[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة] روى الإمام مالك: أنه بلغه أن لقمان الحكيم أوصى إبنه فقال: "يا بني جالس العلماء وزاحمهم بركبتيك فإن الله يحيي القلوب بنور الحكمة، كما يحيي الله الأرض الميتة بوابل السماء". هذا
البلاغ المروي عن لقمان الحكيم، أخرجه الإمام مالك رحمه الله تعالى، في
الموطأ في كتاب العلم، باب ما جاء في طلب العلم، و لم يرو في هذا الكتاب
غيره.
ولعل السبب هو ما أشار إليه إبن العربي، في شرحه لموطأ مالك في كتابه المسمى: " المسالك في شرح موطأ مالك"
قال رحمه الله تعالى: قد أكثر الناس في هذا الباب بأحاديث كثيرة لا يصح
أكثرها و لذلك لم يجد مالك رحمه الله تعالى ما يدخل غير هذا (1). و مع ذلك
فإن الواردة في الترغيب في طلب العلم كثير قرانا و سنة.
وقال أبو الوليد الباجي: شارحا هذه الوصية من العبد الصالح لقمان لابنه،
"جالس العلماء و زاحمهم بركبتيك " يريد القرب منهم بمجالسته لهم حتى يأخذ
بأيديهم، و يتعلم من حكمتهم، و لا يفوته من قولهم ما يفوت من بعد عنهم و إن
كان مجالسا لهم(2).
"فإن الله يحيي القلوب بنور الحكمة " ذهب بعض الشراح إلى أن المقصود
بنور الحكمة التي تحيي القلوب هو الإيمان و الطاعة و الخشوع أي الجانب
التربوي الإيماني و بعضهم ذهب إلى الجمع بين التربوي و الفكري العلمي و هو
قول حسن قال الزر قاني: هي تحقيق العلم و إتقان العمل (3)،
و قال النووي في قوله تعالى: و لقد آتينا لقمان الحكمة " فيها أقوال
كثيرة منها أن العلم المشتمل على معرفة الله تعالى مع نفاذ البصيرة و تهذيب
النفس و تحقيق الحق للعمل و الكف عن ضده و الحكيم ما حاز ذلك (4).
و قال ابن عبد البر شارحا لنا هذه الوصية، مشيرا إلى قضية عن الأهمية
بمكان و هي دور مجالس العلم و العلماء في محاربة العنف و التطرف . قال رحمه
الله و روينا عن أسد بن موسى عن بكر بن خنيس عن ضرار بن عمرو عن محمد بن
سرين قال: إن قوما تركو ا طلب العلم، ومجالسة العلماء و أخذو في الصلاة و
الصيام حتى يبس جلد أحدهم على عضمه ثم خالفوا السنة، فهلكوا و سفكوا دماء
المسلمين، فو الذي لا إلاه غيره ما عمل أحد عمل على جهل إلا كان يفسد أكثر
مما يصلح (5) .
1-المسالك في شرح موطأ مالك: أبو بكر بن العربي المعافري: ت 543 هـ ج 7 ص 600- 601 ط دار الغرب الإسلامي.
2- المنتقى شرح الموطأ: القاضي أبو الوليد الباجي ت 494 . المجلد 7 ص 518- 519ط دار الكتب العلمية .
3-شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك. محمد بن عبد الباقي الزرقاني ت 1122 هـ ج 4 ص 553 دار الكتب العلمية .
4- نفس المصدر
5- الاستذكار: الحافظ : أبو عمر بن عبد البر . ت 463 ج 8 ص 616 ط دار الكتب العلمية .