تربية الأبناء مسؤولية عظيمة و حساسة للغاية خاصة في وقتنا الحاضر، و ذلك
نظراً لكثرة المتغيرات و الأحداث و انفتاح العالم و تغير المفاهيم، و من
الأساليب السليمة التي يجب التزامها في تربية الطفل ما يلي:
1) الثبات في معاملة الطفل:
ما المقصود بذلك؟: هو أن يلتزم المربي بما علمه للطفل من صحة أو خطأ في الأمور و الأفعال.
لأن الطفل بحاجة لمعرفة ما هو مطلوب منه و ملزم به، و يحدث ذلك عن طريق
ثبات المربي على ما سطره للطفل من تلك اللوائح و النظم البسيطة و التي
تُشرح للطفل و تُفسر أيضاً، حتى يقتنع بها و يسهل عليه اتباعها، مع وجوب
تذكيره بها كلّما تهاون أو تغافل عن تطبيقها.
فالتساهل معه فيها اليوم و إلزامه بها غداً يسبب له الارباك و يجعله غير قادر على تحديد ما هو مقبول منه و ما هو مرفوض.
و ذلك ما يحدث عادة بين الأب و الأم من تذبذب، كأن تلزم الأم الولد بأمر و
يعفيه منه الأب، فذلك يوقع الطفل تحت ضغط نفسي يدفعه لارتكاب الأخطاء.
2) العدل بين الإخوة:
"
يتعامل الكبار أحياناً مع الإخوة بدون عدل، و ذلك بتفضيل طفل على آخر
سواءً لذكائه أو حسن خلقه الفطري أو لأنه ذكر، مما يزرع في نفس الطفل
إحساساً بالغيرة اتجاه إخوته، و يعبر عن هذه الغيرة بالسلوك الخاطئ و
العدواني تجاه الأخ المدلل بهدف الانتقام من الكبار، و هذا الأمر حذرنا
منه رسولنا الكريم محمد عليه الصلاة و السلام."
و ينطبق الكلام السابق حيثما وجد الأطفال في اتصال يومي، كالمدرسة أو الروضة.
فالعدل بين أفراد المجمتع الطفولي يلعب دور رئيس في التكوين النفسي السليم
للطفل. لذا وجب على كل من يرعى الأطفال العدل بينهم بل محاولة إزالت
الفوارق التي قد تخلق في نفس الطفل لشعوره بالتميز على حساب أصدقائه لأي
سبب، و ليس بتغطية التميز في نفسه أو تدميره و لكن بالبحث عن التميز في
غيره من الأطفال و تشجيع الجميع مع تصحيح مفهوم التميز في أذهانهم.
3) الاتزان في التوجيه و العقاب (الصرامة و الشدة):
الصرامة و الشدة من أخطر الأساليب على الطفل إذا
بولغ فيهما، فالحزم مطلوب في المواقف التي تتطلب ذلك فقط، دون الوصول إلى
التعنيف الشديد، لأن ذلك يزيد من تعقيد المشكل و تفاقمه خصوصاً إذا اقترن
قبيح الكلام بالضرب.
فالعقاب غير المتزن للطفل يؤدي إلى فقدانه الشعور بالأمان و اهتزاز ثقته
بنفسه إن لم نقل فقدانها، كما أن الغلو في الصرامة و الشدة تجعل الطفل
يخاف المربي و يظهر له الاحترام ساعة المشكلة فقط أي خوف مؤقت، لن يمنعه
من تكرار فعله.
أمّا تعليل الكبار لقسوتهم برغبتهم في دفع الصغير إلى المثالية في السلوك
و المعاملة و الدراسة غير مقبول، لأن تلك القسوة قد تؤدي إلى رد فعل عكسي،
فيكره الطفل الدراسة و يمتنع عن تحمل أي نوع من المسؤولية كما قد يصاب
بالبلادة، و قد يؤدي هذا الضغط إلى الكبت و الذي ينعكس في التصرف المخل و
العدواني تجاه الآخرين، أو يظهر في انفجارات الغضب الحادة التي يبدو سبب
حدوثها تافه.
4)اجتناب الدلال المفرط و التسامح في غير وقته:
الدلال المفرط و التسامح الدائم سلوكان لا يقلان
خطورة عن الصرامة و الشدة "فالمغالاة في الرعاية و الدلال يجعل الطفل غير
قادر على تكوين علاقات اجتماعية ناجحة مع الآخرين، أو تحمل المسؤولية و
مواجهة الحياة، لأنه لم يمر يتجارب كافية ليتعلم منها، و ليس المقصود هنا
أن يفقد الأبوان التعاطف مع الطفل و رحمته، و هذا ما لا يمكن حدوثه لأن
قلبيهما مفطوران على حبه،و لكن هذه العاطفة تصبح أحياناً سبباً في تدمير
الأبناء حيث يتعامل الوالدان مع الطفل بدلال زائد و تساهل بحجة رقة
قلبيهما و حبهما لطفلهما، مما يجعل الطفل يعتقد أنّ كل شيء مسموح و لا
يوجد شيء ممنوع، لأن هذا ما يجده في بيئته الصغيرة -البيت- و لكن إذا ما
كبر و خرج إلى بيئته الكبيرة -المجتمع- و واجه القوانين و الأنظمة التي
تمنعه من ارتكاب بعض التصرفات ثار في وجهها و قد يخالفها دون مبالاة،
ضارباً بالنتائج السلبية عرض الحائط."
فالاتزان في معاملة الطفل هو أساس تربيته الصالحة.
عن كتاب فن التربية للدكتور عمرو حسن أحمد بدران.