَاهَا} [2] .
عمل كثير من الصحابة والتابعين، ذكر ابن أبي شيبة جمعا منهم (أكثر من ستة عشر)[3]
ونقل النووي في المجموع عن ابن المنذر قال: "وقالت طائفة يسلم تسليمة واحدة قاله ابن عمر وانس وسلمة بن الأكوع والأوزاعي . قال ابن المنذر وقال عمار بن أبي عمار: كان مسجد الأنصار يسلمون فيه تسليمتين ، ومسجد المهاجرين يسلمون فيه تسليمة"[4]
وهذا في مقابل ورود أدلة صحيحة في التسليم مرتين، وهو قول بعض المالكية، كما في عقد الجواهر لابن شاس.
واختار جمهور المالكية التسليمة الواحدة للأدلة السابقة، وأيضا - والله أعلم - خوفا من مبادرة بعض المأمومين للتسليم وراء الإمام بعد التسليمة الواحدة، فيقع في سبق الإمام المنهي عنه، ولذلك استحبوا حذف الإمام للتسليمة أ ي الإتيان بها دون تطويل ولا م د لها.
وأما زيادة لفظ "ورحمة الله وبركاته" الوارد في بعض الروايات فقد قال الخرشي: "وَلَا يَضُرُّ زِيَادَةُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ ; لِأَنَّهَا خَارِجَةٌ مِنْ الصَّلَاةِ وَظَاهِرُ كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِسُنَّةٍ وَإِنْ ثَبَتَ بِهَا الْحَدِيثُ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَصْحَبْهَا عَمَلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ كَالتَّسْلِيمَةِ الثَّانِيَةِ لِلْإِمَامِ وَالْفَذّ" .
وفي حاشية الدسوقي على الدردير "وَلَا يَضُرُّ زِيَادَةُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ لِأَنَّهَا خَارِجَةٌ عَنْ الصَّلَاةِ وَظَاهِرُ كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ أَنَّهَا غَيْرُ سُنَّةٍ وَإِنْ ثَبَتَ بِهَا الْحَدِيثُ لِأَنَّهَا لَمْ يَصْحَبْهَا عَمَلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ بَلْ (...) الْأَوْلَى الِاقْتِصَارُ عَلَى السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَأَنَّ زِيَادَةَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ هُنَا خِلَافُ الْأَوْلَى".
ويتلخص من هذا أن الخروج من الصلاة يكون بتسليمة واحدة، بلفظ: السلام عليكم. وأن هذا هو المشهور والذ ي به العمل عند المالكية، ولا يضر زيادة " ورحمة الله وبركاته.